"موجة هجرة صامتة" تضرب قرىً بجهة سوس .. والجفاف يربك الاستقرار - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تعيش عدد من القرى والمداشر بجهة سوس ماسة على وقع “موجة هجرة صامتة”، اتسعت دائرتها خلال السنوات الأخيرة لتشمل مجموعة جديدة من المناطق، وذلك لاعتبارات موضوعية متداخلة ومركّبة.

وبحسب ما توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية من شهادات، وما وقفت عليه ميدانيًا أيضا، فإن الفترة الأخيرة شهدت اتخاذ عدد من الأسر قرارات بالرحيل إلى المناطق الحضرية، سواء داخل الجهة نفسها أو بجهات أخرى، لتصير معه قرىً بعينها تحتضن عددًا محدودًا فقط من الأسر، ولاسيما بالدوائر والجماعات الواقعة بمنطقة الأطلس الصغير.

ويأتي ذلك موازاة مع إشارة نتائج الإحصاء الأخير للسكن والسكنى إلى تراجع الساكنة القروية في نصف جهات المغرب، بما جعل إجمالها لا يزيد عن 13 مليونًا و710 آلاف نسمة، مقابل 22 مليونًا و969 ألف نسمة مستقرة في الوسط الحضري.

ورغم أن الهجرة كانت دائمًا لصيقة بهذه المنطقة فإن حدّة التغيرات المناخية خلال السنوات الأخيرة رفعت من وتيرتها، في ظل انحسار منسوب النشاط الفلاحي المعيشي في القرى، وتطلّع الساكنة إلى خدمات عمومية أكثر قربًا وجودة، سواء تعلّق الأمر بالصحة أو التعليم.

ونجد تأكيدًا لهذه المعطيات لدى محمد أفقير، رئيس جماعة النحيت بإقليم تارودانت وباحث في قضايا التنمية، الذي يسجل أن “الهجرة كانت دائمًا ملازمة لهذه المناطق، غير أن المستجد اليوم هو الانتقال من هجرة جزئية لأرباب ومُعيلي الأسر إلى هجرة كاملة المعالم”.

وقال أفقير، في تصريح لهسبريس، إن “من بين خصائص هذه الموجة الجديدة من الهجرة أن جزءًا منها موجهٌ إلى المناطق الحضرية والسهلية الواقعة في تراب جهة سوس ماسة، التي كثير ما تستقطب الراغبين في الاشتغال في الضيعات الفلاحية”، معتبرًا أن “هذا الواقع خلق مداشر شبه فارغة، لا تعود لها الحركية إلا في فترة الصيف”.

وبحسب المتحدث ذاته فإن “عوامل موضوعية تقف وراء هذا الواقع، وتشمل محدودية العرضين الصحي والتعليمي، إلى جانب عدم وجود فرص شغل كافية، في ظل موجة جفاف قوية تضرب المنطقة منذ سنوات، نتج عنها تدهورُ جزءٍ كبير من الفلاحة المعيشية”.

أبعد من ذلك يوضح الباحث نفسه أن “تمثلاتٍ ثقافية تتحكم في قرارات الهجرة، اعتبارا لوجود تصورات لدى الأفراد المهاجرين بضرورة ضمان أقصى قدر ممكن من الخدمات العمومية لأسرهم”، وتابع: “الأطلس الصغير معنيٌ بدرجة قصوى بهذا الواقع الذي جعل الهجرة أحد أبرز الخيارات المطروحة لدى ساكنته المحلية”.

واستدرك أفقير موضحا: “عودة الأمور إلى نصابها شمال تارودانت، على سبيل المثال، تبقى رهينة بتحسن الوضعية المناخية، بما يسمح بضمان استقرار الأسر، مع تقريب الخدمات العمومية من المواطن. ويوجد حاليا رهانٌ على بعض الأنشطة المنجمية والمعدنية التي تقترب من الانطلاق بالمنطقة، من أجل أن تُوفر أقصى حد ممكن من مناصب الشغل للمياومين على الأقل”.

من جهته اعتبر محمد ألحيان، رئيس منتدى سوس العالية، أن “الهجرة في المناطق القروية ـ الجبلية بأقاليم جهة سوس ماسة تُعد واقعًا لا يرتفع، بالنظر إلى أن مختلف الأرقام، بما فيها الرسمية، تبرز بجلاء أثر دينامية الهجرة نحو العالم الحضري على هذه المناطق”.

ويرى ألحيان، في تصريح لهسبريس، أن “الوضع صعب بالتجمعات السكانية التي لم تعد تعتمد على الفلاحة المعيشية، في حين تعيش باقي المناطق كذلك على وقع هجرة ظاهرةٍ لا يمكن القفز عليها، ولاسيما في صفوف الشباب وحديثي العهد بالزواج”، كاشفًا أن “مداشر بعينها تقترب من أن تصير مهجورة كليا”.

وبرّر المتحدث هذا الواقع بـ”عوامل موضوعية تشمل ضعف جودة الخدمات العمومية المقدمة، سواء في التعليم أو الصحة، ما يضطر أرباب الأسر إلى بذل جهود كبيرة من أجل الاستفادة من حدها الأدنى”، مفيدا بأن “تأمين القوت اليومي يدفع أسرًا بأكملها قسرًا نحو المدن”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق