3 محركات لتحفيز الطلب على الهيدروجين.. وفرص التعاون بين دول الشرق الأوسط (حوار) - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اقرأ في هذا المقال

  • كيفية دفع الطلب العالمي على الهيدروجين تتوقف على المشترين بشكل أكبر
  • تحديات كبيرة تواجه مقترحات رفع أسعار الكربون
  • التعاون المبكر مهم لتعزيز دول الشرق الأوسط وأفريقيا في سوق الهيدروجين
  • مميزات عديدة تعزز مكانة المغرب في السوق العالمية للهيدروجين

يمرّ الطلب على الهيدروجين الأخضر بمفترق طرق في العقد الحالي، إمّا أن يتحول إلى عنصر أساس في مزيج الطاقة العالمي مستقبلًا، أو تظل الخطط المرتبطة به حبيسة مذكرات التفاهم دون تنفيذ ملموس.

وتجاوز قطاع الهيدروجين مرحلة توافر تقنيات الإنتاج، وبدأ يترقب حلول لتحفيز الطلب من جهة، والأسس التي ستُبنى عليها الاتفاقيات من جهة أخرى، وسط قلق من فرض شروط المشترين الأوروبيين؛ ما يخلّف تبعية جديدة للجنوب العالمي إلى دول الشمال.

وفي هذا الصدد، أجرت منصة الطاقة (الصادرة من واشنطن) حوارًا مع رئيس مجلس مجان للاستشراف والشؤون الإستراتيجية والطاقة في سلطنة عمان، الدكتور داوود الأنصاري، وهو أستاذ جامعي وخبير في الجغرافيا السياسية والطاقة والاقتصاد، وله العديد من الأبحاث والمنشورات العلمية، من بينها "الجغرافيا السياسية للهيدروجين".

وتحدّث الدكتور داوود في هذا الحوار عن عدّة مجالات يمكن العمل عليها لتحفيز الطلب على الهيدروجين الأخضر، وصعوبات رفع سعر الكربون، وأهمية التعاون الإقليمي لدول الشرق الأوسط وأفريقيا، للاستفادة الكاملة من مواردها المتجددة في إنتاج الهيدروجين، كما تطرَّق إلى دور المغرب في هذا القطاع.

وإلي نص الحوار..

ما مقترحاتكم لتحفيز نمو الطلب على الهيدروجين الأخضر لتجنب استمرار موجة إلغاءات المشروعات الحالية؟

أولًا، الأمر المتعلق بالطلب المباشر على الهيدروجين، وهنا المسؤولية تقع بوضوح على المشترين المحتملين، وخصوصًا الاتحاد الأوروبي، والمطلوب هو وجود حوافز واضحة لدفع هذا الطلب، وهذه الحوافز غير متوفرة -حاليًا- بالشكل الكافي.

ومن بين الأدوات الممكنة لدفع الطلب على الهيدروجين في هذا السياق: إطلاق آليات مثل "إتش 2 غلوبال- H2Global " أو تقديم دعم مالي لتشجيع الشركات على التحول في مصادر الوقود الصناعي.

وتهدف آلية "إتش 2 غلوبال"، التي أطلقتها ألمانيا، إلى سدّ الفجوة السعرية بين التكلفة المرتفعة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الدول المصدّرة، وسعر بيعه في السوق الأوروبية.

وهي ببساطة تقوم على شراء الهيدروجين النظيف ومشتقاته بعقود طويلة الأجل ثم بيعه في السوق الأوروبية عبر مزادات قصيرة الأجل (لتجنّب ارتباط المشترين بمدة طويلة الأمد مع المنتجين)، وتتحمل هذه الآلية الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع من خلال تمويل حكومي ألماني.

إنتاج الهيدروجين الأخضر

ثانيًا، ربما الوسيلة الأبسط من حيث الفكرة، هي رفع سعر الكربون بشكل أكبر، لأنه ما دامت الشركات لا تعتقد أن تكلفة الانبعاثات سترتفع فعليًا في المستقبل، فلن يكون لديها دافع اقتصادي واضح للتحول نحو الهيدروجين، على الأقل من منظور إزالة الكربون.

لكن هذا الحل -رغم بساطته من حيث الفكرة- صعب سياسيًا جدًا، لأن رفع سعر الكربون يعني أن الوقود الأحفوري سيصبح أغلى، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المستهلكين، ما يثير رفضًا شعبيًا وضغطًا سياسيًا.

وهذا يقودنا على مسألة "القدرة على التأثير"، وهي ليست في يد الدول المنتجة للوقود الأحفوري؛ فمثلًا دول الخليج ليس بيدها التحكم في سياسات الكربون الأوروبية أو العالمية، ومن ثم لا يمكنها وحدها دفع هذا التحول من خلال السعر.

ثالثًا، التركيز بشكل أكبر على المنتجات النهائية، بما أن نقل الهيدروجين معقّد في الوقت الحالي، فإن استعماله محليًا في الصناعات التحويلية أو التطبيقات الداخلية يصبح أكثر منطقية.

هل ترون أن التوجّه لتعزيز الطلب المحلي على الهيدروجين مجدٍ لإنعاش القطاع؟

من الناحية الاقتصادية، هذا يخلق فرص عمل، وفي كثير من الأحيان يحقق هوامش ربح أعلى.

لكن ذلك يرتبط بدرجة كبيرة بما إذا كانت طرق مثل "آلية تعديل الكربون على الحدود" في الاتحاد الأوروبي، أو سياسات مشابهة في مناطق أخري، ستُطبَّق فعليًا على أرض الواقع.

ذكرتُم أن نقل الهيدروجين معقّد حاليًا.. ما رأيكم في مقترح وجود مبادرات مشتركة لتعزيز البنية التحتية في الشرق الأوسط وأفريقيا لتصدير الهيدروجين؟

في ظل محدودية الطلب على الهيدروجين حاليًا، من الطبيعي أن نرى تنافسًا قويًا بين دول المنطقة، وهذا قد يجعل التعاون في مجال البنية التحتية صعبًا في الوقت الراهن.

لكن إذا كانت المنطقة تطمح إلى توسّع حقيقي في سوق الهيدروجين النظيف مستقبلًا، فإن التعاون في هذا الجانب لن يكون مجرد قيمة مضافة، بل ضرورة، خصوصًا إذ تمّ في مرحلة مبكرة، قبل أن تجد الدول نفسها محاطة باتفاقيات تصدير فردية طويلة الأمد، قد تقيّد خياراتها لاحقًا وتخلق تبعيات يصعب الخروج منها.

ولهذا، فالتنسيق الإقليمي المبكر ليس مفيدًا فقط، بل هو أساس لتفادي مثل هذا النوع من الانسداد الإستراتيجي.

أشرتم إلى المخاوف من التبعية.. هل الهيدروجين الأخضر قادر على إعادة تشكيل موازين القوى الاقتصادية بين الشمال والجنوب؟

تمتلك دول الجنوب العالمي -خصوصًا أفريقيا- إمكانات هائلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، لكن على الأقل في الوقت الحالي، لا يبدو أن هذا الوقود قادر على إعادة تشكيل موازين القوى بين الدول الغنية والفقيرة.

وعلى العكس من ذلك، بسبب محدودية الطلب المؤكد على الاستيراد، انتقل الكثير من أدوات التأثير والقدرة التفاوضية إلى دول الشمال (الاقتصادات الغنية).

هل يمكن أن يتغير ذلك في المستقبل؟

ربما، لكن ذلك يعتمد على عدّة عوامل، أهمها: كيف سيتطور الطلب على الهيدروجين؟ وما الشكل الذي سيتخذه؟ وهل سيكون التركيز على المنتجات النهائية والمشتقات، أم على الهيدروجين الخام؟

والأهم من هذا كلّه: هل سيكون هناك تعاون إقليمي فعلي بين الدول المنتجة المحتملة؟ لأن غياب هذا التعاون قد يُضعف موقف الجنوب أكثر.

شاركتم مؤخرًا القمة العالمية للهيدروجين الأخضر في المغرب.. ما تقييمكم لانعقاد مثل هذه القِمَم في دول المنطقة، وموقع المغرب تحديدًا في مشهد الهيدروجين العالمي؟

هذه القِمَم والمؤتمرات منصة كبيرة تجمع بين خبراء وممارسين وصنّاع قرار؛ ففي قمة الهيدروجين الأخيرة رأينا مشاركين من صنّاع القرار المغرب وأوروبا ودول أخرى، وهذا بحدّ ذاته إنجاز مهم، لطرح الرؤى المختلفة.

الدكتور داوود الأنصاري خلال مشاركته في إحدى جلسات القمة العالمية للهيدروجين الأخضر في المغرب
الدكتور داوود الأنصاري خلال مشاركته بإحدى جلسات القمة العالمية للهيدروجين الأخضر في المغرب

والأهم من ذلك، وتحديدًا في القمة العالمية للهيدروجين الأخضر في المغرب، أننا خرجنا برؤية أكثر واقعية ونضجًا تجاه سوق الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، مقارنةً بما كان يُطرح قبل سنوات، فكان توقيت النقاش ضروريًا جدًا.

وبالنسبة لمكانة المغرب، فهي حاضرة بقوة في مشهد الهيدروجين العالمي، كون البلاد تمتلك هيكلًا مؤسسيًا منظمًا، وروابط وثيقة مع الأسواق المستهدفة، إلى جانب خبرة عملية في مشروعات الطاقة المتجددة.

كل هذه العناصر تجعل المغرب في موقع متقدم ومؤهل ليكون لاعبًا أساسيًا في هذا المجال، حتى إن لم يكن الوحيد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق