12:48 م - الإثنين 20 أكتوبر 2025
0

أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاءات في الصين تباطؤًا ملحوظًا في وتيرة النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث من عام 2025، حيث سجّل الاقتصاد الصيني أبطأ معدل توسّع له منذ بداية العام، في ظل استمرار التحديات التي يواجهها قطاع العقارات وتراجع مستويات الثقة لدى المستهلكين والمستثمرين.
أداء الناتج المحلي الإجمالي
بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر نحو 4.8% على أساس سنوي، مقارنة بنسبة 5.2% في الربع الثاني من العام ذاته. ويعكس هذا التراجع استمرار الضغوط الهيكلية التي يعاني منها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، رغم الجهود الحكومية المتواصلة لتحفيز النشاط الاقتصادي عبر إجراءات مالية ونقدية متعددة.
ويأتي إعلان هذه الأرقام في وقت تعقد فيه القيادة الصينية العليا اجتماعات تمتد لأربعة أيام لتحديد السياسات الاقتصادية والتوجهات العامة للبلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، ما يمنح هذه البيانات أهمية خاصة في رسم ملامح المرحلة القادمة.
أزمة العقارات وتأثيرها على النمو
يستمر قطاع العقارات، الذي يمثل أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد الصيني، في مواجهة أزمة ممتدة أثرت على مالية الحكومات المحلية وأضعفت ثقة الأسر، نتيجة تباطؤ المبيعات وتراجع الاستثمار في المشاريع الجديدة. وتُعد هذه الأزمة أحد أبرز العوامل التي ساهمت في كبح وتيرة التعافي بعد جائحة كورونا، وألقت بظلالها على مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية.
تطورات الإنفاق والإنتاج
شهدت مبيعات التجزئة نموًا محدودًا بنسبة 3% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وهو أبطأ معدل منذ نوفمبر 2024، مما يعكس ضعف الاستهلاك المحلي رغم إجراءات التحفيز التي اتخذتها الحكومة لدعم القوة الشرائية.
في المقابل، أظهر القطاع الصناعي أداءً أكثر قوة، إذ ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 6.5% على أساس سنوي، متجاوزًا التوقعات السابقة التي أشارت إلى نمو بنسبة 5%. ويُعزى هذا التحسن إلى زيادة الطلب الخارجي على بعض السلع الصناعية الصينية، بالإضافة إلى استقرار سلاسل الإمداد مقارنة بالعام الماضي.
نظرة عامة وآفاق مستقبلية
تؤكد المؤشرات الاقتصادية أن الاقتصاد الصيني ما زال يواجه تحديات هيكلية في قطاعات العقارات والاستثمار والاستهلاك المحلي، على الرغم من استمرار الأداء الإيجابي للصادرات والصناعة التحويلية.
ومن المرجح أن تواصل السلطات الصينية خلال الفترة المقبلة الاعتماد على السياسات التحفيزية لتعزيز الطلب المحلي وتحقيق الاستقرار المالي، في وقت تسعى فيه للحفاظ على مستويات نمو قريبة من مستهدفاتها السنوية دون تعريض الاقتصاد لمزيد من المخاطر التضخمية أو المالية.
يبدو أن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين خلال الربع الثالث يمثل إشارة واضحة إلى أن مرحلة التعافي لا تزال تواجه عقبات معقدة تتعلق بقطاع العقارات وضعف الاستثمار الداخلي. ومع ذلك، فإن الأداء الإيجابي للصناعة واستمرار الإصلاحات الهيكلية يمنحان الاقتصاد الصيني قدرًا من المرونة التي قد تساعده على تحقيق نمو مستقر ومتوازن خلال العام المقبل.
0 تعليق