قال يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، إنه “مستعدّ للمحاسبة” التي ينادي بها الكثير من الشباب المغربي الذي خرج في احتجاجات عُرفت إعلاميا بـ”جيل زد”، مورداً أنه “حين يكون الإنسان مسؤولًا في الحكومة يعرف أنه لن يخلد فيها، فهذه مسؤولية يجب أن يؤديها بأمانة وإخلاص”.
وشدد السكوري، أثناء حلوله في لقاء خاص مع جريدة هسبريس الإلكترونية، على أنه “من الطبيعي تماماً أن يكون الإنسان مستعداً للمحاسبة، فبدونها لا توجد مسؤولية فعلية”، مبرزا أن “المواضيع المطروحة في الساحة الاحتجاجية، سواء الصحة أو التعليم ومحاربة الفساد، ذات بعد حقيقي، وإشكاليات واقعية”.
وأفاد المسؤول الحكومي ذاته بأن “المرحلة تقتضي الحقيقة، والاعتراف بالواقع كما هو”، رافضا الاكتفاء بالقول إن “المشكلة المطروحة عائدة بالضرورة إلى التواصل، أو سوء فهم”، وقال: “المطالب التي عبّر عنها الشباب ينبغي أخذها بعين الاعتبار بشكل واضح”.
وبشأن مطالب إقالة الحكومة ومحاسبتها في جلسة علنية وحل الأحزاب المتورطة في الفساد أورد المتحدث أن رفعها “يحيل على قضية أولى تظهر بشكل مباشر: مشكلة الثقة”، مضيفا: “ليس فقط على مستوى الحكومة، بل على مستوى بلادنا، وهو ما يظهر جليا في نسب المشاركة في الانتخابات التي تكون دائما منخفضة”، وتابع: “معنى هذا أن عدداً من الناس لا يعبّرون عن رأيهم من خلال القنوات المتعارف عليها عالميا، أي الانتخابات”.
كما أشار السكوري إلى “وجود مؤسسات دستورية تضمن تمثيلية الشباب، من قبيل البرلمان، إلخ”، وزاد شارحاً: “لكن يمكننا الاعتراف اليوم بأن الجيل الذي يتراوح عمره ما بين 16 و25 سنة لم يكن حاضراً بالشكل الكافي داخل هذه المؤسسات، بما فيها الهيئات الحزبية، وحتى في العرض السياسي الحالي”.
ولدى سؤاله عن البنية التقليدية التي تشتغل بها الأحزاب، التي مازالت تقدم في الواجهة شخصيات فاسدة متابعة اليوم أمام القضاء بشكل يُنفّر من العمل الحزبي برمته، اعترف الوزير بأن “الربط ليس خاطئاً بتاتا، بل هو الذي يدفع عدداً من الناس إلى اتخاذ قرار التغيير من الداخل”.
ومضى وزير التشغيل قائلاً: “عندما يتخذ شخص ما قراراً بالانخراط في حزب سياسي ويحاول التغيير من الداخل، ويصل إلى المسؤولية، فإنه يبذل جهده من أجل حل عدد من الإشكالات؛ فلا ينبغي أن تبقى بعض الأماكن فارغة، لهذا نحن في لحظة مسؤولية، والمسؤولية تستوجب المحاسبة. وأنا مستعد للمحاسبة اليوم قبل الغد”.
وشدد القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة على أنه “بمجرد الدخول إلى الحكومة يحضر يقين بأن الأمر ليس دائما، بل مساهمة في مسار بلد”، وأردف: “خذ مثلًا ملف غلاء الأسعار، والحوار الاجتماعي؛ أطلقنا حينها إجراءات أعطت دفعة جديدة من الزيادة في الأجور، هل هي كافية؟ هل تلبي المطالب كلها؟ لا. لكن ما يمكنني قوله هو أنه تم بذل مجهود، وحقق نتيجة بالنسبة لعينة من المواطنين”.
السكوري واجه سؤالاً يتعلق بمدى اختبار هذه الاحتجاجات التضامن الحكومي من خلال بروز رغبات من داخل الحكومة “للسطو على الحراك الشبابي”، وضمنه تصريح الوزير نزار بركة بأنه “يحضر بقبعته الحزبية وليس الحكومية”، فرد ضيف هسبريس: “لا أحد يمكنه اختطاف مطالب الشباب لسبب بسيط أن ذكاء الشباب ربما أعلى من ذكاء عدد كبير من الفاعلين”، موردا أن “رصيدهم المعرفي والفكري مرتفع جدا”.
كما اعتبر المتحدث أن “الطبقة السياسية كلها، سواء في الحكومة، الأغلبية، أو حتى المجتمع المدني، مطالبة في هذه المرحلة تحديداً بأن تتحدث بلغة الصدق”، وواصل: “هل الهدف هو احتواء هذا الشباب؟ قناعتي الشخصية هي لا؛ لأن محاولة احتوائه أو اختطاف مطالبه لن تجدي نفعاً”.
وأكد الوزير ذاته أن “محاولة الاحتواء سوف تكون بمثابة تأجيل للموضوع لعدة أيام أو أشهر، وفي أحسن الأحوال لبضع سنوات؛ أما إذا تحدثنا بصدق فعلينا النظر في الحقيقة بعيون مفتوحة”، واسترسل: “علينا أن نسأل هل ما يقوله الشباب حقيقي أم لا؟ هل لدينا فعلًا مشكلة في ترتيب الأولويات؟ ونحن نعرف أن هذا الجيل لا يقبل أن يُقرّر بالنيابة عنه”.
وقال السكوري إن “هذا الجيل كوَّن نفسه بنفسه، عبر الإنترنت ووسائل التواصل الحديثة وطرق التعلم الجديدة، ولم ينل من المؤسسة المدرسية سوى حصة قليلة من تكوينه”، مبرزا أنه “من الخير أن تطلعاته تجاوزت العرض المطروح سياسيا ببلادنا”.
وبخصوص ملف الصحة داخل أجندة انتفاضات الشباب المغربي قال القيادي السياسي ذاته إن “الرهان اليوم هو أن يتوجه المريض إلى مستشفى القرب ويجد طبيباً لخدمته وإسعافه. لكن الطبيب لا يكون موجودًا لكونه ذهب للاشتغال في مصحة خاصة، وهنا علينا أن نُعيد النظر في العلاقة بين القطاع الخاص والعام”، وزاد: “في قطاع الصحة هذه النقطة بالتحديد باتت تتطلب قراراً قويا”.
وجدد الوزير تحذيره للطبقة السياسية، بأغلبيتها ومعارضتها، بأنه “لا يمكن أن تكتفي باللهث وراء الاستحقاقات الانتخابية قبل الوقت”، وتابع: “في الحكومة منذ أول اجتماع للأغلبية كان النقاش واضحًا: نحن أمام ظاهرة حقيقية، شباب غيورون على وطنهم، يطالبون بحقوقهم. إذا قصّرت الحكومة فعليها أن تعترف. إذا لم توصل صوتها فعليها أن تتواصل، لكن يدنا ممدودة”.
" frameborder="0">
0 تعليق