تفاعلا مع تأكيد الشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين تعويلها على الغرفة الثانية للبرلمان المغربي من أجل إدراج المطالب التي ترفعها هذه الفئة ضمن قانون المالية لسنة 2025، خاصة إقرار زيادة في المعاشات؛ أكد مستشارون برلمانيون تبنيهم بقوة هذه المطالب واقتراحهم تعديلات على مشروع القانون، تهدف إلى “تعميم” الإعفاء الضريبي لمعاشات هؤلاء، فيما يلفت بعضهم الانتباه إلى أن إقرار “هذا الإعفاء سيعني ضمنيا ارتفاع قيمة معاش المتقاعدين المستفيدين منه”.
وأكدت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أنها اقترحت، في تعديلاتها المقدّمة على القانون المالي لسنة 2025، إعفاء معاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل؛ وهو المقترح ذاته الذي تقدم به الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، من خلال مطالبته بإضافة هذه المعاشات إلى قائمة المعفيين من هذه الضريبة “من أجل تحسين الظروف المعيشية لهذه الفئة”.
وطالب الاتحاد عينه، وفق ورقة تعديلاته التي توصلت بها هسبريس، بإعفاء المعاشات والتعويضات المدفوعة للمتقاعدين وذوي حقوقهم من الضريبة، إلى جانب “الأجور والدخول المعتبرة في حكمها المنصوص عليها في المادة 56 أعلاه التي تدفعها تمثيليات الاتحاد الدولي لكرة القدم في المغرب والمؤسسات المنضوية تحت لوائه سالفة الذكر لفائدة مستخدميها غير الحاملين للجنسية المغربية”.
وكانت الشبكة سالفة الذكر قد وجهّت، قبل الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها السبت أمام مقر البرلمان، رسالة إلى محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، تطالبه فيها بالتدخل لدى رئيس الحكومة لإنصافها بإقرار زيادة موضوعية في معاشاتها في قانون المالية لسنة 2025 بما يتوافق والزيادات التي عرفتها كل المواد الأساسية والاستهلاكية ويستجيب لملفها المطلبي ويضمن العيش الكريم لها ولأسرها”، و”قصد إدراج ملف مطالب فئة المتقاعدين وذوي الحقوق ضمن جدول أعمال الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية”.
خطوة غير كافية
قال خليهن الكرش، منسق مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين، إن “المجموعة طالبت، خلال مناقشة جميع قوانين المالية للثلاث سنوات الماضية، بإقرار زيادة عامة في معاشات المتقاعدين، التي تعتبرها جد ضئيلة وغير قادرة على دعم القدرة الشرائية لهذه الفئة في ظل الارتفاعات المتوالية لأسعار جميع المواد الاستهلاكية والأساسية”، معتبرا أن “هذا الأمر ضروري جدا لإنصافها بعدما قدّمت تضحيات كبيرة للنهوض بالقطاع العام والخاص وتحريك عجلة نمو الاقتصاد المغربي””.
وأشار الكرش، في تصريح لهسبريس، إلى أن “المجموعة عرضت، خلال جلسات مناقشة مشروع قانون المالية مع الوزير المكلف بالميزانية، معاناة فئة المتقاعدين ومطالبهم على طاولة النقاش”، مضيفا: “الوزير أكد أن 94 في المائة من المعاشات معفية من الضريبة على الدخل؛ فكان طلبنا واضحا بأن هذه النسبة يجب أن تصل إلى 100 في المائة؛ لأنه لا يعقل تضريب معاش متقاعد، عدا أنه هزيل أساسا”.
وأوضح أن “هذا المطلب ضمنته المجموعة في تعديلاتها المقدمة على مشروع قانون المالية لسنة 2025؛ مثلما فعلت في تعديلاتها المقدّمة على جميع مشاريع السنوات الماضية من الولاية الحكومية الحالية”، مبرزا أنها “مستشاري المجموعة أكدوا الوزير المنتدب المكلف بالميزانية أن إعفاء معاشات المتقاعدين، الذي تنتظر تجاوب الحكومة معه بالإيجاب، ينبغي ألا يكون الخطوة الوحيدة المتخذة لصالح هذه الفئة؛ بل يجب أن تعقبه زيادة عامة في هذه المعاشات”.
وشدد الكرش على أن “الزيادة العامة في معاشات المتقاعدين لا يمكن أن تتم دون رفع دعم الحكومة للصناديق المدبرة للتقاعد؛ من خلال ضخ أموال إضافية من ميزانية الدولة لها، لأجل تمكينها من رفع معاشات المتقاعدين”، مؤكدا أن “هناك بالفعل إكراهات قائمة يشار إليها حين الحديث عن هذه الزيادة من قبيل الوضعية المالية الحالية لصناديق التعاقد؛ ولكن أي كان الأمر فالدولة ملزمة بدعم هذه الصناديق مثلما تدعم شركات ومؤسسات عمومية أخرى؛ من أجل إنصاف فئة المتقاعدين”.
مطلب مشترك
خالد السطي، المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أكد أن “الاتحاد نادى ولا يزال بإقرار زيادة عامة في معاشات المتقاعدين؛ على غرار تلك التي حصلت في معاشات الموظفين، خصوصا أن الحكومات تلجأ إلى رفع أجور النشيطين وتتجاهل المتقاعدين”، مردفا أن “هذه المطلب، الذي يأخذ بعين الاعتبار كذلك مآلات إليه القدرة الشرائية لهذه الفئة جراء غلاء المعيشة والتضخم، هو مشترك بين كافة المشارب النقابية والسياسية”.
وأضاف السطي، في تصريح لهسبريس، أن “الاتحاد اقترح، في تعديلاته على مشروع قانون المالية، إعفاء معاشات المتقاعدين من الضريبة؛ مثلما فعل خلال الأربع سنوات الماضية، وهو يأمل تجاوبا من قبل الحكومة هذه السنة”، مضيفا أن “إلغاء الاقتطاع الضريبي من معاش متقاعد هو ضمنيا رفعه منه”، مؤكدا أن “الإشكال الحاصل أن فئة قليلة من المتقاعدين ما زالت تؤدي الضريبة على معاشاتها”.
وأشار إلى أنه طالب، خلال مداخلته “بالجلسة العامة لمناقشة مشروع قانون المالية بحضور الوزير المكلف بالميزانية، بإقرار زيادة في الحد الأدنى لمعاشات المتقاعدين”، مذكرا بأنه “أقرت زيادة خلال الحكومات السابقة في هذا الحد، فبلغ بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد CMR إلى 1500 درهم، والـRCAR كذلك، فيما كان المجلس الإداري للصندوق المغربي للضمان الاجتماعي CNSS قد أقرّ زيادة 5 في المائة من هذا الحد؛ إلا أن هذه الزيادة لم تفعّل إلى حد الآن”.
وتابع قائلا: “على الأقل يجب أن يصير الحد الأدنى للمعاشات موازيا (مساويا) للحد الأدنى للأجور (3120 درهما)؛ فما يتقاضاه المتقاعدون لا يكفي لتأمين أدنى مصاريفهم وأسرهم اليومية في ظل اللهيب المستمر للأسعار والخدمات”.
وبالعودة إلى مطلب الزيادة العامة في المعاشات، أورد السطي أن “النقابات المشاركة في الحوار الاجتماعي يتعيّن عليها أن تقوم بمسؤوليتها في هذا الصدد، أي أنه قبل توقيع الاتفاق الاجتماعي، يجب أن يتضمن بندا للزيادة العامة في المعاشات”، مضيفا أن “الاتفاق الاجتماعي، الذي وقع في أبريل الماضي، تضمن زيادة قدرها 1000 درهم للموظفين؛ تلك الآلية التي كان يجب أن تكون فيها الزيادة العامة للمعاشات”.
وأوضح أن هيئته النقابية “ما فتئت تطالب كذلك باستفادة المتقاعدين من امتيازات وأثمنة تفضيلية خلال ولوجهم للخدمات الاجتماعية من قبيل النقل والتطبيب والترفيه الاجتماعي، كما هو الشأن في بعض الدول الأوروبية؛ حتى نضمن لهم عيشا كريما”.
0 تعليق