يستعد الصندوق السيادي النرويجي، الأكبر في العالم، لإجراء مراجعة شاملة للإطار الأخلاقي الذي يحكم استثماراته، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والحرب في غزة، وما تفرضه من تحديات على التوازن بين المصلحة الوطنية والقيم الأخلاقية في إدارة هذا الكيان الاستثماري العملاق.
مراجعة الإطار الأخلاقي
قال وزير المالية ينس ستولتنبرغ خلال كلمة ألقاها أمام البرلمان النرويجي يوم الخميس: "لقد حان الوقت لمراجعة الإطار الأخلاقي والممارسات المرتبطة به لضمان تحقيق توازن جيد بين الاعتبارات المهمة".
ويهدف هذا التحرك إلى ضمان أن يواصل الصندوق دوره الاستثماري العالمي مع الالتزام بالمعايير الأخلاقية التي تعكس قيم المجتمع النرويجي.
التوازن بين العوائد والقيم
يُعد الصندوق السيادي النرويجي الأكبر عالميًا، حيث يمتلك أسهماً في نحو 9 آلاف شركة حول العالم. وقد حذّرت لجنة حكومية عام 2022 من أن الصندوق سيواجه معضلات أخلاقية متزايدة التعقيد نتيجة للمتغيرات العالمية.
ومنذ ذلك الحين، تخلّى الصندوق عن استثماراته في عدد من الشركات الإسرائيلية، استجابةً للغضب الشعبي من ارتباط تلك الشركات بالحرب في غزة.
وأشار ستولتنبرغ، الذي شغل سابقاً منصب رئيس وزراء النرويج والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى وجود تناقضات عملية تواجه الحكومة، إذ تشتري النرويج أسلحة دفاعية من شركات تم استبعادها من الصندوق بسبب إنتاجها للأسلحة النووية، وهي أسلحة تعدّ جزءاً أساسياً من استراتيجية الردع في الناتو الذي تنتمي إليه النرويج.
الصندوق مستثمر مالي لا أداة سياسية
تسلّط الحرب الروسية الأوكرانية والحرب في غزة، إضافة إلى التوترات التجارية العالمية، الضوء على التحديات المتزايدة أمام الصندوق السيادي في كيفية الاستثمار بمسؤولية مع الحفاظ على تحقيق أفضل العوائد المالية.
وأكد ستولتنبرغ أن البرلمان النرويجي يتحمّل مسؤولية ضمان إدارة الصندوق بما يتوافق مع القيم الوطنية، مشدداً في الوقت نفسه على أن الصندوق يجب ألا يُنظر إليه كـ أداة سياسية، حتى يواصل الحفاظ على مصداقيته ووصوله إلى الأسواق العالمية.
إدارة الصندوق وآليات الرقابة الأخلاقية
تدير مؤسسة "نروغيس بنك إنفستمنت مانجمنت" (Norges Bank Investment Management) الصندوق بموجب تفويض من البرلمان، ضمن إرشادات أخلاقية صارمة تشمل قضايا مثل الألغام الأرضية وتغيّر المناخ.
ويُشرف على الصندوق مجلس أخلاقي خارجي يقوم بتقييم المحفظة الاستثمارية بانتظام، ويقدّم توصيات باستبعاد أو مراقبة الشركات التي قد تتعارض أنشطتها مع المبادئ الأخلاقية النرويجية.
0 تعليق