نيكولا ساركوزي.. أثار الكشف عن الامتيازات الاستثنائية التي يحظى بها الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي خلال فترة احتجازه في سجن لا سانتيه بباريس، موجة عارمة من الجدل والغضب بين النقابات ونزلاء السجون. هذه الامتيازات
تضمنت توفير حراسة دائمة من شرطيين مسلحين داخل السجن، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية الخامسة.

نيكولا ساركوزي يقضي عقوبة بالسجن
وفقًا لتقرير نشره موقع ميديا بارت الفرنسي للكاتب ميشيل دوليان، فإن ساركوزي، الذي يقضي عقوبة بالسجن بعد إدانته في قضية تمويل ليبي غير مشروع، يتمتع بظروف احتجاز وُصِفت بـ”الخاصة والاستثنائية”، على الرغم من تصريحاته المتكررة برفضه الحصول على معاملة مميزة.
وزير الداخلية الفرنسي لوران نونييز دافع عن هذه الإجراءات بالإشارة إلى “التهديدات الأمنية” التي تواجه ساركوزي و”مكانته الخاصة”. إلا أن نقابات العاملين في السجون اعتبرت تلك الإجراءات انتهاكًا صارخًا للقوانين وأثارت اتهامات بالفساد الأمني، مشددة على أن وجود شرطة مسلحة داخل السجن يخالف القواعد التنظيمية.

نيكولا ساركوزي.. تلك الإجراءات انتهاكًا صارخًا للقوانين
أحد مسؤولي سجن لا سانتيه وصف هذا القرار بأنه أمر غير مسبوق وغير منطقي، مستنكرًا ما يحدث باعتباره انحرافًا كبيرًا عن الأعراف المتبعة في السجون الفرنسية.
النقابات العمالية وصفت هذه الإجراءات بأنها تعكس طابعًا “تمييزًا طبقيًا” غير مقبول، مؤكدة أن تأمين السجناء البارزين لا يتطلب وجود عناصر شرطة داخل السجون. كما أشارت إلى أن مثل هذه المعاملة تعبر عن “امتياز سياسي واضح”، ما يثير تساؤلات حول نزاهة تطبيق العدالة.
الانتقادات تصاعدت مع الكشف عن سماح السلطات لساركوزي بعقد لقاءات خاصة مع زوجته كارلا بروني، ووزير الداخلية جيرالد دارمانان، بل وحتى لقاء سابق مع الرئيس إيمانويل ماكرون. هذه التطورات عززت المخاوف من تدخلات داخلية قد تؤثر على استقلالية القضاء وسير العدالة.

نيكولا ساركوزي
في هذا السياق، أصدرت نقابة القضاة الفرنسية تحذيرًا بشأن هذه الزيارات التي اعتبرتها انتهاكًا صريحًا لاستقلالية القضاء. يأتي ذلك في ظل أزمة الاكتظاظ التي تعاني منها السجون الفرنسية، حيث تبلغ نسبة الإشغال في سجن لا سانتيه حوالي 190% وفقًا لتقارير المنظمة الدولية لمراقبة السجون والمجلس الوطني للوقاية من التعذيب.
المفارقة التي يشير إليها المراقبون تكمن في أن ساركوزي كان من أشد المؤيدين لتشديد السياسات الجنائية خلال فترة رئاسته، مما أدى إلى إرهاق النظام القضائي والسجني الحاليين. وبحسب نقابة الإدماج والمراقبة القضائية، فإن تلك السياسات ساهمت بشكل كبير في تدهور أوضاع السجون.
الكاتب ميشيل دوليان اختتم تقريره بالقول إن هذه المعاملة التي يحصل عليها ساركوزي تعكس “عدالة طبقية تتعارض مع مبدأ المساواة أمام القانون”، مضيفًا أن الرئيس الأسبق يعامل كما لو كان “ملكًا جمهوريًا”، وأن الامتيازات الموجهة له تعكس ارتباطه بنخبة سياسية واقتصادية بعيدة عن واقع حياة عامة المواطنين.
التصريح الأكثر إثارة للجدل جاء من رجل الأعمال جان-كلود دارمون، أحد أصدقاء ساركوزي، الذي قال إن “سجن شخص مثلنا هو صدمة… لسنا معتادين على هذه الظروف ولسنا حيوانات!”. هذا التعليق أثار موجة استياء واسعة في الأوساط الحقوقية والإعلامية التي أكدت أنه يعكس فكر النخبة التي ترى نفسها فوق القانون والمساءلة.













0 تعليق