أوروبا تودّع اتفاق مرور الغاز الروسي عبر أوكرانيا.. ما التداعيات؟ - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بنهاية شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل (2024)، سينتهي اتفاق مرور الغاز الروسي إلى أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية بعدما دام 5 سنوات كاملة.

ووفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أكدت أوكرانيا مرارًا رفضها تمديد الاتفاق بعد غزوها من قِبل روسيا في مطلع عام 2022؛ بغية حرمان موسكو من الإيرادات التي ستموّل آلة الحرب الدائرة على أراضيها.

وتضغط سلوفاكيا العضوة بحلف الناتو والاتحاد الأوروبي على أوكرانيا لاستمرار تدفق الغاز الروسي من خلال تمديد العقد مع شركة غازبروم (Gazprom)، كما يشتد اعتماد بلدان أخرى على إمدادات موسكو الرخيصة.

ويثير التوقف كثيرًا من التساؤلات حول قدرة أوروبا على الصمود، بعد وقف كل إمدادات الغاز المنقول عبر أنابيب نورد ستريم ويامال.

واستقرت التدفقات الروسية إلى أوروبا عبر أوكرانيا خلال معظم العام الجاري، بمتوسط 42 مليون متر مكعب يوميًا، وكان معظمها إلى مولدوفا.

صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا

رصد تحليل حديث حجم تأثر أوروبا بانتهاء سريان اتفاق مرور الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، ويعتقد مسؤولون أن الاتفاق "سامّ"، وأن الغاز القادم من روسيا يمكن استبداله وتجاوز المرحلة ببدائل أخرى.

كما كان اتفاق عبور الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا يحمل أهمية حيوية سابقًا، ولكن بعد الغزو الروسي استعاد الاتحاد الأوروبي توازنه عبر بناء محطات استيراد الغاز المسال في الدول الساحلية وإبرام عقود استيراد.

وانخفضت حصة الغاز الروسي المنقول عبر الأنابيب في إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي خلال 2023 إلى 8% فقط من 40% خلال 2021.

وعلى نحو خاص، شكّل الأنبوب المار بأوكرانيا نحو 5% فقط من إجمالي واردات الاتحاد في 2023.

في المقابل، رصد منتدى الدول المصدرة للغاز أن روسيا كانت صاحبة الحصة الأكبر في واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز المنقول عبر الأنابيب؛ إذ ارتفعت صادراتها إلى الكتلة بنسبة 24% على أساس سنوي خلال أول 6 أشهر من 2024.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز المنقول عبر الأنابيب:

واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز عبر الأنابيب

وبالفعل، كشف نائب المدير العام لشؤون الطاقة في المفوضية الأوروبية ماثيو بالدوين، النقاب عن خطوات الاستعداد لذروة الطلب على الغاز خلال فصل الشتاء الوشيك.

وفي تقرير اطلعت على تفاصيله منصة الطاقة المتخصصة في موقع "إس آند بي غلوبال" (spglobal)، جرت الإشارة إلى إلزام الدول الأعضاء الـ27 بتعبئة 90% من مرافق تخزين الغاز قبل نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، وخفض الطلب بنسبة 18% والاستعانة بإمدادات الطاقة المتجددة، وزيادة واردات الغاز المسال، خاصة من الولايات المتحدة والنرويج.

وفي هذا السياق، توقّع مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي ألا تتمكّن أوروبا من إيجاد بدائل للغاز الروسي في وقت قريب.

وقال إنه في حال حلول شتاء قارس، يمكن تجديد عقد مرور الغاز الروسي عبر أوكرانيا، ولو كان الشتاء المقبل معتدلًا فلن تكون أوروبا في حاجة إلى غاز روسيا.

تأثير محدود ولكن!

"هل يمكن حقًا لكل بلدان الاتحاد الأوروبي إيجاد بدائل للغاز الروسي؟" سؤال طرحته مجلة بوليتيكو الأميركية (politico).

وفي تحليلها، قالت إن البيانات تشير إلى إمكان تحقيق ذلك بوجه عام، لكن في دول معدودة منها النمسا وسلوفاكيا والمجر، ولن يكون الأمر بالسهولة المتوقعة؛ لأنه سيضعها في "مأزق مكلف"، ربما يتفشى في بقية أنحاء القارة العجوز.

ولم تنجح تلك الدول في فطم نفسها عن الغاز الروسي لأسباب سياسية وعملية، وكان خط الأنابيب المار بأوكرانيا شريانًا حاسمًا لإمدادات موسكو الرخيصة.

وقريبًا، ستضطر الدول الـ3 إلى إيجاد بدائل أخرى، لكن أي تغيير للوضع المستمر منذ مدة طويلة لن يخلو من تكبدها تكاليف كبيرة بعدما كانت تحصل على الغاز الروسي الرخيص دون وسطاء.

وتوقعت مديرة مبادرة أمن الطاقة والمناخ في مؤسسة بروكينغز، سامانثا غروس، أن يؤثر وقف تلك الإمدادات -على صغر حجمها- بشدة في بعض دول وسط أوروبا وشرقها ومولدوفا.

وارتفع اعتماد النمسا على الغاز الروسي حتى ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ليشكل 98%، وهو أعلى مستوى منذ غزو أوكرانيا.

أعمال تركيب خط أنابيب غاز تابع لشركة غازبروم الروسية
أعمال تركيب خط أنابيب غاز تابع لشركة غازبروم الروسية - الصورة من شبكة "سي إن بي سي"

بدائل ممكنة

نجحت سلوفاكيا والنمسا في إيجاد بدائل عبر إبرام عقود مع دول مثل تركيا، في حين يمكن للمجر الاستمرار في الاعتماد على الغاز الروسي القادم من جارتها صربيا عبر خط أنابيب ترك ستريم.

كما يمكن استمرار تدفق الغاز عبر الأنابيب الأوكرانية إلى أوروبا، ولكن ليس عن طريق روسيا وإنما أذربيجان.

واقترح الرئيس التنفيذي لشركة نافتوغاز الأوكرانية (Naftogaz) استيراد أذربيجان الغاز القادم من روسيا، ثم تصدير إنتاجها إلى أوروبا عبر خط الأنابيب المارّ بأوكرانيا.

لكن ثمة مخاوف بشأن كفاية الصادرات الأذربيجانية، أو إرسال الغاز الروسي نفسه بعد تسميته فقط بالأذربيجاني.

وهنا، لا تتوقع خبيرة أسواق الغاز في شركة استخبارات السلع "آي سي آي إس" (ICIS) أورا سابادوس، أن يكون الغاز المنقول في حال إبرام الاتفاق "أذربيجاني الأصل"، مؤكدة أن الدولة الآسيوية لا تمتلك قدرات الإنتاج الكافية لتلبية الطلب الأوروبي، كما لن تسمح روسيا باستعمال شبكة أنابيبها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق