تستعد المخرجة والممثلة المغربية مريم الزعيمي للعودة إلى الخشبة من جديد عبر جولة وطنية لمسرحيتها “تخرشيش”، بعد الجدل الواسع الذي رافق عرضها الأول بسبب تطرقها لموضوع “زنا المحارم” وما أثارته من نقاشات حول حرية التعبير ودور الفن في مساءلة الواقع الاجتماعي.
العمل المسرحي الجديد، الذي تشرف عليه الزعيمي، صاغ نصه الكاتب عبد الفتاح عشيق، الذي يتولى أيضا مهمة مساعد الإخراج؛ فيما يجسد الأدوار ثلة من الأسماء المعروفة في الدراما المغربية، من بينها سعد موفق وأيوب أبو النصر وساندية تاج الدين، إلى جانب وجوه من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي.
ويسعى طاقم العمل من خلال هذه التجربة إلى تقديم رؤية مسرحية تتجاوز الطرح التقليدي، عبر اعتماد أسلوب جمالي يقوم على التفاعل المباشر مع الجمهور وإعادة صياغة القضايا الاجتماعية بلغة درامية مشحونة بالرمزية، في محاولة لفتح نقاش فني حول العنف المسكوت عنه داخل الأسر.
وتتناول مسرحية “تخرشيش”، موضوعا شديد الحساسية يتمثل في العنف الجنسي وزنا المحارم، باعتباره من الطابوهات. وتدور أحداث المسرحية داخل فضاء مغلق وسط الغابة، حيث يعيش أب متسلط مع ابنتيه في عزلة تامة، ويمارس عليهما قهرا نفسيا وجسديا باستعمال الموسيقى والأقراص المخدرة وسلطته الأبوية المطلقة. وتتطور القصة حين يظهر موظف من المياه والغابات ليكشف سر العائلة، فتتصاعد الأحداث وصولا إلى لحظة تمرد الابنتين على أبيهما في صرخة رمزية للتحرر والبحث عن الخلاص.
واعتمدت الزعيمي في إخراجها على مسرح القسوة الذي يمزج بين الواقعية والرمزية الجسدية، موظفة السينوغرافيا بما تحمله من غابة موحشة وأكواخ مهترئة وأصوات غريبة، لتضع المتفرج في مواجهة مباشرة مع الألم الإنساني والعنف الكامن خلف الجدران الصامتة.
وأثارت “تخرشيش” نقاشا واسعًا عقب عرضها الأول، إذ انقسمت الآراء بين من اعتبرها تجاوزا للخطوط الحمراء وبين من رأى فيها شجاعة فنية وصرخة ضد زنا المحارم باعتبارها تضع الإصبع على جرح اجتماعي غائر طالما ظل في دائرة الصمت.
وتعد هذه المسرحية ثاني تجربة إخراجية لمريم الزعيمي بعد عملها الأول “فوضى”، الذي جال مختلف المسارح المغربية، حيث تواصل الفنانة من خلال هذا المشروع توسيع تجربتها في المسرح بعد مسار تلفزيوني حافل في الدراما المغربية.
وستنطلق جولة “تخرشيش” الجديدة ابتداء من الخميس 16 أكتوبر الجاري في المركز الثقافي للحاجب على الساعة السادسة مساء، تليها عروض في مسرح محمد الخامس بالرباط يوم الجمعة 17 أكتوبر، ثم مسرح نور الدين بكر بالدار البيضاء يوم السبت 18 أكتوبر على الساعة الثامنة مساء؛ مع برمجة مواعيد أخرى في مجموعة من المدن المغربية.
0 تعليق