وضع مؤشر مخاطر الاستثمار والمرونة العالمي، الصادر عن مؤسسة “هينلي أند بارتنرز” بالتعاون مع منصة “ألفا جيو”، المغرب في المركز الـ148 من أصل 226 دولة ومنطقة في العالم شملها المؤشر، برصيد 55.42 نقطة من أصل 100، واضعًا بذلك المملكة ضمن فئة “قائمة مراقبة المخاطر” (Risk Watchlist) والدول عالية المخاطر.
ويمنح هذا المؤشر المستثمرين والحكومات إطارًا منهجيًا للتعامل مع عالمٍ تتداخل فيه المخاطر؛ من الصراعات الجيوسياسية والتضخم إلى الاضطرابات التكنولوجية وتغير المناخ، عبر دمج مستوى التعرض للمخاطر مع القدرة على الصمود في نتيجة واحدة، وتحديد الدول الأفضل من حيث الحفاظ على الثروة وتوليد القيمة، مما يساعد أصحاب رؤوس الأموال والشركات على بناء ملفات استثمارية أكثر توازنًا ويمنح الحكومات أداةً لقياس قدرتها التنافسية.
وتصدّرت سويسرا قائمة أكثر دول العالم قدرةً على الصمود في هذا المؤشر، الذي يقيس مدى تعرض الدول للمخاطر الجيوسياسية والاقتصادية والمناخية إلى جانب قدرتها على التكيّف والتعافي؛ فيما تذيّلت كلٌّ من جنوب السودان ولبنان وهايتي التصنيف العالمي إثر حلولها في المراكز الثلاثة الأخيرة على التوالي، جراء عدم الاستقرار السياسي الكبير والمخاطر القانونية والتنظيمية العالية ثم ضعف الحوكمة وغياب الابتكار وتعقيد الاقتصاد، فضلا عن انخفاض مؤشرات التنمية الاجتماعية؛ مما يعكس هشاشةً متجذّرة وقدرةً محدودة على التكيّف.
ويعتمد مؤشر مخاطر الاستثمار والمرونة العالمي على إطار تحليلي مزدوج طوّرته منصة “ألفا جيو”، والذي يميّز بين التعرض للمخاطر ومستوى الجاهزية لمواجهتها باعتبارهما عاملين مستقلين لكن متكافئين في الأهمية. فعلى سبيل المثال، تجمع الدول المصنفة ضمن فئة “السوق الممتاز” (Prime Market) بين مستويات مرتفعة جدًا من المرونة مقابل مخاطر منخفضة؛ بينما تُظهر الدول في فئة “قائمة مراقبة المخاطر” هشاشةً هيكلية ومخاطر مرتفعة.
وأشار تقرير المؤشر إلى أن اقتصادات مجموعة السبع (G7) تتميز بالاستقرار، حيث تجمع بين المخاطر المنخفضة والقدرة القوية على الصمود، إذ تتصدرها ألمانيا التي حلّت في المركز العاشر عالميًا؛ تليها كندا والمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، ثم اليابان وإيطاليا.
وخارج هذه المجموعة، جاءت جمهورية الصين الشعبية في المركز الـ49 عالميًا، إذ تُصنَّف كوجهة استثمارية “ذات آفاق إيجابية”، حيث تعوّض المخاطر المعتدلة بقدرات عالية على الصمود بفضل الاستثمار والابتكار؛ فيما تواجه روسيا، التي حلّت في المركز الـ94، وضعًا أكثر هشاشة. تمتلك روسيا مرونة عالية لكنها تتعرض لمخاطر مرتفعة بسبب عدم الاستقرار السياسي والغموض التنظيمي؛ مما يضعها ضمن فئة “الإمكانات الحذرة” (Cautious Potential).
وقال كريستيان هـ. كايلين، رئيس مؤسسة “هينلي أند بارتنرز”، إن “هذا المؤشر يعد أداة جديدة ومفيدة لفهم أين تكمن المخاطر الحقيقية والسيادة الوطنية، فهو يمنح المستثمرين والشركات والمواطنين العالميين وضوحًا غير مسبوق بشأن الأماكن التي تستحق الثقة والاستثمار في السنوات المقبلة”.
من جهته، أكد باراغ خانا، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة “ألفا جيو”، أن “المخاطر العالية ليست سلبية دائمًا إذا رافقتها مرونة قوية. كما أن المرونة العالية قد تخفي مواطن ضعف، خاصة في الاقتصادات المتقدمة التي تواجه ضغوطًا سياسية أو مالية. وبالتالي، فإن التكيّف أصبح أولوية جديدة؛ ذلك أن المجتمعات التي تلتزم ببناء المرونة عبر الابتكار والحوكمة والاستعداد المناخي ستكون الأكثر جذبًا للاستثمار والمواهب والنمو الطويل الأمد”.
0 تعليق