سيرة القديسة فيبرونيا شهيدة العفه والطهارة تحتفل الكنيسة بتذكار استشهادها - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مثل هذا اليوم، نُحيي ذكرى استشهاد القديسة فيبرونيا، المعروفة بلقب “الشهيدة المجاهدة” و”شهيدة العفة والطهارة”. وُلدت فبرونيا في سوريا (بلاد الشام) لأسرة مسيحية، حيث قرر والداها تكريسها للرب منذ طفولتها، على غرار النبي صموئيل. دخلت الدير وهي في عمر ثلاث سنوات فقط، حيث نشأت وتربت على يد راهبات دير الملاك الشرقي بأخميم.

مبادئ الرهبنة

كانت فيبرونيا تُعرف بجمالها الأخّاذ وإشراقها الذي يفيض نور العفة والنعمة. تميّزت بشباب ناضر وأخلاق راقية، إذ تجلى عليها الكمال و التقوى المسيحية. خلال وجودها في الدير، تعلمت مبادئ الرهبنة، وكبرت لتصبح راهبة متميزة تحت

إشراف أمّهات الدير. عند بلوغها سن الثانية عشرة، تدرجت في خطوات الفضيلة، وعندما بلغت السادسة والعشرين أصبحت رئيسة للدير وأماً لثلاثين راهبة تحت رعايتها.

كانت تلك الأحداث تجري في فترة حبريّة البابا خائيل الأول، وفي أواخر عهد الأمير مروان بن محمد الأموي الجعدي، آخر الخلفاء الأمويين في منتصف القرن الثامن الميلادي. أثناء صراعاته مع الخرسانيين العباسيين، استعان مروان بالبشامرة الذين

تسببوا في انتشار الفوضى بعد هزيمته. أطلق لهم الأمير العنان للنهب والحرق والقتل، مما أدى إلى تدمير المحاصيل ونهب الأديرة. لم تكن أديرة العذارى بصعيد مصر بمنأى عن هذه الانتهاكات، حيث تعرّضت الراهبات فيها للاضطهاد والانتهاكات وفرض الفجور عليهن رغم تمسّكهن بالعفة والطهر. كانت القديسة فبرونيا إحدى ضحايا هذا العنف المروع الذي شهدته تلك الفترة.

تعرض دير رئيس الملائكة ميخائيل، الواقع شرق مدينة جرجا والتابع لإيبارشية جرجا وأخميم، لهجوم عنيف. أثناء النهب، لاحظ المعتدون راهبة صغيرة السن، فائقة الجمال، يشع من وجهها نور ملائكي، لم يروا مثله من قبل. كانت تُدعى فيبرونيا. قرروا ألا يؤذوها بسبب جمالها الفائق، ولكنهم أخذوها وحدها، تاركين بقية الراهبات محاصرات وسالبين كل موجودات الدير.

 

القديسة فيبرونيا

القديسة فيبرونيا

قصة القديسة فيبرونيا شهيدة العفه

بعد ذلك، بدأ الجنود في التشاور بشأن مصيرها؛ بعضهم اقترح تقديمها هدية للخليفة، بينما رغب آخرون في الاحتفاظ بها لأنفسهم. انتهى بهم الأمر إلى إجراء قرعة اختارت تقديمها كهدية للوالي. في تلك اللحظات الحرجة، رفعت القديسة فيبرونيا شهيدة العفه قلبها بالصلاة إلى المسيح عريسها السماوي الحقيقي، طالبة منه الحماية والنقاء، دون اعتبار لحياتها إذا اقتضى الأمر التضحية بها.

وسيلة للحفاظ على عفتها ونقائها

باتّكال على حكمتها، قررت القديسة فيبرونيا إيجاد وسيلة للحفاظ على عفتها ونقائها رغم الظروف العصيبة. طلبت لقاء القائد لتخبره بسر مميز مقابل الحصول على وعد بإطلاق سراحها وحماية الراهبات. وافق القائد على طلبها.

فأخبرته القديسة أن أسلافها اكتشفوا سرًا يتعلق بزيت مبارك تتلى عليه الصلوات، ويمكّن من النجاة من الموت حتى بالسيف. عرضت عليه التجربة: إما أن تدهن رقبتها ويضربها هو لترى النتيجة بنفسه، أو أن يدهن القائد نفسه زيتًا وتقوم هي بالضرب.

لكن القائد، بشكّه ونفاقه، اختار أن تدهن القديسة رقبتها هي لاختبار صدق كلامها. فرحت فيبرونيا وسارعت إلى صورة السيدة العذراء مريم، أيقونة الطهارة والنقاء، وبكت متوسلة العون ليحفظ الله عفتها وبَتوليتها لتبقى عروسًا طاهرة للمسيح.

أخذت القديسة فيبرونيا زيتًا من القنديل ودهنته على رقبتها أمام القائد وقدمت له كمية منه أيضًا، مطالبة أن يرى النتيجة بنفسه بعد أن يضربها بكل قوته بالسيف.

القديسة فيبرونيا

القديسة فيبرونيا

استشهاد القديسة فيبرونيا شهيدة العفه والطهارة

أمر القائد أحد الجنود القساة بأن يتقدم لضرب رأس الراهبة القديسة فيبرونيا بسيفه الحاد، بعد أن قاموا بدهن عنقها بالزيت. ركعت القديسة فيبرونيا على ركبتيها، مكشوفة عنقها، وغطت وجهها، دون أن يدرك الحاضرون ما كان يدور في عقلها أو قوة إرادتها التي انعكست في تصميمها على حماية بتوليتها ونقائها.

طلبت من الجندي أن يضربها بكل قوته ليظهر أمام الجميع عظمة الله في هذا السر الكبير، حيث كانت تؤمن بأن الله سيسمح لها بالاستشهاد حفاظًا على طهارتها، ليشهدوا على شجاعتها وإصرارها على حياة العفة والنقاء.

تقدم الجندي ونفذ الأمر بضربة عنيفة فصلت رأسها عن جسدها فورًا، لتنال إكليل البتولية والشهادة. وعندما شاهد القائد وجنوده هذا المشهد أصابهم الخوف والرهبة الشديدة. أدركوا حينها أن ذلك كان تصميمًا منها على الحفاظ على طهارتها وبالأخص التزامها الكامل لتصل إلى المسيح طاهرة بلا دنس.

 

القديسة فيبرونيا شهيدة العفه والطهارة

القديسة فيبرونيا شهيدة العفه والطهارة

شعور الجنود بالندم الشديد على ما ارتكبوه

بعد الحادثة، شعر الجنود بالندم الشديد على ما ارتكبوه بحق تلك الفتاة الطاهرة. وفي تحول مفاجئ، كف الجند عن إيذاء الراهبات الأخريات وتركوا الدير دون أن يمسوا أحدًا بسوء، بل أعادوا كل ما نهبوه من ممتلكات، متراجعين عن نياتهم السابقة.

استشهدت هذه الراهبة الطاهرة يوم 29 توت لعام 466 للشهداء الموافق 19 أكتوبر سنة 749 ميلادية. ورد ذكر قصتها عبر يوحنا الشماس في حياة البابا خائيل، وسجلها مؤرخون آخرون كالمقريزي وابن المكين، كما أكد تفاصيلها المؤرخ الكبير أبو صالح الأرمني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق