11:21 ص - الثلاثاء 14 أكتوبر 2025

0

أكد هشام عز العرب، الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي – مصر (CIB)، أن الفترة الممتدة من عام 2015 وحتى نهاية عام 2022 شهدت ما وصفه بـ”التقلبات الحادة” أو ما يُعرف اقتصاديًا بـ”الفولاتيليتي”، مشيرًا إلى أن تلك المرحلة اتسمت بكثرة المفاجآت في إدارة السياسة النقدية وسعر الصرف.

وأوضح عز العرب، في مقابلة مع قناة العربية Business على هامش اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي، أن كثرة المفاجآت في السياسة النقدية تُعد أمرًا غير صحي في علم الاقتصاد، إذ تدفع المؤسسات إلى التحوط المفرط دون إدراك طبيعة المخاطر القادمة، مما يؤثر على دقة النماذج المالية ويجعلها تميل إلى التشدد المبالغ فيه.

وأضاف أن هذه الحالة استمرت حتى وقت قريب، لكن بدأ يُلاحظ استقرارًا ملحوظًا في السياسات النقدية، مؤكدًا أن البنك المركزي الحالي نجح في ترسيخ انطباع بأن قراراته أصبحت أكثر توقعًا، وهو ما اعتبره أمرًا إيجابيًا للغاية.

وأشار إلى أن هذا التحول انعكس على أداء السوق المحلي، حيث اختفت “علاوة المخاطر” التي كان يضيفها التجار إلى الأسعار تحسبًا لأي تقلبات مفاجئة، موضحًا أنه في السابق، إذا كانت تكلفة المنتج 100 جنيه، كان يُباع بـ140 جنيهًا بسبب عدم اليقين، أما الآن فقد اختفت هذه العلاوة في قطاعات مثل السيارات والدواجن وغيرها، بعد أن أصبحت السوق أكثر ثقة في قدرة البنك المركزي على إدارة المخاطر.

وفيما يتعلق بالمخصصات المالية، كشف عز العرب أن البنك التجاري الدولي وصل إلى نسبة تغطية للديون المتعثرة بلغت 340% بنهاية العام الماضي، وهي نسبة وصفها بالمرتفعة جدًا مقارنة بمتوسط البنوك في المنطقة الذي يتراوح بين 90% و130%. وقال إن هذا المستوى من التحوط أثار تساؤلات لدى المستثمرين حول ما إذا كان البنك يخفي شيئًا، مضيفًا أنه بعد مناقشة الأمر مع البنك المركزي ومراجعي الحسابات، تأكد أن البنك كان شديد التحفظ، وهو ما ساعده على تجاوز فترات عدم اليقين، لكنه لم يعد بحاجة الآن إلى هذا المستوى من التحوط مع استقرار الأوضاع المالية.

وأوضح أن البنك حصل على موافقة البنك المركزي ومراجعي الحسابات على نموذج مالي جديد يسمح بإعادة توجيه الزيادة في المخصصات إلى حساب الأرباح والخسائر، على أن تتم إضافتها إلى احتياطي خاص لمدة عامين لضمان فعالية النموذج الجديد.

وفي سياق متصل، أشار عز العرب إلى أن البنك التجاري الدولي في مرحلة متقدمة من مشروعه لإطلاق بنك رقمي مستقل، موضحًا أن البنك أنجز النموذج التشغيلي وأجرى الاختبارات التكنولوجية اللازمة، ويخطط لتقديم طلب رسمي للحصول على رخصة البنك الرقمي مطلع العام المقبل.

وأضاف أن البنك بدأ العمل على المشروع منذ أكثر من عام، واستثمر بشكل كبير في البنية التكنولوجية، مما سيسرّع من إجراءات الحصول على الرخصة، مؤكدًا أن التوجه نحو البنوك الرقمية يجب أن يكون مدروسًا بعناية، وأن البنك الرقمي لا يجب أن يقدم نفس الخدمات أو يستهدف نفس الشرائح التي يخدمها البنك التجاري التقليدي، بل الأجدى هو الاستثمار في التكنولوجيا داخل البنك نفسه لتقليل الحاجة لزيارة الفروع إلا في الحالات الاستثنائية.

واختتم عز العرب حديثه بالتأكيد على أن استقرار السياسة النقدية في مصر يمثل نقطة تحول مهمة في جذب الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال، مشددًا على أن وضوح وتوقع القرارات الاقتصادية يعزز الثقة في السوق ويعيد رسم خارطة المخاطر أمام المؤسسات المالية والمستثمرين على حد سواء.