في الوقت اللي العالم كله بيتابع فيه تحركات الاقتصاد المصري بعد مرحلة صعبة من التضخم وتحرير سعر الصرف، ظهر من جديد ملف "برنامج صندوق النقد الدولي" على الساحة.
الموضوع المرة دي مختلف، لأن الصندوق ربط استمرار دعمه لمصر بتنفيذ قرارات جريئة في ملفات حساسة زي سياسة ملكية الدولة وإدارة الأصول العامة.
وده بيخلي الفترة الجاية من أخطر المراحل الاقتصادية، مش بس على مستوى التمويل، لكن كمان على مستوى شكل الاقتصاد نفسه، وهل فعلاً مصر جاهزة تدخل مرحلة الإصلاح الحقيقي اللي الصندوق بينادي بيها؟
في الفترة اللي جاية، كل الأنظار رايحة ناحية القاهرة، خصوصًا بعد ما صندوق النقد الدولي أعلن إن المراجعات الجديدة لبرنامج مصر لسه تحت النقاش، وإن استمرار التعاون هيعتمد على قرارات جريئة ومختلفة عن أي وقت فات.
الرسالة واضحة: الاستقرار اللي مصر وصلت له محتاج إصلاحات أعمق، علشان يتحول من مجرد توازن رقمي إلى نمو حقيقي ومستدام.

والملف اللي بيتكلم عنه الصندوق هو واحد من أهم الملفات الاقتصادية في البلد: سياسة ملكية الدولة.. والوثيقة اللي مصر أطلقتها قبل كام سنة بتحدد القطاعات اللي الدولة هتخرج منها واللي هتسيبها للقطاع الخاص، باعتبار إن دوره هو المحرك الأساسي للاقتصاد.
والفكرة إن الدولة تركز على دورها الرقابي وتسيب مجال الاستثمار والإدارة للقطاع الخاص، لكن التنفيذ على الأرض لسه بيمشي بخطوات محسوبة، وده اللي بيخلي الصندوق منتظر يشوف "أفعال مش وعود".
صندوق النقد شايف إن النمو مش هيبقى حقيقي من غير إصلاح هيكلي واضح في طريقة إدارة الأصول العامة ووجود شفافية كاملة في أداء الشركات اللي بتمتلكها الدولة.
وده بيخلي المرحلة الجاية هي الأهم، لأن الحكومة شغالة حاليًا على قانون جديد بينظم عملية إدارة الأصول وبيعها، وبيمنح وحدة مركزية صلاحيات الإشراف واقتراح خطط التصرف فيها.
كمان القانون ده ممكن يكون نقطة التحول اللي يحدد مصير البرنامج كله، لأن الصندوق أعلن إن التقدم في الملف ده هو الشرط الأساسي لاستمرار الدعم.
التقارير الدولية الأخيرة، خصوصًا من وكالة "رويترز"، قالت إن الصندوق قرر يدمج المراجعتين الخامسة والسادسة مع بعض، علشان يدي مصر فرصة تكمل البنود اللي لسه متنفذتش.
لكن في نفس الوقت، شدد على إن التقدم كان "مختلط" في بعض الملفات، وإن دور الشركات الحكومية مازال كبير جدًا في الاقتصاد، وده بيأثر على المنافسة العادلة وبيخوف بعض المستثمرين الأجانب اللي بيدوروا على بيئة مفتوحة وواضحة القواعد.
في المقابل، الحكومة المصرية بتسعى خلال الفترة الجاية لمضاعفة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وبتحاول تطمن السوق برسائل إيجابية عن نية حقيقية لتوسيع مشاركة القطاع الخاص ورفع الشفافية.
فيه مؤشرات بتقول إن الفترة اللي جاية ممكن نشوف طروحات جديدة لشركات حكومية، خاصة في قطاعات الطاقة والاتصالات والخدمات، بجانب تحركات لتقوية البورصة كمنصة رئيسية لجذب رؤوس الأموال.
بس الرهان دلوقتي على الجرأة في التنفيذ، لأن مصر لو قدرت تتحرك بخطة واضحة في بيع الأصول وتنظيم السوق، هتقدر تضمن استقرار اقتصادي طويل المدى وتفتح الباب لاستثمارات ضخمة ترفع النمو وتقلل الضغط على العملة والدين العام. أما لو فضل التنفيذ بطيء، فده ممكن يأخر المراجعات الجاية ويأثر على تدفق التمويل والدعم الدولي.
يعني من الآخر كده مصر دلوقتي واقفة على مفترق طريق: يا تبدأ مرحلة الإصلاح الحقيقي وتثبت قدرتها على التنفيذ، يا تفضل في دايرة الانتظار والمراجعة.
صندوق النقد مش طالب أرقام جديدة، هو طالب أفعال حقيقية تثبت إن الاقتصاد المصري بيتغير من الجذر .. يعني الكرة في ملعب الحكومة، والوقت بيجري بسرعة.
0 تعليق