بعد خطاب الملك محمد السادس في افتتاح السنة التشريعية الأخيرة من عمر الولاية الحالية تتجه الأنظار صوب الكيفية التي ستتعامل بها الحكومة مع التوجيهات الملكية بخصوص تطوير السياسات العمومية وتقوية التنمية.
وقال الملك في خطابه إن السنة التي نحن مقبلون عليها “حافلة بالمشاريع والتحديات، وإننا ننتظر منكم جميعًا، حكومةً وبرلمانًا، أغلبيةً ومعارضةً، تعبئة كل الطاقات والإمكانات، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين”.
وأضاف الملك محمد السادس، محفزا أداء السلطتين التنفيذية والتشريعية: “كونوا، رعاكم الله، في مستوى الثقة الموضوعة فيكم، وفي مستوى الأمانة الملقاة على عاتقكم، وما تتطلبه خدمة الوطن من نزاهة والتزام ونكران ذات”.
عبد الله أبو عوض، الأكاديمي والمحلل السياسي، نبه إلى أن “تصنيف فئة شبابية بهذا المفهوم ‘Z’ هو من قبيل تدجين الهرم الاجتماعي المكون لفئة الشباب”، مبرزا أنه “حتى إن سلمنا بهذا المفهوم تداوليا فلا ينبغي حمله على كونه ممثلا للتغيير سياسيا”.
وأضاف أبو عوض، في تصريح لهسبريس، أن “الخطاب الملكي يحترم الدستور ويحترم المؤسسات وليست له أي علاقة بتطلعات شباب Z، الذين وإن كانت مطالبهم في صلب اهتمام كل الشرائح الاجتماعية إلا أن التصعيد فيها سياسيا غير مقبول بالدعوة إلى الإطاحة بالحكومة”، وزاد موضحا أن “الحكومة نتاج الانتخابات التي لم تكن سوى من نتائج عزوف هؤلاء الشباب عن المشاركة السياسية”، مبرزا أن “الحكومة الحالية والمقبلة لن تملك خاتم سليمان في حل تراكمات القطاعين الصحي والتعليمي”.
واستدرك المحلل ذاته: “تبقى في هذا الحراك الفئوي بارقة أمل لإعادة تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفتح ملفات الفساد التي تأخر التحقيق فيها على الصعيد المؤسساتي، ولكن بلغة القانون والحماية الدستورية”، وتابع: “وإن تم التسليم بأن الحكومة يمكنها تفعيل المطالب الإصلاحية فلا بد لها من الوقوف على مكامن الخلل من بنيته التشريعية إلى بنيته التأهيلية على أرض الواقع”.
واعتبر الأكاديمي نفسه أن الخطاب الملكي كان واضحا في تحميل المسؤولية للمنتخبين، استشهادا بالآية الكريمة: “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره”، “ما يعني الدعوة إلى تكثيف مجهودات العمل باعتبار النائب البرلماني ممثلا للأمة، وأن على الحكومة أن تعرف رسائل التحديات التنموية التي هي من مطالب المغاربة وترجمها شباب من فئة عمرية معينة”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “الخطاب جاء مفعما بالتوجيه، وفي الوقت نفسه ملزم للحكومة بتسريع وتيرة الإنجاز والنزول إلى مطالب الشارع بالواقعية العملية، وليس بالوعود الشفهية”، بتعبيره.
من جهته قال عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، إن “خروج الشباب إلى الشارع آخر شتنبر إلى اليوم، الذي عرف مسارات متعرجة بين قوة وخفوت، ينبغي استيعابه من طرف كل مؤسسات الدولة، ومنها الحكومة”.
وأضاف اليونسي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الشريحة العمرية ديمغرافيا وحسابيا هي المستمرة في حالة المغرب على الأقل في السنوات العشر المقبلة”، مؤكدا أن “الدولة لا تملك إلا أن تقدم أجوبة في سياسات وبرامج عمومية قادرة على تحويل التهديد إلى فرصة لتحقيق التنمية بمعناها الشامل”.
وسجل المتحدث ذاته أن “الحكومة الحالية وبلغة الأرقام قادرة على التأسيس لهذا الجواب في المرحلة المقبلة، فبالأحرى تقديم أجوبة آنية”، وزاد: “صحيح أن الخطاب الملكي آثر الاستقرار المؤسساتي وأساسا الدستوري، بدل إحداث انعطافة تشكل قطيعة مع هذه الحكومة”، مبرزا أنه “لا جدال على أن طريقة اشتغال الحكومة الحالية وحكامة تدبير المؤسسات، ولاسيما الرقابية منها، تدل على أننا أمام مأزق نظام سياسي مغربي غير قادر على إنتاج مخرجات لإشكالات واقعية تهدد الاستقرار بمعناه الواسع”.
0 تعليق