أكد عبد الرزاق لعسل، السفير المغربي في كينيا، أن التحاق هذه الأخيرة بركب الدول الداعمة للسيادة المغربية على الصحراء يمثل نقطة تحول نوعية في التوازنات الإقليمية بمنطقة شرق إفريقيا، مشددا على أن هذا الموقف الجديد يعكس نضج الرؤية السياسية الكينية وجرأتها الدبلوماسية، ويضع المغرب في موقع قوة على الساحة الإقليمية والدولية، من خلال تشجيع دول أخرى في المنطقة لإعادة النظر في مقارباتها تجاه قضية الوحدة الترابية للمملكة بعين موضوعية وواقعية.
وأوضح الدبلوماسي المغربي ذاته، في الحوار التالي مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه الدينامية تفتح آفاقا غير مسبوقة لتعميق الشراكات بين الرباط ونيروبي في جميع القطاعات، من الاقتصاد والفلاحة إلى الطاقات المتجددة والتعليم والتكنولوجيا المالية، مبرزا أن انفتاح المغرب على السوق الكينية يمثل بوابة استراتيجية نحو أسواق شرق إفريقيا بأسرها، ويتيح للمملكة تعزيز حضورها الاقتصادي في منطقة المجموعة الاقتصادية لدول شرق إفريقيا التي تضم أكثر من 300 مليون مستهلك.
وأوضح أن من ضمن أولويات السفارة المغربية في الوقت الحالي، معالجة الاختلال في الميزان التجاري بين البلدين، من خلال تسهيل دخول المنتجات الكينية عالية الجودة إلى السوق المغربية، وتشجيع الاستثمارات المغربية في كينيا، وتحويل هذا التقارب السياسي إلى مشاريع واقعية تخدم المواطن الكيني والمغربي على حد سواء.
وهذا نص الحوار:
بعد التحاق كينيا مؤخرا بركب الدول الداعمة للسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية في إطار مخطط الحكم الذاتي، ما هي دلالات هذا الموقف الجديد في السياق الإفريقي الحالي؟
إن التحاق جمهورية كينيا بركب الدول الداعمة لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية في إطار مبادرة الحكم الذاتي يمثل خطوة تاريخية ذات دلالات عميقة. هذا الموقف الرسمي، الذي تبلور خلال الزيارة التاريخية لمعالي السيد موسالي مودافادي، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الكيني، إلى المملكة المغربية في مايو 2025، يعكس نضج الرؤية السياسية الكينية وإدراكها للطبيعة الواقعية والجدية لمقترح الحكم الذاتي.
وقد جاء في البيان المشترك الذي صدر عقب المحادثات تصريح واضح وصريح بأن “جمهورية كينيا تعتبر مخطط الحكم الذاتي المقاربة المستدامة الوحيدة لحل قضية الصحراء”. هذا الموقف الكيني الحازم يمثل انتصارا دبلوماسيا كبيرا للمغرب ويعكس الزخم الدولي المتنامي لصالح المبادرة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.
كما رحبت جمهورية كينيا بالإجماع الدولي المتنامي والزخم الذي يقوده صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لصالح مخطط الحكم الذاتي باعتباره الحل الوحيد الواقعي والمصداقي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
في السياق الإفريقي الأوسع، رحبت كينيا بالمبادرة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الرامية إلى تسهيل وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، واعترفت بالقيادة الرشيدة لجلالته في تعزيز إفريقيا مزدهرة. هذا التقدير يعكس الدور الريادي الذي يضطلع به صاحب الجلالة، نصره الله، في خدمة القارة الإفريقية وشعوبها.
ولا بد هنا من الإشادة بالدور القيادي البارز والشجاعة السياسية لفخامة الرئيس الدكتور ويليام روتو، الذي أظهر منذ انتخابه في أغسطس 2022 رؤية استشرافية وواقعية في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية، حيث تبنى فخامته نهجا قائما على المقاربة التصاعدية للتحول الاقتصادي “Bottom-Up Economic Transformation Agenda (BETA)”، وهي رؤية شاملة تضع المواطن والمجتمعات المحلية في صلب عملية التنمية.
والمملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ترحب بهذا النهج التحويلي وتثمنه عاليا؛ إذ يتقاسم البلدان رؤية مشتركة للتنمية المستدامة والشاملة، خاصة وأن صاحب الجلالة طالما دعا إلى نموذج تنموي أفريقي يستجيب لتطلعات الشعوب ويحقق النمو الشامل والمستدام، وهو ما ينسجم تماما مع المقاربة التصاعدية التي يقودها فخامة الرئيس روتو في كينيا.
إلى أي مدى يمكن اعتبار هذا الموقف الكيني الجديد نقطة تحوّل في التوازنات والمواقف تجاه القضية الوطنية في منطقة شرق إفريقيا؟
بلا شك، يمثل الموقف الكيني نقطة تحول نوعية في التوازنات الإقليمية بمنطقة شرق إفريقيا، فكينيا تعتبر قوة إقليمية رائدة ومؤثرة، ليس فقط في المجموعة الاقتصادية لدول شرق إفريقيا، بل أيضا في منظومة الاتحاد الإفريقي والمنظمات الإقليمية الفرعية.
القيادة الحكيمة لفخامة الرئيس الدكتور روتو لعبت دورا محوريا في هذا التحول الاستراتيجي. فمنذ انتخابه في أغسطس 2022، عمل فخامته على تعزيز مكانة كينيا كفاعل دبلوماسي مؤثر في المنطقة، وأظهر قدرة فائقة على اتخاذ مواقف مبدئية شجاعة تخدم المصالح الاستراتيجية لبلاده وللقارة الإفريقية.
هذا الموقف يفتح آفاقا واسعة لتعزيز الدينامية الإيجابية التي بدأت تتشكل في المنطقة، ويشجع دولا أخرى على إعادة النظر في مقارباتها تجاه القضية الوطنية بعين موضوعية وواقعية.
هل يمكن القول إن دعم كينيا لمخطط الحكم الذاتي سيكون مدخلا لتقوية الشراكات المغربية–الكينية في مختلف المجالات؟
من المؤكد أن الموقف الكيني الداعم لوحدتنا الترابية يشكل أرضية صلبة لتعميق وتنويع الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وهذا ما تجسّد فعليا خلال الزيارة الرسمية التاريخية لمعالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الكيني إلى المملكة المغربية يومي 26 و27 مايو الماضي.
هذه الزيارة، التي أتت في سياق احتفال البلدين بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بمناسبة تدشين السفارة الكينية في الرباط، شكلت منعطفا حاسما في العلاقات الثنائية. وهذا الحدث يأتي تجسيدا للرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الرامية إلى تعزيز الروابط الإفريقية-الإفريقية، ويؤكد العمق التاريخي للعلاقات بين البلدين.
ولا بد هنا من التذكير بالدعم التاريخي للمملكة المغربية لاستقلال كينيا، ولا سيما استخدام مقر السفارة المغربية في لندن في الخمسينيات من قبل الرئيس جومو كينياتا خلال مؤتمر لانكستر، وهو ما يشكل رمزا للتضامن الإفريقي الأصيل الذي طالما جسدته المملكة تحت القيادة الملكية الحكيمة.
الزيارة تُوّجت بتوقيع خمس مذكرات تفاهم استراتيجية في قطاعات حيوية، تشمل: الإسكان والتنمية، التجارة، شؤون الشباب، التدريب الدبلوماسي، والشراكة المؤسساتية بين مدرسة كينيا للحكومة والمدرسة الوطنية العليا للإدارة المغربية.
كما اتفق البلدان على تسريع العلاقات الاقتصادية في مجالات الصيد البحري، الفلاحة، الإسكان، النقل، الصحة، السياحة، والطاقات المتجددة.
إن هذه الاتفاقيات تعكس الالتزام المشترك بترجمة التقارب السياسي إلى شراكة اقتصادية وتنموية فعلية تخدم المقاربة التصاعدية التي يقودها فخامة الرئيس روتو، والتي تتماشى مع الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، القائمة على التعاون جنوب-جنوب المثمر والمتضامن.
المملكة المغربية، بتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، تتبنى رؤية شاملة للتعاون تقوم على التضامن والمنفعة المتبادلة. ومع كينيا تحديدا، نطمح لبناء شراكة نموذجية تجمع بين التكامل الاقتصادي والتنسيق السياسي، بما يخدم شعبينا الصديقين وشعوب القارة.
ما هي أهم القطاعات الاقتصادية التي تشهد نموا في التعاون المغربي-الكيني؟
التعاون المغربي-الكيني يشهد نموا ملحوظا في قطاعات استراتيجية عدة، ويتميز بتكامل اقتصادي واعد بين البلدين. فالرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، للتعاون الإفريقي-الإفريقي تركز على بناء شراكات حقيقية تستفيد من المزايا النسبية لكل طرف، وهو ما ينطبق تماما على العلاقة مع كينيا.
في قطاع الفلاحة والأمن الغذائي، تم إرساء شراكة فلاحية استراتيجية وفقا للرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، للأمن الغذائي الإفريقي، التي تعتبر من أولويات السياسة الإفريقية للمملكة. المملكة المغربية، من خلال المجمع الشريف للفوسفاط وبتعليمات سامية من صاحب الجلالة، نصره الله، وضعت نفسها كمورد أساسي ومُيسِّر للأسمدة لكينيا.
هذه الشراكة الاستراتيجية تهدف إلى تقليل تكاليف المدخلات الفلاحية للفلاحين الكينيين مع ضمان توفير أسمدة عالية الجودة مكيفة مع خصوصيات التربة الإفريقية. وهذا يتماشى مع المقاربة التصاعدية التي تركز على دعم صغار الفلاحين وتحسين إنتاجيتهم.
في المقابل، كينيا تتمتع بقدرات إنتاجية متميزة في الشاي والقهوة والمنتجات الطازجة عالية الجودة، والسوق المغربية تشكل فرصة واعدة لهذه المنتجات. ونحن نعمل على تسهيل دخولها وتعزيز التبادل التجاري بما يحقق توازنا أفضل في الميزان التجاري بين البلدين.
في ما يخص التكامل في التكنولوجيا الزراعية، حقق المغرب تقدما كبيرا في مجال التكنولوجيا الزراعية، خاصة في تقنيات الري الحديثة، الزراعات المقاومة للجفاف والفلاحة الذكية مناخيا، وذلك بفضل الرؤية الاستشرافية لصاحب الجلالة، نصره الله، في هذا المجال، وكينيا من جهتها تتميز بديناميكية قوية في قطاع الابتكار الزراعي والتكنولوجيا الرقمية المطبقة في الفلاحة.
هذا التكامل يفتح آفاقا واسعة للشراكات بين الشركات الناشئة والمؤسسات البحثية في البلدين لتطوير حلول تكنولوجية مبتكرة تستجيب لتحديات الأمن الغذائي في إفريقيا، وهو ما يجسد الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، لإفريقيا مبتكرة ومكتفية ذاتيا.
أما على صعيد التكامل في التكنولوجيا المالية، فإن كينيا دولة رائدة عالميا في مجال التكنولوجيا المالية والدفع الإلكتروني، مع تجربة “M-Pesa” التي أحدثت ثورة في الشمول المالي. المغرب من جهته يمتلك قطاعا مصرفيا وماليا متطورا وخبرة واسعة في التمويل الأصغر والابتكار المالي، بدعم من التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، لتعزيز الشمول المالي.
هذا التكامل يوفر فرصا استثنائية للتعاون في تطوير حلول مالية رقمية مبتكرة تخدم المقاربة التصاعدية وتوفر خدمات مالية ميسرة للمواطنين، خاصة في المناطق النائية. يمكن للمؤسسات المالية المغربية والكينية العمل سويا لتطوير منصات مشتركة تخدم السوقين وتمتد إلى أسواق شرق إفريقيا.
وهناك قطاعات أخرى للتعاون، ففي مجال الطاقات المتجددة، المملكة المغربية، بتوجيهات صاحب الجلالة، نصره الله، حققت إنجازات رائدة عالميا في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكينيا تتوفر على إمكانات هائلة في الطاقة الحرارية الجوفية والطاقة الشمسية. وبالتالي، فإن هذا التكامل يفتح بدوره المجال لشراكات استراتيجية في تطوير مشاريع الطاقات النظيفة وتبادل الخبرات والتكنولوجيا.
في قطاع الصناعة الصيدلانية، المغرب يمتلك صناعة دوائية متطورة تغطي جزءا كبيرا من احتياجات القارة الإفريقية، والسوق الكينية والإقليمية توفران فرصا كبيرة للشركات المغربية للاستثمار وإقامة وحدات إنتاج محلية، مما يساهم في خفض الأسعار وتوفير فرص العمل.
في مجال الإسكان والتنمية العمرانية، المغرب طور خبرة متميزة في مجال الإسكان الاجتماعي والمدن الجديدة، وذلك بفضل البرامج الطموحة التي أطلقها صاحب الجلالة، نصره الله. هذه الخبرة يمكن أن تساهم في معالجة التحديات السكنية في كينيا، خاصة في إطار المقاربة التصاعدية التي تولي أهمية كبرى لتوفير سكن لائق للمواطنين.
قطاع النقل الجوي يمثل أيضا فرصة كبيرة، حيث إن فتح المجال الجوي وتسيير رحلات مباشرة بين المدن المغربية والكينية سيعزز الروابط التجارية والسياحية بشكل كبير، ويسهل حركة رجال الأعمال والسياح، دون أن ننسى مجال التعليم والتكوين، حيث تقدم الوكالة المغربية للتعاون الدولي منحا دراسية للطلبة الكينيين، ونعمل على زيادة هذه المنح استجابة للطلب المتزايد. كما أن تبادل الخبرات في مجال التعليم، خاصة تدريس اللغات، يشكل مجالا واعدا للتعاون.
وفي إطار الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، للإسلام المعتدل والمتسامح، يمنح معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات 200 منحة على مدى خمس سنوات لتكوين القيادات الدينية الكينية. وقد بدأت المجموعة الأولى المكونة من حوالي 120 إماما برنامج تكوين مدته سنتان في المغرب، مما يبرز التزام صاحب الجلالة، نصره الله، بتعزيز قيم التسامح والاعتدال الديني في إفريقيا، وهي مبادرة ملكية سامية تكتسي أهمية قصوى في تعزيز السلم والاستقرار في القارة.
كيف تعمل السفارة المغربية في كينيا على الدفع بخطط تعزيز الاستثمارات المغربية في كينيا، خصوصا في قطاعات البنية التحتية والطاقة المتجددة؟
السفارة المغربية في نيروبي تعمل كحلقة وصل استراتيجية بين المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين في البلدين، وتقوم بدور محوري في متابعة تنفيذ الالتزامات المنبثقة عن مذكرات التفاهم الخمس الموقعة في مايو 2025، وذلك تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، بتفعيل الشراكات الإفريقية-الإفريقية على أرض الواقع.
نحن نعمل بتنسيق وثيق مع الجهات الحكومية الكينية والمغربية لترجمة هذه الاتفاقيات إلى مشاريع ملموسة. ومن أولوياتنا العمل على معالجة الاختلال في الميزان التجاري، من خلال تسهيل دخول المنتجات الكينية عالية الجودة إلى السوق المغربية، وتشجيع الاستثمارات المغربية في كينيا.
نحن نقوم بدور استباقي في تحديد الفرص الاستثمارية الواعدة التي تتماشى مع المقاربة التصاعدية، خاصة تلك المشاريع التي تخدم مباشرة المواطن الكيني من خلال خلق فرص عمل، نقل التكنولوجيا، وتعزيز الإنتاجية في القطاعات الحيوية، وهو ما يجسد الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، للشراكة الإفريقية القائمة على التضامن الفعلي والمنفعة المتبادلة.
في مجال البنية التحتية، هناك فرص كبيرة للشركات المغربية المتخصصة للمساهمة في المشاريع الكبرى التي تعرفها كينيا، فالخبرة المغربية المتراكمة في هذا المجال، التي تطورت بفضل المشاريع الكبرى التي أطلقها صاحب الجلالة، نصره الله، في المملكة، تشكل قيمة مضافة حقيقية للمشاريع الكينية.
نعمل أيضا على تنظيم منتديات اقتصادية ولقاءات تواصلية منتظمة تجمع بين المستثمرين ورجال الأعمال من البلدين، وعلى تقديم المعلومات الدقيقة حول البيئة الاستثمارية والفرص المتاحة. كما نعمل على تسهيل تنفيذ مذكرة التفاهم حول التدريب الدبلوماسي، لتعميق الفهم المتبادل وتعزيز التنسيق في المحافل الإقليمية والدولية.
سؤال أخير، إلى أي مدى يمثل انفتاح المغرب على السوق الكينية بوابة إلى أسواق شرق إفريقيا؟
بالتأكيد، كينيا تمثل بوابة استراتيجية للمغرب نحو أسواق شرق إفريقيا بأسرها، وهذا يتماشى تماما مع الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، لتعزيز الحضور الاقتصادي المغربي في مختلف مناطق القارة الإفريقية.
فبحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وبنيتها التحتية المتطورة، ومينائها في “مومباسا” الذي يعد الأكبر في المنطقة، تشكل كينيا مركزا لوجستيا وتجاريا حيويا للمنطقة بأسرها. من خلال تعزيز الشراكة مع كينيا، يستطيع المغرب الوصول إلى سوق المجموعة الاقتصادية لدول شرق إفريقيا التي تضم أكثر من 300 مليون نسمة.
الاتفاقيات الخمس الموقعة في مايو 2025، إلى جانب افتتاح السفارة الكينية في الرباط احتفالا بالذكرى الستين للعلاقات الدبلوماسية، تشكل أرضية صلبة لبناء هذه الشراكة الاستراتيجية تجسيدا للرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله.
فهي لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل تشمل أيضا التعاون الدبلوماسي والتنسيق في المحافل الدولية.
هذا الانفتاح يتماشى تماما مع الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، لتعزيز التعاون جنوب-جنوب وبناء شراكات متينة مع مختلف مناطق القارة الإفريقية. المغرب، بعودته إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017 بقرار تاريخي من صاحب الجلالة، نصره الله، وضع إفريقيا في صلب أولوياته الاستراتيجية، ويعمل على بناء جسور التعاون والتضامن الحقيقي مع جميع الأشقاء الأفارقة.
وقد اعترفت كينيا بالقيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في تعزيز إفريقيا مزدهرة، كما رحبت بالمبادرة الملكية السامية لتسهيل وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، وهي مبادرة تعكس حرص جلالته على تعزيز التكامل الإفريقي وفتح آفاق جديدة للتنمية أمام الدول الإفريقية الشقيقة.
إن المستقبل يحمل إمكانات كبيرة للشراكة المغربية-الكينية، خاصة مع وجود قيادتين حكيمتين ومتبصرتين، حيث إن العلاقات المغربية-الكينية اليوم تمثل نموذجا يُحتذى به للتعاون جنوب-جنوب، قائما على الثقة المتبادلة، الاحترام، والإرادة المشتركة لبناء مستقبل أفضل لشعوبنا، وذلك تجسيدا للرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة، نصره الله، لإفريقيا موحدة ومزدهرة.
والتطور الإيجابي الذي شهدته العلاقات الثنائية منذ انتخاب فخامة الرئيس الدكتور روتو في أغسطس 2022 يبشر بآفاق واعدة للتعاون في جميع المجالات، خاصة مع التقارب الكبير بين الرؤية الملكية السامية والمقاربة التصاعدية، اللتين تضعان المواطن والتنمية المستدامة في صلب اهتماماتهما.
0 تعليق