عدّد خبراء اقتصاديون ومحللون رياضيون مغاربة الانعكاسات الاقتصادية والإشعاع المرتقب للإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني المغربي للشبان بعد ظفره بـ”مونديال U20″ بالشيلي، منتصرا على نظيره الأرجنتيني بهدفين دون مقابل.
بعد نحو ثلاث سنوات على “مونديال قطر 2022” حينَ وصل “رفاق حكيمي” (المنتخب الأول) إلى المربع الذهبي، تمكن منتخب المغرب للشبان، المعروف بلقب “أشبال الأطلس”، من كتابة تاريخ مشرق جديد للكرة المغربية بقتالية ميزت أداءه طيلة أطوار البطولة، فيما شدد الخبراء ممن تحدثت إليهم هسبريس على أن المملكة ستجني مكاسب المنجَز الكروي بانعكاسات متعددة المستويات، خاصة من حيث إشعاع المغرب دوليا “Nation branding” مع “نقطة تحول في الاستثمار الرياضي”، ولفت للانتباه نحو “أمّة كروية صاعدة” كأول بلد عربي يعتلي قمم التتويج العالمي في فئة اللاعبين الشبان.
استثمار المواهب
إدريس عبيس، إطار وطني محلل رياضي، أبرز مدى التأثير الاقتصادي إثر مونديال الشباب في الشيلي بقوله إن “كأس العالم للشباب يعد تجمعا عالميا للشركات والمؤسسات الرياضية التي تسعى لتطوير مواهب اللاعبين”، مستدلا بأن “الفوز المغربي جذب الانتباه نحو اللاعبين الشباب المغاربة، ما يعني زيادة الاهتمام الدولي بالمواهب المغربية وفرص الاستثمار طويلة الأمد في مساراتها الاحترافية. وبفضل الأداء المتميز للمنتخب، بقيادة المدرب محمد وهبي، أصبح المغرب بوابة للمواهب الشابة، ويعد هذا الإنجاز عامل جذب للشركات الرياضية العالمية والمحلية على حدّ سواء”.
وأضاف عبيس، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “النجاح الذي أبداه المنتخب على مستوى الانسجام الجماعي والأداء الفني يعكس مدى قوة التدريب والإعداد الوطني. هذا النجاح يشجع الأندية الوطنية على تطوير برامجها، ويحفز الشركات المحلية والوطنية، سواء العامة أو شبه العمومية، على الاستثمار في الرياضة الشبابية والبنية التحتية المرتبطة بها. كما أن التجربة المغربية تشكل نموذجا يُحتذى به على مستوى إعداد اللاعبين وتطوير مهاراتهم التكتيكية والفنية ضمن مسار تكويني مستثمَر فيه بعناية”.
وختم الإطار الرياضي الوطني بأن “إشعاع المغرب دوليا سيكون مضمونا ومحقَّقا”، وقال شارحا: “بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، يُعزز هذا الإنجاز موقع المغرب على الخارطة الرياضية العالمية، ويجعله شريكا جذابا في سوق استقطاب اللاعبين من إفريقيا والدول العربية إلى أوروبا”.
كما أنه “بفضل هذا الإنجاز، يُمكن أن تشهد الفترة المقبلة تحولات كبيرة في استثمارات كرة القدم بالمغرب، ويصبح الاستثمار في اللاعبين الشباب المغاربة موضع اهتمام عالمي، ما يفتح آفاقا أرحب للمنظومة الرياضية الوطنية”.
عوائد سياحية
يؤكد بدر الزاهر الأزرق، أستاذ باحث في الاقتصاد وقانون الأعمال، رؤيته للمكاسب والعوائد المتوقعة، أن “فوز المنتخب الوطني المغربي للشباب بكأس العالم سيمتد البلد لفترة زمنية مهمّة بفوائد اقتصادية وسياحية ودبلوماسية”.
الأزرق، مصرحا لهسبريس، تصوَّر أن يكون لفوز المنتخب الوطني المغربي للشباب بكأس العالم في شيلي 2025 “الوقعُ التاريخي بإشعاع أكبر يعيد إلى الأذهان الدينامية والإثارة اللتين أحدثهما تأهل المنتخب الوطني للمراحل المتقدمة في كأس العالم 2022 بقطر”. مفيدا بأن “هذا الإنجاز الرياضي لا يقتصر على الأبعاد الرياضية فحسب، بل يمتد تأثيره إلى أبعاد اقتصادية، سياحية، ودبلوماسية، مما يجعله نقطة تحول حقيقية للمملكة المغربية على الساحة الدولية”.
وفصّل من الناحية الاقتصادية والسياحية بأن “الإنجاز يُساهم في رفع مكانة المغرب عالميا. كما أظهرت تجربة مونديال قطر 2022، فإن النجاحات الرياضية الكبيرة ترتبط بزيادة قياسية في الاهتمام الرقمي بالمملكة على مختلف محركات البحث، وهو ما ينعكس مباشرة على معدلات التدفق السياحي ورفع صورة المغرب كوجهة مفضلة للسياح العالميين”.
وذكر المحلل الاقتصادي نفسه أن “الفوز بكأس العالم للشباب يمثل مضاعفة للربح الاقتصادي للمملكة؛ إذ يسهم في جذب الاستثمارات الرياضية المحلية والدولية، وتطوير البنية التحتية المرتبطة بالرياضة والسياحة”. وبحسبه، “المغرب اليوم يَظهر كقطب عالمي للرياضة، ما يخلق فرصا كبيرة للشركات الرياضية والمستثمرين المحليين والعالميين للاستفادة من المواهب المغربية الشابة، وتعزيز منظومة الاستثمار الرياضي طويلة الأمد”.
وأطّر المصرح لهسبريس ذلك ضمن منظور أعمّ، قائلا: “الرياضة تُستخدم اليوم كأداة استراتيجية لترويج السياحة، كما تفعل دول مثل البرازيل والأرجنتين. والمغرب من خلال فوزه بمونديال الشباب سيصير وجهة رياضية عالمية، ما يرفع من قيمة السياحة الرياضية ويضيف أبعادا جديدة لمقاصد المملكة السياحية، ليستفيد من الدينامية السياحية المرتبطة بالنجاحات الرياضية. كما يساهم هذا الإنجاز في تعويض الركود الطفيف الذي شهدته السياحة في الأشهر القليلة الماضية، وإعادة تحفيز السوق السياحية الوطنية”.
إلى جانب البعد الاقتصادي والسياحي، لا يخلو الإنجاز المغربي من بعد دبلوماسي لم تخطئه عيون المحللين؛ إذ أكد أستاذ الاقتصاد أن “كرة القدم اليوم صارت أداة قوية للدبلوماسية الناعمة، ويمكن للمملكة تعزيز صورتها الإيجابية في الرأي العام العالمي، ودعم قبول وجهة النظر المغربية في القضايا الدولية بهذه الإنجازات الكروية اللافتة”.
0 تعليق