مشروع قانون المالية .. فرصة لإعادة بناء الثقة بين الشباب والمسؤولين - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

على إيقاع ترقب شعبي واسع لمضامين مشروع قانون المالية لسنة 2026، تقترب لحظة الكشف عن الأخير بوصفها “لحظة سياسية دقيقة” تتقاطع فيها الاحتجاجات الشبابية الأخيرة المطالبة بإصلاحات جذرية في التعليم والصحة والتشغيل، مع نهاية الولاية الحكومية الحالية؛ إذ يُنظر إلى هذا المشروع بوصفه “آخر فرصة” لتصحيح المسار الاجتماعي وإعادة بناء الثقة بين المؤسسات والشباب.

وفي ظل رهانات اجتماعية ضاغطة بقوة ومطالب تعبيرات شبابية بصوت مرتفع عن حاجتهم إلى خدمات اجتماعية عمومية عادلة، مع مناداتها بإصلاحات جذرية تضمن العدالة الاجتماعية في قطاعيْ الصحة والتعليم، إلى جانب ضمان فرص التشغيل، يُنتظر أن تتركز نقاشات مشروع قانون المالية 2026 نحو العمل على “استجابة أكبر وأسرع” لطموحات الشباب بإصلاح الخدمات الاجتماعية.

تبرز هذه الأهمية، أيضا، مع اقتراب نهاية الولاية الحكومية الحالية؛ حيث يكتسي مشروع قانون المالية لسنة 2026 أهمية خاصة، باعتباره آخر محطة تشريعية كبرى أمام الحكومة لترجمة التزاماتها الاجتماعية وتحقيق جزء من انتظارات الشباب المغربي في التعليم، والصحة، وفرص الشغل.

ويستدعي السياق الاقتصادي والاجتماعي الدقيق الذي يمر منه المغرب الاستجابة لضرورات المرحلة الراهنة من خلال رفع نجاعة الإنفاق العمومي وتحسين كفاءة تدبير الموارد الميزانياتية كأحد الخيارات العملية لتحقيق أثر ملموس في معيش المواطنين، لا سيما فئة الشباب.

وفي غضون الأيام القليلة المقبلة، يُرتقب أن يترأس الملك محمد السادس مجلسا وزاريا، سيُخصص للتداول والمصادقة على التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2026، قبل وضعه في البرلمان قبل الـ20 من أكتوبر الجاري لبداية مسار المناقشة والتعديلات، وفق ما تنص عليه مقتضيات القانون التنظيمي للمالية.

كما يتجلى التشغيل “أولوية قصوى” في العام الأخير من الولاية التشريعية الجارية، خاصة بعد تنفيذ “الخطة الحكومية للنهوض بالتشغيل” التي خُصص لها غلاف مالي إجمالي قُدر بـ14 مليار درهم في قانون المالية لسنة 2025.

وكان مشروع قانون المالية برسم سنة 2026 قد حدد أربع أولويات كبرى، وفق ما جاء في المذكرة التوجيهية للمشروع التي وجهها رئيس الحكومة إلى القطاعات الوزارية، في غشت الماضي؛ من أبرزها “التوازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمجالية”، و”توطيد أسس الدولة الاجتماعية” وتسريع الإصلاحات الهيكلية الكبرى، وكذا الحفاظ على توازن المالية العمومية.

الإنفاق والأثر

باستقراء لمضامين قوانين المالية السابقة، يتبين أن ميزانيتيْ قطاعي التعليم والصحة قد استحوذت على الحيز الأكبر من ميزانية الدولة للقطاعات الاجتماعية؛ إلّا أن الرهان، الآن، مع ظرفية التعبيرات الاحتجاجية الشبابية التي عبّرت الحكومة عن تفهّمها واستعدادها للتفاعل معها، يتمثل في “تقييم فعلي لأثر الإنفاق على جودة التعلمات والحد من الهدر المدرسي وضمان تكافؤ الفرص”؛ بوصفها ضمن الأهداف الأساسية التي وضعتها “خريطة طريق إصلاح المدرسة العمومية 2022-2026”.

أما بالعودة إلى ميزانية قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، فيُلاحظ ارتفاعها إلى 85,6 مليارات درهم خلال قانون المالية لسنة 2025، مع 32 مليار درهم خصصت لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية؛ وهو ما يعني مجهودا ماليا بما يناهز 120 مليار درهم تقريبا بين ميزانيتي الصحة والتعليم معا.

وباستحضار ظرفية الاحتجاجات الشبابية وما رفعته من مطالب اجتماعية واقتصادية، فإن الرهان الأكبر في مشروع قانون المالية 2026 سيتجاوز حجم الاعتمادات المالية، إلى مقاربة تستدمج “جودة الإنفاق مع فعالية التنفيذ”؛ خاصة أن حكومة أخنوش مطالبة بإثبات قدرتها على رفع كفاءة التدبير العمومي وربطه بمؤشرات اجتماعية قابلة للقياس وذات أثر ملموس.

التشغيل والإدماج

يُنتظر من توجهات المذكرة التأطيرية الحكومية لمشروع المالية المقبل أن تستكمِلَ العمل على تسريع تنزيل “خارطة طريق التشغيل”؛ فيما نادى محللون اقتصاديون استقت هسبريس آراءهم ضمن تصريحات سابقة، بضرورة “الانتقال من الدعم المباشر والبرامج المؤقتة إلى إدماج مهني مُنتج يرتكز على تحفيز المقاولة والاستثمار المحلي”.

وفي هذا الصدد، تبرُز من بين الإجراءات المحتملة والمتوقعة، اقتراحُ “تحفيزات ضريبية وجبائية” للمقاولات التي تُحدث مناصب شغل دائمة ولائقة لفائدة الشباب.

كما يمكن تعزيز تمويل ريادة الأعمال عبر آليات مبتكرة، مثل إحداث صناديق استثمارية خاصة بذلك، مع العمل على توسيع وتعميم برامج التكوين المزدوج أو برامج التكوين بالتناوب بين الجامعات والمقاولات في إطار “شراكات قطاع عام– خاص”.

ومن المرتقب، في السياق نفسه، أن تستجيب البرمجة الميزانياتية للعام القادم في عدد من القطاعات الحكومية إلى حاجة متزايدة من اليد العاملة المؤهَّلة تفرضها القطاعات الواعدة والمهن العالمية الجديدة؛ مثل: الاقتصاد الأخضر، والتحول الرقمي، والصناعات الثقافية والإبداعية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق