عقدت جمعية “أجيال الغد” لقاء تواصليا خصصته لتسليط الضوء على التحديات التي لا تزال تعترض تفعيل مقتضيات القانون رقم 78.14 المتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، والذي تمت المصادقة عليه منذ سنة 2016 دون أن يعرف طريقه إلى التنزيل العملي بعد.
وأكدت الجمعية، خلال هذا اللقاء، أن الواقع الحالي لا يعكس ما ينص عليه القانون من التزامات واضحة تتعلق بحماية حقوق الطفل والنهوض بوضعية الأسرة المغربية، لا سيما في ظل غياب هيئة مؤسساتية تُعنى برصد السياسات العمومية وتقييم أثرها على هذه الفئات.
واعتبرت أن تفعيل المجلس الاستشاري لم يعد خيارا مؤجلا؛ بل ضرورة مُلحّة لتدارك التأخر المؤسساتي وضمان إرساء منظومة مندمجة للإنصات والتخطيط والمرافعة لفائدة الطفولة والأسرة، كما ورد في روح القانون ذاته.
وحسب المعطيات التي توصلت بها جريدة هسبريس الإلكترونية، خلص اللقاء إلى ضرورة الإسراع في تفعيل المجلس الاستشاري للطفولة والأسرة، مع التركيز على أهمية تعزيز حقوق الطفل والأسرة في المجتمع، باعتبارهما نواة التنمية الاجتماعية وأساس الاستقرار المجتمعي.
وأكد المشاركون في اللقاء أن التأخر في إخراج هذا المجلس إلى حيّز التطبيق يُعد تراجعا عن التزامات دستورية وقانونية واضحة، لا سيما أن القانون رقم 78.14 يشكل إطارا مؤسساتيا متقدما يُمكن أن يساهم في رصد السياسات العمومية وتوجيهها نحو مزيد من الإنصاف والفعالية.
كما شدد المتدخلون على ضرورة أن يكون المجلس فضاء حقيقيا للإنصات والمرافعة وتقديم الرأي الاستشاري، وأن يحظى بالاستقلالية اللازمة والموارد الكفيلة بتمكينه من أداء أدواره كاملة.
ودعا اللقاء إلى إشراك الفاعلين المدنيين والخبراء في وضع اللبنات الأولى لعمل المجلس، وجعل قضاياه من أولويات الأجندة الوطنية، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الأسرة المغربية والطفولة في مجالات الحماية والتعليم والصحة والعدالة الاجتماعية.
قال حميد النوالي، عضو المكتب التنفيذي لجمعية “أجيال الغد”، إن تنظيم هذا اللقاء في هذه اللحظة بالذات يأتي في إطار الحاجة الملحّة إلى إعادة فتح النقاش حول مصير المجلس الاستشاري للطفولة والأسرة، بعد مرور سنوات على المصادقة على قانونه دون تفعيله على أرض الواقع.
وأوضح النوالي، في تصريحه لهسبريس الإلكترونية، أن الجمعية تعتبر هذا المجلس آلية مؤسساتية ضرورية لضمان تتبع السياسات العمومية الموجهة للأسرة والطفل ورصد الانتهاكات أو مظاهر القصور في هذا المجال.
كما شدد الفاعل الجمعوي سالف الذكر على أن اللقاء يروم دفع الفاعلين والمؤسسات المعنية إلى تحمّل مسؤوليتهم في التسريع بإرساء هذا المجلس، وتوفير شروط نجاحه من حيث الموارد القانونية والبشرية واللوجستيكية، بما يخدم مصلحة الأجيال القادمة ويكرّس العدالة الاجتماعية داخل النسيج الأسري.
وأضاف المتحدث عينه أن فتح هذا النقاش يكتسي أهمية خاصة في ظل اقتراب صدور الصيغة الجديدة لمدونة الأسرة، مشددا على ضرورة أن تعكس المدونة تطلعات وتحديات المجتمع المغربي في مجال الأسرة والطفولة، لا سيما في ظل التحولات الاجتماعية والثقافية التي يعرفها المغرب.
واعتبر عضو المكتب التنفيذي لجمعية “أجيال الغد” أن غياب المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة يُفوّت على البلاد فرصة مؤسساتية لتأطير هذا النقاش بشكل علمي وتشاركي، يمكن من إشراك ذوي الخبرة والمجتمع المدني في بلورة توصيات واقعية قابلة للتنفيذ.
وأكد حميد النوالي أن مدونة الأسرة، بصيغتها المنتظرة، يجب ألا تُبنى فقط على مقاربات قانونية؛ بل يجب أن تُواكبها رؤية شمولية تأخذ بعين الاعتبار حقوق الطفل، وتُرسّخ مبدأ المصلحة الفضلى للأسرة، وتضمن حماية فعلية لجميع مكوناتها.
0 تعليق