أظهرت البيانات الرسمية الصادرة اليوم الجمعة أن مبيعات التجزئة في بريطانيا سجلت ارتفاعًا غير متوقع بنسبة 0.5% خلال سبتمبر أيلول 2025، متجاوزة توقعات خبراء الاقتصاد الذين استطلعت وكالة رويترز آراءهم، والذين توقعوا انخفاض المبيعات بنسبة 0.2% مقارنة بالشهر السابق.

وعلى أساس سنوي، شهدت مبيعات التجزئة ارتفاعًا قدره 1.5% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، فيما كانت التقديرات تشير إلى زيادة بنسبة 0.4% فقط، ما يعكس أداءً أفضل من المتوقع لقطاع الاستهلاك في المملكة المتحدة خلال الفترة الماضية.

وحسب المحللين، فإن الأجواء الدافئة والمشمسة بشكل غير معتاد خلال أشهر الصيف، إلى جانب الفعاليات الرياضية المحلية والدولية، أسهمت في دعم حركة التسوق، خاصة في فئات الملابس والمستلزمات الترفيهية، ما انعكس إيجابًا على حجم المبيعات والتدفقات النقدية في القطاع.

وأشار التقرير إلى أن أداء مبيعات التجزئة تفاوت بين الشركات الكبرى، حيث رفعت سلسلة تيسكو، أكبر سلسلة متاجر لبيع المواد الغذائية في بريطانيا، توقعاتها لأرباحها السنوية، معبرة عن تفاؤلها بموسم عيد الميلاد القريب، بينما سجلت سلسلة المخابز والوجبات السريعة غريغز تباطؤًا إضافيًا في نمو المبيعات. وفي المقابل، حذرت سلسلة الخصومات الشهيرة بي آند إم من انخفاض متوقع في الأرباح مرتين خلال أقل من ثلاثة أسابيع، ما يعكس تحديات متفاوتة في الأداء بحسب القطاع والفئة الاستهلاكية.

وأكدت البيانات أن ثقة المستهلكين في المملكة المتحدة شهدت ارتفاعًا طفيفًا لشهر أكتوبر تشرين الأول، وفقًا لأحدث استطلاع أجرته مؤسسة الأبحاث جي إف كيه، لتصل إلى أعلى مستوى مشترك منذ أغسطس آب 2024. وأوضح خبراء الاقتصاد أن هذا التحسن النسبي في الثقة لا يزال محدودًا، في ظل استمرار ضعف الإنفاق الاستهلاكي العام، وارتفاع معدلات الادخار نتيجة الضغوط التضخمية التي شهدها الاقتصاد البريطاني في 2022، إلى جانب المخاوف من زيادات ضريبية محتملة مع الإعلان عن موازنة نوفمبر تشرين الثاني المقبلة.

وقال جوناثان سميث، محلل الأسواق في بنك لندن للاستثمار، إن "الارتفاع الحالي لمبيعات التجزئة يعكس قدرة السوق على التعافي من بعض الضغوط الخارجية، لكنه لا يشير بعد إلى تحسن مستدام في القوة الشرائية للمستهلكين، خاصة مع استمرار عدم اليقين الاقتصادي والسياسي".

ويأتي هذا النمو في مبيعات التجزئة على خلفية جهود الحكومة البريطانية لدعم الاقتصاد عبر سياسات تحفيزية محدودة، بالإضافة إلى استمرار الإقبال على العروض والخصومات الموسمية، والتي ساعدت في تعزيز حجم المبيعات رغم تباطؤ مستويات الاستهلاك في بعض القطاعات.

وعلى المدى المتوسط، يرى خبراء الاقتصاد أن استمرار الأداء الإيجابي لمبيعات التجزئة يعتمد على استقرار أسعار الطاقة والغذاء، وارتفاع الأجور الحقيقية، وتحسن سوق العمل، إلى جانب قدرة الأسر على الحفاظ على إنفاقها الاستهلاكي وسط ضغوط التضخم والادخار المرتفع.