القديسة أربسيما العذراء.. تُحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بقيادة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ذكرى استشهاد القديسة أربسيما العذراء والقديسات اللواتي كن معها.
استشهاد القديسة أربسيما العذراء ومن معها
وفقًا لما ورد في كتاب التاريخ الكنسي السنكسار، الذي تتلى فصوله يوميًا على مسامع الأقباط ويُعد سجلًا للوقائع المهمة في تاريخ الكنيسة، فإن هذا اليوم يُخلد استشهاد القديسة أربسيما والعذارى اللواتي كن في صحبتها في عهد الإمبراطور دقلديانوس. تُذكر الرواية أن ذاك الإمبراطور الطاغية سعى للزواج من أجمل فتاة، فأرسل رسامين إلى مختلف الأقاليم ليرسموا صور الفتيات الأكثر جمالًا ويقدموا وصفًا دقيقًا لمن يلفت انتباههم.
سيرة القديسة أربسيما العذراء
أثناء تجوالهم، وصلوا إلى دير للعذارى في إحدى مناطق روما، حيث عثروا على القديسة أربسيما التي أبهرتهم بجمالها الفريد. قاموا برسم صورتها وأرسلوها إلى الإمبراطور، الذي ابتهج لرؤيتها وقرر إقامة حفل زواج كبير ودعا إليه الملوك والرؤساء. ولكن عندما علمت أربسيما والعذارى بما يخطط له، أصابهن الحزن الشديد.
لجأن إلى الصلاة وطلبن معونة السيد المسيح للحفاظ على عفتهن. ثم غادرن الدير وهربن إلى أرمينيا حيث استقررن في منطقة نائية داخل معصرة في بستان مهجور. تمكنّ من تأمين قوت يومهن بشق الأنفس عبر عمل إحدى الراهبات بصناعة الزجاج وبيعه لتوفر بدخله ما يساعدهن على الحياة.
عندما طلب الإمبراطور الروماني دقلديانوس الفتاة أربسيما ولم يجدها، وعلم أنها لجأت إلى بلاد أرمينيا، أرسل رسالة إلى الحاكم تريداته ليخبره بقصتها ويطلب منه أن يحتفظ بها. ولكن عندما علمت أربسيما والعذارى اللواتي معها بهذا الأمر، تركن المكان الذي كن يأوين إليه واختفين داخل المدينة. وعلى إثر ذلك، دل البعض الجند عليهن، فأمر الحاكم بإحضار أربسيما.
رفضت أربسيما الامتثال للطلب، فاختطفوها وأحضروها أمام الحاكم. عندما رأى جمالها، حاول أن يأخذها لنفسه لكنها صدته بقوة. لجأ الحاكم إلى إحضار أمها أملاً في إقناعها، لكن الأم كانت تشجعها وتحثها على التمسك بعريسها الحقيقي، الرب يسوع المسيح، وعدم تدنيس نذرها. حين عرف الحاكم بما فعلته أمها، أمر بكسر أسنان الأم عقابًا لها. أما أربسيما، فقد وهبها الرب قوة مكّنها من دفع الحاكم بقوة ليسقط على الأرض، مما ملأه بالخزي والعار حيث هزمته فتاة عذراء رغم شهرته كحارب شجاع. غضب الحاكم بشدة وأمر بإعدام أربسيما.
تعذيب القديسة أربسيما العذراء
نفذ الجنود أوامر الحاكم بقطع رأسها بعد أن تعرضت لصنوف التعذيب؛ حيث قطعوا لسانها وأخرجوا عينيها وقطعوا جسدها إلى أجزاء. بعد وفاتها عاد الندم على الحاكم بشأن قتل القديسة، لكنه استمر في قسوته وأمر بقتل كل العذارى اللواتي كن معها، فنفذ الجنود أوامره؛ فقُتلت جميعهن بوحشية. واستهدف الجنود إحدى العذارى التي كانت مريضة في كوخ وقطعت رأسها بعدما أصرت أن تلحق بأخواتها في الشهادة. بذلك نالت جميعهن إكليل الشهادة عن إيمانهن.
وفي السياق نفسه، قتل الجنود أيضًا الأشخاص الذين قدموا برفقة العذارى من روما. بعد استشهادهن جميعًا، أصيب الحاكم بالجنون واحتار الأطباء في أمره. إلى أن جاء القديس غريغوريوس أسقف أرمينيا وصلى عليه، فسلمه الله الشفاء. اعتنق الحاكم الإيمان بالمسيح وأخذ أجساد القديسات الطاهرات ووضعهن في مكان مقدس تخليدًا لذكرى استشهادهن وإيمانهن الثابت.
0 تعليق