مشروع قانون المالية الجديد يرسخ الرؤية الملكية للعدالة الاجتماعية والمجالية - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

جاء مشروع قانون المالية لسنة 2026 محمّلًا برسائل سياسية واقتصادية قوية تعبّر عن إرادة الدولة المغربية في تجديد الثقة مع المواطن، وترسيخ خيار التنمية البشرية باعتباره المدخل الأنجع لبناء المستقبل.

فقد صادق المجلس الوزاري، برئاسة الملك محمد السادس، على ميزانية غير مسبوقة بلغت 15 مليار دولار مخصصة لقطاعي التعليم والصحة، مع إحداث 27.000 منصب شغل جديد في هذين القطاعين الحيويين.

إنها خطوة تعبّر عن رؤية إستراتيجية واضحة تجعل الإنسان محور السياسات العمومية، وتؤكد أن كرامة المواطن هي في صلب المشروع التنموي للمملكة. فالتعليم والصحة ليسا مجرد خدمات اجتماعية تُقدَّم من باب الواجب، بل هما ركيزتان أساسيتان لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، وتقوية اللحمة الوطنية، وتجديد العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع.

في عالم تتعاظم الأزمات الاقتصادية والتقلبات الجيوسياسية اختار المغرب أن يواجه التحديات بالاستثمار في الإنسان؛ فبينما تتجه دول عديدة إلى تقليص الإنفاق الاجتماعي بسبب الضغوط المالية، يوسّع المغرب هذا الإنفاق، رغم محدودية موارده مقارنةً ببلدان أوروبية كبرى.

وعندما نضع هذا الجهد المالي في ميزان المقارنة مع دول مثل فرنسا أو إسبانيا أو إيطاليا، التي يفوق ناتجها الداخلي الإجمالي تريليون دولار، ندرك أن المغرب يقدم نموذجًا خاصًا في ترتيب الأولويات، حيث تُقاس التنمية بجودة حياة المواطن لا بحجم الأرقام في دفاتر الميزانية.

تخصيص 27.000 منصب شغل في قطاعي التعليم والصحة ليس مجرد إجراء تقني، بل رسالة سياسية واجتماعية موجهة إلى الشباب المغربي، مضمونها أن الدولة تراهن على كفاءتهم وانخراطهم في خدمة الوطن. وهي خطوة تنسجم مع التوجه الملكي الداعي إلى تشجيع الشباب على المشاركة السياسية، وإعادة الثقة في العمل العمومي، وجعل المرفق العام فضاءً لجودة الأداء وخدمة المواطن.

إن بناء المستقبل لا يتحقق بالشعارات أو الخطابات، بل بالفعل الميداني والنتائج الملموسة. من هنا تأتي أهمية ميزانية 2026 باعتبارها ترجمة عملية للرؤية الملكية في تجديد العقد الاجتماعي، عبر توجيه الاستثمار العمومي نحو ما يلامس الحياة اليومية للمغاربة، ويعزز حضور الدولة الاجتماعية التي تحمي وتُمكّن وتؤهل.

ويبقى التحدي الحقيقي اليوم في حسن تدبير الموارد المالية وتوجيهها نحو مشاريع واقعية تُحدث الفارق في الميدان. فالإرادة السياسية واضحة، والرؤية الملكية محددة، وما ينتظره المواطن هو أن يرى أثر هذه القرارات في مدرسة عمومية ذات جودة، ومستشفى إنساني في خدماته، وشغل كريم يضمن الاستقرار الأسري والاجتماعي.

إن مشروع قانون المالية لسنة 2026 ليس وثيقة تقنية، بل إعلان عن مرحلة جديدة من الأمل الوطني، تُؤكد أن المغرب ماضٍ بثبات في بناء نموذج تنموي قائم على العدالة والمساواة في الفرص والاستثمار في الإنسان باعتباره الثروة الحقيقية للوطن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق