بزخم متصاعد لليوم الثالث، استمر برنامج أكبر حدث عالمي للتقنية والذكاء الاصطناعي في تغطية مختلف أركان المشهد التقني المستقبلي؛ من الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية إلى الأمن السيبراني ومراكز البيانات والروبوتات والأنظمة الكمية. بينما وُضعت تحت المجهر مستجدات “التكنولوجيا الحيوية” (بيوتكنولوجيا) و”الرعاية الصحية الرقمية” بابتكارات يُعوّل عليها لتُغيّر الحياة عند تقاطع العلم والتقنية.

“إعادة رسم مستقبل الصحة”

من المنصة الرئيسية أطلق تريفور مارتن، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة “Mammoth Biosciences” أفكارا جديدة للرعاية الصحية الرقمية عبر جلسة «البيولوجيا التركيبية.. عالمٌ بلا أمراض وإمكانات فوق بشرية»، موضحا أن الذكاء الاصطناعي وتقنية «كريسبر» يُعيدان «كتابة شيفرة الحياة» للقضاء على المرض عبر التشخيص المدفوع بالذكاء الاصطناعي وما يعرف بين الخبراء بـ”تقنيات تحرير الجينات”.

وقال مارتن: “لدينا أكثر من 8 برامج تغطي الكبد والعضلات والدماغ نعمل فيها بنشاط على علاج الأمراض الوراثية بهذه الطريقة المعتمدة على تغيير الحمض النووي. نبدأ، الآن، بالأمراض الأكثر ندرة؛ لكن لا شيء يفرض أن نتوقف عند هذا الحد… تخيلوا كم من ملايين الأرواح يمكن إنقاذها”.

وفي نقاش «فك شيفرة الفكر.. الذكاء الاصطناعي والتقنيات العصبية يعيدان الوصل الإنساني»، تحدّث مات أنغل، الرئيس التنفيذي لشركة “Paradromics” ، عن محطة فارقة في التاريخ الطبي؛ وهي “أول زراعة ناجحة لواجهة دماغ–حاسوب في العالم”.

وأوضح أنغل أمام جمهور متعطش لجديد التكنولوجيا “كيف تسجّل التقنية النشاط العصبي لدعم المرضى”.

ولفت الرئيس التنفيذي لشركة “Paradromics”ضاربا مثالا بأنه “عبر تجاربنا السريرية، نحاول تمكين من لا يستطيعون الكلام من أن يتكلموا. نضع الجهاز في منطقة من القشرة الحركية، ومع واجهة دماغ–حاسوب عالية البيانات يمكنك أن تحاول الكلام، فيتحول فورا إلى كلام”.

“الجينوم” وتطور الأدوية

في جلسة «علم الجينوم خارج الإنسان.. فتح مكتبة التطور الدوائية»، كشفت آشلي زندر، الرئيس التنفيذي لشركة “Fauna Bio”، عن كيفية “فك شيفرة جينومات الأنواع الحيوانية القادرة على التحمل بما يؤدي إلى اكتشافات طبية دوائية جديدة غير مُستغلة”.

وتابعت زندر بالشرح: “نحن فقط نلامس قمة جبل الجليد مما يمكن أن نتعلمه عن التكيف الطبيعي حول العالم. من الحيوانات مثل فأر الأشواك القادر على تجديد أنسجة عديدة في الجسم مثل الحبل الشوكي والدماغ والكلى– (..) يمكننا أن نتعلّم الكثير”.

في السياق ذاته استعرض جاك هيداري، الرئيس التنفيذي لشركة “SandboxAQ”، كيف يمكن للخوارزميات الكمية أن تختزل دورات البحث والتطوير الدوائي من عقود إلى أشهر، و”تُخفّض تكلفة تطوير الأدوية جذريا”.

وقال هيداري: “النموذج الكمي الكبير (LQM) لا يُبنى على كلمات من الإنترنت، بل على الأرقام والمعادلات والجزيئات والذرات، ويُدرَّب بطريقة مختلفة. لقد أنشأنا مُحاكيا افتراضيا لأصغر الذرات، بحيث يمكنك اختباره ملايين المرات وبسرعة”.

“من علاج المرض إلى ذكاء الصحة”

بمواصلة حوارات الرعاية الصحية، تناول قُطبان رائدان في القطاع – ديميتريس مولافاسيلِس، الرئيس التنفيذي لمجموعة M42، والدكتور جورج-باسكال هابر، الرئيس التنفيذي لـ Cleveland Clinic – موضوع «التحول بقيمة 10 تريليونات دولار.. من علاج المرض إلى ذكاء الصحة»، داعييْنِ إلى “إعادة تصور الرعاية الصحية وعلوم البيانات والبنية التحتية الرقمية”.

وأورد أحد المسؤولين: “أنظمتُنا اليوم متمحورة حول العلاج والمستشفيات وتقوم على ردّ الفعل. الوقاية تعاني نقص التمويل. ولإنشاء أنظمة مرنة ومستدامة تتمحور حول الوقاية، فالأمر لا يقتصر على تحويل الاستثمار نحو الوقاية، بل إعادة تصميم النظام بالكامل للحفاظ على صحة المرضى”.

وفي باقي أروقة المعرض وصالاته، واصلت مؤسسات التقنية العالمية بمعية المبتكرين الصاعدين جذب حشود بشرية غصّت بها فضاءات مركز دبي التجاري العالمي.

ويُنتظر أن تتحول بوصلة الأجندة، خلال اليوم الرابع (الخميس) نحو قضايا “الأمن السيبراني وسيادة البيانات والمرونة الرقمية”، حيث يطرح الوزراء ومديرو أمن المعلومات وقادة التقنية العالميون استراتيجيات تأمين اقتصاد الذكاء. كما يتوسع البرنامج شاملا “حوكمة الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وبنية البيانات والابتكار السحابي، إلى جانب حالات استخدام قطاعية تغطي الخدمات الحكومية والقطاع البحري، والتجارة الإلكترونية، والتكنولوجيا المالية”.

جدير بالتذكير أن فعاليات النسخة الخامسة والأربعين من “GITEX GLOBAL” تستمر حتى الجمعة 17 أكتوبر الجاري، حيث لمّت هذه السنة شتات أكثر من 6800 عارض و2000 شركة ناشئة و1200 مستثمر ووفودا من أكثر من 180 دولة.