توكل كرمان، الناشطة اليمنية التي اشتُهرت إبان “الربيع العربي” الذي استحال خريفا بأكثر من دولة عربية، لم تجد سوى الاحتجاجات الشبابية (الجارية حاليا) بتعبيرات سلمية-في معظمها-(والتي خرجت إثر دعوات شبابية ضمن حركة تطلق على نفسها اسم “جيل Z”) لتعودَ إلى واجهة الأحداث راكبة موجتَها، ليس كـ”حمامة سلام” بل مثل “بومة شؤم” واقفة على غصن خطاب الكراهية المتهاوي.
كرمان التي خرجت عبر حساباتها على منصات وشبكات اجتماعية لتدعو بلغة تحريض لا لبس فيها إلى “العنف والتخريب”، تحولت من حائزة على جائزة “نوبل للسلام” إلى مجرد “ناقلة وقود” يؤجج “حطب الفوضى”، مُوقّعة شهادتها على نفسها بأن اللقب الفخري الوازن لا تستحقه وهي التي ادّعت أن “مظاهرات المغرب تقترب من القصر”! في تزييف جليّ للحقائق، ما يتناقض مع ما صدح به “شباب جيل Z” في ساحة بالدار البيضاء من أنهم يثقون في أعلى سلطة ومؤسسة في البلاد وهي الملك”. (“عندما نقول الشعب يريد تدخل الملك، فنحن نحب الملك، ولكن هذه مهزلة أن الحكومة صامتة لا تتحرك، لذلك فنحن نثق في أعلى مؤسسة في البلد”).
إن مَن يفترض فيها أن تكون صوت الحوار والعقلانية، اختارت أن تتحول إلى مذيعة مفتونة بمشاهد التخريب، تصف إضرام النار العمدي والاعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة بأنها “مجد الشعب المغربي الثائر”.
وبينما تساءلت مجموعة من تعليقات المتابعين كيف يمكن لجائزة نوبل للسلام أن تنقلب إلى “رخصة تحريض”، تمضي كرمان في تزييف الحقائق على منصاتها الرقمية، مدعية أن المحتجين “يقتربون من القصر”، وكأنها تكتب سيناريو لمسلسل سياسي رديء أكثر مما تنقل وقائع؛ فهل يكفيها الجواب الصاعق الذي جاءها من شباب مغربي محتج سلميا بالدار البيضاء؟
مفارقة كرمان ليست مجرد سهو لغوي، بل هي تناقض فاضح: ناشطة كان من المأمول أن تكون حارسة قيم التعايش، فإذا بها “تمجّد الشغب، وتبارك الفوضى، وتحوّل خطابها إلى شعلة تزيد التأجيج”. وبدا جليا أن سقطة كرمان لم تكن فقط مدعاة لإثارة سخرية المعلقين، بل تناقضا أخلاقيا مارسته الناشطة اليمنية بكل صفاقة وجرأة من دون أن يرفّ لها جفن.
من المثير للسخرية أن كرمان، التي تجلس في “محكمة فيسبوك العليا” لمكافحة خطاب الكراهية، تمارس بجرأة التحريض ذاته الذي يُفترض أن تراقبه؛ فكيف يُعقل أن تتحول مراقِبة المحتوى إلى ناشرة لخطاب التحريض على العنف؟ وكيف يمكن أن نصدق شعاراتها عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وهي في كل مرة تصطف إلى جانب خطاب الفوضى وتصفق لانهيار الدول؟ أليس في ذلك تناقض أخلاقي يثير الشفقة قبل الغضب؟
بإساءتها إلى نفسها تَحجز كرمان مكانا لها في “جوقة الناعقين”، داعمة مثيري أعمال الشغب والتخريب المتعمد، وهي الصورة التي حرصت على إرفاق “تدويناتها” بها.
وفي انتظار أن تُسحب الجائزة الدولية المرموقة من “فائزة بالصدفة”، تستحق كرمان الهبوط إلى درك النازلين بجريدة هسبريس، مع التساؤل المشروع: “أهي جائزة نوبل للسلام أم جائزة نوبل للتحريض؟”.
0 تعليق