قرية كاملة موجودة في مصر أهلها كلهم قرروا أنهم يشتغلوا في الكاوتش أو الدهب الاسود زي ما بيحبوا يقولوا عنه .. بس ياترى ايه حكاية القرية دي وبتعمل ايه بالكاوتش ده اللي هتعرفه معانا دلوقتي.
قرية بسيطة اسمها كفر ميت الحارون في مركز زفتي بالغربية، الناس هناك شغالين في اغرب حاجه تتخيلها في الكاوتش القديم أيوة الكاوتش اللي كنا بنرميه زمان، دلوقتي بقى بالنسبالهم كنز.
القرية دي معروفه إنها إمبراطورية تدوير الكاوتش في مصر، يعني أي كاوتش بيتفرم أو يتصنع أو حتى يتحول لمنتج جديد، أكيد ليه أصل هناك.

الناس هناك ورثوا المهنة دي من زمان أوي، من أيام الجدود، كانوا بيستخدموا الكاوتش التالف في حاجات بسيطة زي "القبقاب" اللي كنا بنشوفه زمان أو "المقطف" اللي بيشيلوا بيه الرمل والطوب في البناء.
بس مع الوقت، الشغل ده اتطور جدًا، وبقى فيه ورش ومصانع صغيرة وكبيرة شغالة ليل نهار، بتطلع منتجات بتتباع في كل المحافظات، بل كمان بتتصدر برا مصر!
واحد من أصحاب الشركات قال إن شغل الكاوتش ده مش بس تجارة، ده كمان خدمة للدولة والبيئة، لأن الكاوتشات القديمة كانت عبء كبير، بتترمي في الشوارع أو الصحرا، لكن دلوقتي بقت مصدر رزق وحياة لآلاف الناس.
بيقولك إن كل كاوتش داخل الورشة بيخرج منه حاجة مفيدة، جزء بيتعمل سيور لمصانع الحديد، وجزء بيتفرم ويتحول لبودرة مطاط بتتستخدم في ملاعب الكورة تحت النجيلة الصناعية، وجزء بيتحول لوقود بديل لمصانع الأسمنت يعني ولا حاجة بتترمي، كله بيتعاد تدويره.
القرية كمان مش بس بتشتغل في القديم، لأ، بقوا كمان بيستوردوا كاوتش جديد من بره، لدرجة إنهم مسيطرين على أكتر من 60٪ من سوق استيراد الكاوتش في مصر!
تخيل، من مجرد ورش صغيرة وسط القرية، بقوا بيتعاملوا على مستوى دولي، وبييجي لهم ناس من السودان وإثيوبيا والأردن علشان يتعلموا منهم أسرار المهنة دي.
بس رغم النجاح الكبير ده، لسه في شوية مشاكل بيقابلوهم، زي إن الكهرباء مش دايمًا كفاية لتشغيل كل الماكينات، وكمان الورش متفرقة ومحتاجة تتجمع في منطقة صناعية منظمة تسهّل عليهم الشغل وتخلي المنتج يطلع بجودة أعلى.
عشان كده بيطلبوا من الحكومة إنها تساعدهم وتدعمهم بالمعدات والكهرباء علشان يقدروا يوصلوا للعالمية.
ميت الحارون مش بس قرية بتشتغل في الكاوتش، دي قرية حوّلت المخلفات لطاقة وفلوس، وقدرت تدي درس حقيقي في الإبداع والاعتماد على النفس، واثبتت إن الريف المصري مليان عقول وقلوب بتعرف تخلق من اللاشيء قصة نجاح.
0 تعليق