أُعلن الجمعة عن اللوائح النهائية للمترشحين الذين سيجتازون المباراة الموحدة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، المرتقبة يوم الأحد القادم. وقد تجاوز عدد المقبولين لاجتياز المباراة 2000 مترشح، في مقابل 200 منصب فقط تم فتحها في عدد من القطاعات الحكومية.
ورغم تركيز الجهات المنظمة على معيار الكفاءة كأولوية في الانتقاء، إلا أن الواقع يعكس مفارقة مؤلمة، حيث تستمر معضلة البطالة وسط هذه الفئة، في ظل محدودية المناصب وعجزها عن استيعاب الأعداد المتزايدة من المعطلين الذين يتنافسون سنويا على فرص شحيحة في سوق الشغل العمومي.
وعبّر عدد من المترشحين للمباراة الموحدة للأشخاص في وضعية إعاقة عن استيائهم من استمرار محدودية المناصب المفتوحة، وعدم تفعيل نسبة 7% المنصوص عليها قانونا في التوظيف العمومي، معتبرين أن ذلك يفاقم أزمة البطالة في صفوفهم.
وأكد هؤلاء، في تصريحات لهسبريس، أن غياب فرص حقيقية في سوق الشغل يجعل من الوظيفة العمومية المسار الوحيد الممكن، ما يُكرّس الهشاشة ويقوّض مبدأ تكافؤ الفرص الذي يفترض أن يُضمن دستوريًا.
وتزامنا مع صدور قانون المالية لسنة 2026، يجدد الأشخاص في وضعية إعاقة مطلبهم الملح برفع عدد المناصب المخصصة لهم، في خطوة يعتبرونها ضرورية لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، وضمان تمثيلية منصفة داخل سوق الشغل.
فرص محدودة
أكد عثمان العماري، أحد المترشحين لمباراة الأشخاص في وضعية إعاقة أحد الوجوه البارزة في الحملة النضالية الأخيرة خلال شهر شتنبر، أن الوضع لا يزال مأساويا في ظل تزايد عدد المعطلين سنويا. وأوضح أن ما بين 250 و300 خريج من ذوي الإعاقة يلتحقون بسوق الشغل كل عام، في حين لا يتجاوز عدد المناصب المفتوحة 200 منصب، ما يعمّق من حدة التنافس بين فئات مختلفة من الأشخاص في وضعية إعاقة على فرص محدودة داخل الوظيفة العمومية.
وأضاف العماري، في تصريح لهسبريس، أن الوضعية تزداد سوءا عاما بعد عام، مبرزا أن هناك من ظل عاطلا لأزيد من عشر سنوات، في ظل تزايد عدد الخريجين من الأشخاص في وضعية إعاقة دون وجود فرص شغل كافية.
وأشار إلى أن عدم التفعيل الحقيقي لنسبة 7% من المناصب المخصصة لهذه الفئة داخل الوظيفة العمومية، إلى جانب الصعوبات التي يواجهونها في الاندماج بسوق الشغل في القطاع الخاص، يُسهم في تفاقم معدلات البطالة ويزيد من حدة الإقصاء الاجتماعي لهذه الشريحة.
وعند سؤال هسبريس المتحدث ذاته حول الحلول المقترحة، شدد على ضرورة تخصيص عدد أكبر من المناصب المالية في مشروع قانون المالية المرتقب، مقترحا أن يتم رفعها إلى ما بين 500 و600 منصب على الأقل. كما أكد أن تفعيل نسبة 7% من المناصب المخصصة للأشخاص في وضعية إعاقة، التي لا تزال غير مفعّلة بالشكل المطلوب، يبقى الحل الجوهري. وأضاف أن “المباراة الموحدة التي تندرج ضمن الوظيفة العمومية، لو كانت فعلا مفعّلة في إطار هذه النسبة، لما استمرت البطالة في صفوف هذه الفئة”، حسب تعبيره.
محاولات متكررة
فاطمة الزهراء العسالي، طالبة مجازة منذ سنة 2013، أكدت في تصريح لهسبريس أنها اجتازت المباراة الموحدة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة خمس مرات من دون أن تُوفق، وتستعد هذه السنة لخوض محاولتها السادسة.
وأبرزت العسالي أن استمرار قلة المناصب، إلى جانب عدم التفعيل الفعلي لنسبة 7% المخصصة لهذه الفئة، يفاقمان معضلة البطالة، خاصة وأن المباراة تجمع مختلف أنواع الإعاقات دون تمييز. وأضافت أن الأشخاص في وضعية إعاقة عاشوا لسنوات في انسداد تام لأفق التوظيف، قبل أن تُطلق هذه المباراة التي تُعد، رغم محدودية فرصها، المتنفس الوحيد أمامهم.
وتابعت العسالي، ضمن تصريح لهسبريس، أنها اجتازت مباريات عدة لمختلف القطاعات الوزارية التي تُخصص نسبة 7% للأشخاص في وضعية إعاقة، لكنها لم تُوفق في أي منها، رغم اجتهادها وتكرار المحاولات، وهو ما يعكس، حسب تعبيرها، حجم التحديات التي تواجه هذه الفئة حتى داخل المباريات التي يُفترض أنها أُحدثت لتحقيق تكافؤ الفرص.
ولدى سؤال العسالي عن كيفية تعامل الوزارات مع المترشحين في وضعية إعاقة، ومدى التزامها بتفعيل نسبة 7%، أوضحت أن التواصل يظل منعدما في أغلب الحالات، قائلة: “لا يخبروننا بشيء. نحن نترشح فقط لأننا نرى في نص القرار أن نسبة 7% مفعلة، لكن في الواقع لا نلمس ذلك.”
وأضافت أن بعض القطاعات تكتفي بتنظيم المباراة بدون اتخاذ أي تدابير مواكبة، مثل توفير الكُتاب أو آليات التيسير، مؤكدة أن “العديد من الوزارات لا تواكب المترشحين في وضعية إعاقة، وتتركهم يواجهون مصيرهم من دون دعم يُذكر”.
تجدر الإشارة إلى أن المناصب الـ200 المخصصة للأشخاص في وضعية إعاقة تندرج ضمن 500 منصب مالي يتم تخصيصها سنويا في إطار الوظيفة العمومية، يمنحها الدستور لرئيس الحكومة، الذي يُخصص منها هذا العدد لفائدة هذه الفئة، في إطار المباراة الموحدة.
0 تعليق