المسيحية , يتكرر بين الشباب سؤال يشغل الأذهان ويثير الجدل: هل الحب قبل الارتباط حلال أم حرام؟ ، وهو تساؤل مشروع في ظل تعقيدات الحياة العاطفية المعاصرة. في هذا السياق، قدم البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل، رؤية متزنة وواضحة لهذا الموضوع خلال إحدى عظاته، موضحًا الفرق بين الحب الحقيقي والارتباط العاطفي غير الناضج.
الحب اللائق قبل الزواج في المسيحية : حلال ومبارك
بحسب ما أوضحه البابا شنودة، فإن الحكم على الحب لا يكون من خلال وجوده قبل الزواج أو بعده، بل من خلال طبيعة هذا الحب ومعناه فقد قال بوضوح:
“لو كان الحب عاطفة تربط بين اتنين بشكل لائق، يبقى حلال، أما لو كان حب من نوع آخر، فده مش حلال.”
هذا يعني أن الحب في حد ذاته لا يُعد خاطئًا أو مرفوضًا، ما دام نقيًا، خاليًا من الانحرافات أو العلاقات الجسدية غير المشروعة، ومحاطًا بالاحترام المتبادل والنية الصادقة في التوجه نحو ارتباط رسمي. المسيحية لا ترفض المشاعر الإنسانية، بل تدعو إلى توجيهها في المسار السليم الذي يحفظ كرامة الإنسان ويصون قدسية العلاقة.
الحب قبل الزواج أم بعده؟ أيهما الأفضل في المسيحية ؟
سؤال آخر يطرحه الكثيرون: هل يجب أن يأتي الحب قبل الزواج، أم أنه يأتي لاحقًا بعد العِشرة والمعاملة؟
رد البابا شنودة على هذا التساؤل بروح من الدعابة قائلاً:
“الحب قبل الزواج مضمون.. بعد الزواج مش مضمون”،
في إشارة إلى أن المشاعر قبل الزواج تكون في ذروتها، لكن بعد الزواج قد تواجه تحديات الحياة اليومية التي تُضعف من وهجها.
ومع ذلك، لم يُقلل البابا من أهمية الحب بعد الزواج، بل أكد أن الاحترام والمودة هما الأساس الحقيقي للعلاقة الزوجية الناجحة، مشيرًا إلى أن الحب قد يُولد أثناء الخطوبة أو حتى بعد الزواج، إذا وُجد التفاهم والنية الصادقة لبناء علاقة مستقرة.
الخطوبة: مساحة آمنة لاكتشاف المشاعر
أكد " target="_blank"> البابا شنودة أن الخطوبة ليست مجرد مرحلة انتقالية بين التعارف والزواج، بل هي فرصة حقيقية لاكتشاف ما إذا كان الطرفان قادرين على الحب والتفاهم. وخلال هذه الفترة، يمكن اختبار مدى الانسجام بين الشخصين، ومعرفة إذا ما كان هناك توافق في القيم والرؤية المستقبلية. وبهذا يصبح الحب الذي ينمو خلال الخطوبة أكثر واقعية ونضجًا من الحب العابر أو العاطفة السريعة التي لا تقوم على معرفة عميقة.
خلاصة القول
الحب في المسيحية ليس حرامًا بطبيعته، بل يُرحَّب به إذا كان صادقًا ونقيًا، ومحاطًا بالإطار الأخلاقي والديني السليم. فالعاطفة التي تبنى على الاحترام وتوجّه نحو الزواج المقدس، تُعتبر محمودة ومشروعة. أما الحب الذي يتعدى حدود الأدب أو يتحول إلى علاقة جسدية خارج الزواج، فهو مرفوض.
في النهاية، سواء وُجد الحب قبل الزواج أو بعده، فإن ما يضمن نجاح العلاقة واستمرارها ليس مجرد المشاعر، بل الاحترام، والمودة، والتفاهم، والرغبة الحقيقية في بناء حياة مشتركة على أسس متينة.
0 تعليق