اعترافات الإسرائيلي ببطولة السواسية - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كشف كتاب "المحدال" الإسرائيلي الذي يعني بالعبري (التقصير) " الذي يقع فى 17 فصل منها فصلين عن مقاومة السويس جاء فيها .. اعترافات جنود إسرائيل ببطولة شعب السويس  في 24 أكتوبر 1973 صدر الكتاب عن سلسله الدراسات رقم 38 عن مؤسسه الدراسات الفلسطينية  - بيروت- في مايو 1974 أي بعد شهور من معركة السويس حيث تم تدمير الدبابات الإسرائيلية في شوارع السويس بفضل المقاومة الشعبية ضد محاولة احتلال مدينة السويس واستغلال اسمها العالمي من اجل طمس انتصارات أكتوبر للجيش المصري في 6 اكتوبر.

وقد قدم شهد الجنود الإسرائيلين "يشعيا هوين و نورات و يهونتان غنفن و اوري دان و ايتان هيغر و حيزي كرمل و ايلي تايور . شهاداتهم عن ما حدث في حرب اكتوبر وما حدث لهم في السويس .

في الساعه 19.00 سري مفعول وقف القتال الا ان المصريين تمكنوا قبل ذلك من انزال قصف مدفعي ثقيل جدا علي راس الجسر الاسرائيلي الذي احدث التحول وقلب حظهم , كانما ارادوا "وداعه" روي عاموسي  قائد قوة حماية الجسر ((كان القصف المدفعي المصري الاخير مخيفا ومأكدت ادخل الي مجنزرتي , حتي سمعنا الصفير وسقطت قذيفة بالقرب منها ,واحتكت بالفولاذ ,وانفجرت علي مسافه متر متر واحد منا .كان الانفجار هائلا ,ودخلت الشظايا الي المحرك واشتعلت سيارة الوقود وانفجرت الذخيرة .استمر سقوط البرد ربع ساعه .كنت واثقا انها نهايتنا .وسمعت تاوهات الجرحي حولنا , واصوتا تستغيث من كل صوب :(مضمد ,مضمد)وفجاه ساد الهدوء وشعرت اننا نجونا .ومن نجا كتبت له الحياة وقد كلفنا قصف الوداع غاليا.

ترتب علي هذه الضربة النارية المخفيه 11 قنيلا و27 جريحا . شعرت ان هذه هي "نهاية الحرب " لقد تبدد الشعور الشخصي لقائد الجسر . ففي اليوم الثاني تجددت المعارك فقد توقف الهجوم في المحور الشمالي عند مشارف السويس , داخل بساتين المانجو المجاورة للكثبان المحيطة بمنزل المدنية , وانزوت قوة المظليين هناك تعلق جراحها بسبب نتائج القصف الذي تلقته قبل سريان مفعول وقف القتال.

وفي القطاع الجنوبي وصلت فرقتا بيرن وكالمان ماجنين المدرعتان مقاتله القوات المصرية علي مشارف مدينة السويس حيث كانت المعركة  الاكثر دامية وضراوة في القتال.

قال قائد فصيله مظليين لجنوده الذين احتشدوا معه داخل مصفحه :- ((واخيرا تستطيع ان نري تحصيننا علي رصيف الميناء من الجانب المصري . كنت مرة قائد ذلك التحصين , وكنت اطل كل صباح علي مدينة السويس والان  اشاهد الرصيف من داخل المدينة))   تحفز المظليون الذين ارسلوا الي داخل المدينة علي المركبات :الباصات والسيارات المصفحة المصرية التي غنمت , سيارات الجبب والدبابات وقد ساروا علي الطريق الجنوبي المؤدي الي مدينة السويس . كان ذلك في صباح يوم الاربعاء 24 تشرين الاول "اكتوبر" وبدت مدينة السويس من خلال الضباب مدينة هادئه ترفل بالخضرة وكان يقطن المدينة 274.000 نسمه حتي نشوب معارك حرب الاستنزاف ,وكانت رابع اكبر المدن مصر وظهرت في اطراف المدنية ,علي ضفة خليج السويس الازرق ,معامل التكرير ومصانع الاسمدة الكبيرة وخلال حرب الاستنزاف هجر معظم السكان منازلهم ولم يبق منهم سوي بضعة الاف من العاملين في معامل التكرير ومصانع الاسمدة.

كان المظليون يعتقدون ان سكان المدينة هربوه منها قبل فوات الاوان , هرب معهم ايضا الاف الجنود المصريين متهجين الي قمم جبال جنيفه وعتاقه المطله علي المدينة.

تقدمت القوة متجهة الي المدنية وقال احد المظليين : (ساد هدوء ممتع فعلا . وفجاة مر صاروخ "ساجر" فوق رؤوسنا وانزاق فوق رتل المجنزرات علي ارتفاع منحفض وقد قطعت زعانق الصاروخ اصبعين من اصابع احد الضباط وراحت المجنزرات تبحث عن مخبا من الصواريخ وعندما اطلق صاروخ اخر رايناه من فوق مجنزرة قائد الكتبية ويقترب منا ,كان هذا مشهدا مخيفا . فقد انفجر علي بعد بضه امتار امامنا  تراجعنا الي الوراء واستغلينا فترة الانتظار القصيرة لاعداد الفطور )) وفي الوقت ذاته , توجهت الدبابات في خط مستقيم ,نحو قواعد الصواريخ المنتشرة غربي المدينة.

صدر امر للمظليين بالتحرك مرة اخري وبحسب ما بدا للعيان كان الطريق الي المدنية خاليا والمدنية نفسها مهجورة وكانت المصفحات والباصات ملاي بالمظليين المتمرسين في القتال ومن بينهم من حرر القدس القديمة .خلال حرب الايام السته , ومن نال النياشين وحظي بشهرة فائقة بسبب دورهم في معارك حزيران (يونيو)1967 وكان من بين هذه القوة جنودا خدموا فترة طويلة في الدوريات داخل قطاع غزة , والقي بالكثير منهم هناك واشتركوا في اخر معركة من الحرب , كا "مسافرين متطفلين" ولم يتوقع احدان تنشب معركة هناك ,داخل المدينة .

التحق نيفي بلايخ  بالقوة الفرعية التي انضمت الي وحده المظليين وعندما اندلعت الحرب كان معاوننا في مدرسة الضباط في ضبط آليات ونظرا الي انه كان سائقا في وحده نقل قبل التحاقه بالدورة ارسل  الي احد مراكز النقل في سيناء وخلال الاختراق الي غربي القناة , كان سائقا في وحدة نقلت التموين والذخيرة عبر الجسور علي القناة . 

وتحدث نيف عن اليوم الذي سبق معركة السويس فقال :(بلغنا في ذلك الصباح ان قوة مظليين وصلت بطوافات . ونظرا الي عدم وجود ما يكفي من السيارات لديهم كانوا بحاجه الي بعض الشاحنات تحت تصرفنا فالتحقنا بها وقد حملت احدي الشاحنات بالمعدات وصعد الجنود علي الباقي ثم اجهنا حنوبا تحركت القوة في طوابير ثلاثة وسرنا نحن بالشاحنات في الوسط كان هناك جيب لقوات العدو فانسحبت دباتنا الي الوراء وتركت علامات  لقائد قوتنا للجلاء عن المنطقة ولكنه امرني بمواصلة السير ,وحاولت مناقشته ولاكن لا حياة لم تنادي  واخيرا سدت دبابه  واحدة الطريق , قتراجعت نحو 500متر وانتشرت الشاحنات وراء التل كتشكيل الدبابات كان هناك موقع محصن فتلقينا تعليمات بالاستيلاء عليه وبهذه المناسبة كان قائد الكتبية خبيرا استراتيجيا فذا وتنبأ حقا بما سيحدث في المعركة 
((طهرنا الهدف وجلسنا نراقب عمليات طائرات سلاح الجو .وفي تلك الاثناء وصلت الينا المصفحات وانتقل القائد الي واحدة منها .وبقيت انا مع الجنود علي الشاحنات . وفي الوقت ذاته بلغني ان مدفعيتنا صوبت علي مرتين خطأ لقد جعلت العناوين الحمراء لشركة المشروبات  "كرستال" علي ظهر شاحنتي تبدو وكانها سيارة عربية فقد اصبحت شاحنة المشروبات الخفيفة , التي كنت اقودها , المحملة بالجنود المقاتلين علامة بارزة في الميدان فسارعت الي تمويهها بالوحل ولكن ينقصني سوي قذيفة اسرائيلية لتدمرني.

((تلقينا امرا خلال الليل , بالالتحاق بقوة الدبابات التي اقتربت من مدينة السويس . وكان علينا مع قوة مشاة محمولة بالمصفحات الدفاع علي الدبابات  في حال قيام سلاح المشاة المصري بمحاولة الانفضاض عليها وشرحوا لنا انه علينا الاستيلاء علي مشارف المدينة لمحاصرة الجيش الثالث سرا طوال الليل وكانت الشاحنات تغطس في الخفر كل لحظة فتدفعنا الدبابات الي الامام تم وصلنا الي بعد اربعة كيلو مترات من مدينة السويس وفي الصباح الباكر تحركنا نحو المدينة فمررنا بقاعدة صواريخ وطهرنا ثم صعدنا الي الشاحنات وتابعنا التحرك نحو المدينة وكانت تقف علي مشارف المدينة قوة من الدبابات ومصفحات سلاح المشاة والتفت قوة اخري حول المدينة ووصلت حتي الادبية ولكن المدينة نفسها  لم تكن مطهرة .

((دخلت قوة المظليين الي المدينة وتقدمت الدبابات بعد تمهيد بالقصف المدفعي وروي احد المقاتلين . "بدت المدينة كمدينة اشباح فمن الجهة اليمني مباني شاهقة متعددة الطبقات ومن الجهة اليسري ارض مكشوفة ولم يفصل بين الشارع والمنطقة الصحراوية سوي خط السكة  الحديد علي الحاجز الترابي كان الشارع الرئيس الذي دخلنا فيه واسعا وتوازيه حاره علي امتداده "وروي شاومر عراد المصور الصحفي الذي رافق قوة الظليين .((ترجدت من سيارة الجيب لاجمع بعض الرسائل وتذاكر القطار المبعثرة هناك ولم يظهر أي كائن حي .

"روي المعاون نيف "

((اتضح في الساعة العاشرة صباحا ان الدبابات دخلت المدينة واستدعيت قوتنا للدخول))
وراءها . وسارت في المقدمة مصفحة ، ثم شاحنات مكشوفة وعليها جنود ، وفي المؤخرة مصفحة أخري . وسار وراءنا باصان محملان بالجنود . مررنا في الأحياء السكنية في مدخل المدينة ودخلنا الجزء القديم منها وكله مهدم ومصاب سرنا في الحارة الرئيسية علي الجانب الأيمن بحسب جميع قوانين السير وبعد أن توغلنا كيلو مترا ونصف بدأ الاحتفال : " أطلقوا علينا النار من جميع المنازل ، ومن جميع الشبابيك والمنفذ ، بالأسلحة الخفيفة وقنابل البازوكا والقنابل اليدوية " .   
وعندما دخلنا المدينة خرجت منها بسرعة مجنزرتان ودبابة كلها مصابة ولدي بدء إطلاق النار قذفنا من الشاحنات والتصقنا بالمنازل علي الجانب الأيمن فرحت لخروجي من حجرة القيادة في الشاحنة فالسائق هو هدف القناصين الأول دائماً ولم تكن معي حتى خوذة كان معي رشاش "عوزي" أخذنا نطهر بيتا تلو الأخر وجرح منها البعض علي الفور وأمكن أنتشال أول جريحين بسيارة جيب وانتشل آخرون بالمجنزرات والدبابات التي كانت تقذف أتوناً من النيران نحو المنازل التي تطلق منها النار وقد توقف هذا أيضاً واضطرت الآليات المدرعة إلي الانصراف بقينا محجوزين داخل المدينة جنود كثيرون وصلنا حتي المفرق الأوسط في الشارع الرئيسي وقطعناه ولكن تصدت لنا منازل من الجهة اليسري حيث صلونا من هناك بصورة جيدة . 

قسم القائد القوة إلي جزئن : واحد إلي يمين الطريق والآخر إلي يساره أما هو فقد جرح عندما خرج جنود مصريون من المنازل رافعي الأيدي متظاهرين بالاستسلام ولكنهم القوا قنابل يدوية عندما اقتربنا منهم ورفض القائد أخلاءه ولم نعرف في هذه المرحلة خلاصنا من هناك مستحيل ولم نعرف من أين يطلقون النار  ففي الحقيقة كانوا يطلقون النار في كل مكان ولم نستطع التحرك إلي أي اتجاه ولا حتي إلي الوراء . 

دخلنا أحد المنازل فاتضح أنها أسوأ مصيدة القيت علينا القنابل اليدوية من الطابق الثاني والثالث ومن المنازل المجاورة علي الجانب الآخر من الشارع أطلق القناصون نيرانهم صوب الأبواب فكان خروجنا منها مستحيلاً وبقينا محجوزين في بعض المنازل حول المفرق ولم يكن بيننا أي اتصال سوي بأجهزة اللاسلكي كان مجمل ما تقدمناه من المكان الذي توقفت فيه الشاحنات نحو 400 متر وسمعت القوة التي بقيت خارج المدينة بوضعنا فأخذت تقدم لنا مساندة مدفعية . 

اتضح أن الانطباعات بأن مدينة السويس خالية من الناس كانت خاطئة فبالإضافة إلي السكان الذين بقوا فيها فرت إلي المدينة فلول الجيش الثالث غربي القناة (1) والتحقت بها ثلاث كتائب كوماندوز مصرية كانت ترابط في المدينة واختبأت بين المنازل ولم نتوقف عن قنص الجنود الاسرائيلين المحاصرين حتى سماعات الليل وتمدد الجرحي علي الأرصفة لم يكن بالإمكان التقاطها ومد جرح بعضهم مرات عديدة حتي كان يصيبهم في كل مرة المزيد من العيارات النارية وبعد مضي بضع ساعات دخلت المدينة بعض المجنزرات والدبابات التي حضرت لالتقاط الجرحي ولديها أوامر بإخلاء المصابين بالجروح الطفيفة والقتلي وترك المصابين بجروح بالغة في الأماكن المخفية مع الجنود الأصحاء خوفاً من ألا يحتملوا الاهتزازات في الطريق . 

روي نيف : "لم يكن معنا مضمد في المنزل الذي اختبأنا فيه ..... وكان القائد في منزل مجاور فأمر بعض من الجنود بخروج لاختيار اماكن للنجاه وفي تلك الأثناء وصلت مجنزراتنا إلي المفرق فساعدنا علي التقاط الجرحي وتحميلهم عليها ولكننا لم نستطع العودة إلي المنزل الذي خرجنا منه فحاولنا العودة إلي حيث بقيت شاحناتنا لنتخلص من المصيدة في المدينة وكان من الواضح لنا في هذه المرحلة أنه لابد من الانسحاب " . 

"كنا سبعة رفاق اقتربنا من الشاحنات التي حرقت منها اثنتان فقط فأطلقوا علينا النار ، فأختبأنا في صالون الحلاقة في الطابق الأسفل من منزل مجاور وبقينا محجوزين هناك ساعتين تقريباً وخرج من المنطقة التي اعتقدنا أنه تم تطهيرها جنود مصريين برشاشات "كلاشينكوف" ولكنهم استطاعوا الفرار عندما أطلقت عليهم النار خطأ وفجأة اقترب مني ثلاثة جنود مصريين وكانوا علي مرمي الرصاص مني فوجدت نفسي فجأة غير قادر علي إطلاق النار عليهم وأخيرا وبعد جهد جهيد أطلقت النار فقتلت واحدا منهم و أصيب آخر وهرب الثالث حاولت الخروج فأطلقوا علي النار مرة أخري وانفجرت شاحنة محملة بالذخيرة كانت واقفة بالقرب منا ففرقتنا شدة الانفجار إلي صالون الحلاقة سمعنا شخصاً علي سقف المنزل اكتشفناه بعد أن أطلق أحد الجنود الرصاص عن عصبية كما يبدو خرجت زحفاً ثم شاهدت جندياً مصرياً يحاول إلقاء قنبلة يدوية علينا فأطلقت عليه النار و اتنسفت والقنبلة التي في يده وفجأة نسف صالون الحلاقة بأسره ولم أعرف سبب الانفجار ربما كان ذلك بسبب شاحنة الذخيرة أو بسبب صاروخ أو قذيفة مدفع أطلقنا النار صوب الباب لاعتقادنا أنه ألقيت قنبلة فغمرنا الغبار جميعاً ولكننا لم نصب وصرخت علي الجميع بالخروج . 

أصبح نيف بصورة طبيعية قائد مجموعة الجنود الصغيرة التي حاولت الخلاص مسن الآتون دون أن يعينه أحد كان جميع جنود هذه المجموعة أكثر أقدميه وخبرة منه وأصبحوا في وقت لاحق مدينين بالجميل للمعاون الشاب الذي أخرجنا من هناك .

وتذكر نيف: " بدأنا الانسحاب في الساعة السابعة أو الثامنة مساء وركضنا في المقدمة وفقدت كل اتصال مع جنود سائر القوات الذين بقوا كما يبدو في المدينة حتى منتصف الليل وأطلقنا النار داخل الأزقة  الصغيرة وألقينا قنابل يدوية علي كل ما وقعت عليه عيوننا وصلنا حتى آخر مصفحة لنا وكانوا يطلقون علينا النار طوال الوقت بصورة مخيفة ولكنا قفزنا إلي داخل المصفحة الواحد تلو الآخر و وقفنا وفيها وأطلقنا النار في جميع الاتجاهات واستطعنا تشغيل محرك المصفحة وخرجنا من المدينة بسرعة كانت دباباتنا علي مدخل المدينة وتطلق النار إلي داخلها فأخذنا نشعل الأضواء ونطفئها لكي لا يطلقوا النار علينا وصلنا إلي محطة تجميع الجرحى فاتضح هناك أننا الوحيدون الذين استطاعوا الخروج وظل الباقون محجوزين بقينا نحن السبعة سوياً ولم نرد مفارقة بعضنا بعضا . 
بعد  انتهاء الحرب حصل نيف علي أجازة وسافر إلي بلدته وقبل سفره حمله قائده رسالة أشاد فيها بعمله " لكي يكون لديه ما يريه لوالديه " علي حد قول نيف وأضاف : " كان الجميع هناك مسرورين  مني . وقالوا أن هذا جميل من شاب تل أبيبي لم يساعد الحظ مقاتلين آخرين ظلوا محجوزين في مدينة السويس بالمقدار نفسه ونجح أحد سائقي الباصات في القفز إلي الرصيف وتشغيل الباص والعودة به في اتجاه خلفي دون وقوع أية إصابة بينما بقي سائر الجنود محجوزين وسارع بعضهم إلي الاختباء وراء حاجز السكة الحديد القريب . 

تذكر شلومو عراد المصور الصحافي : " أطلقوا علينا النار من كل نافذة ولم يكن هناك منزل لم يطلقوا منه النار وكان الجرحي ممددين علي الطريق يستغيثون فانطلق المظليون نحوهم في محاولة لإنقاذهم من النيران فأصيب بعضهم أيضاً وسمعت أيضاً صرخات استغاثة من داخل الباصات المصابة وألقي الجنود المصريون الذين تحصنوا داخل المنازل قنابل يدوية علينا دون أي جهد وببساطة القوها من النوافذ وتمدد الجرحي في وسط الطريق وأخذوا ستلقون الرصاصة تلو الأخري وكانت أجهزة اللاسلكي تولول دون  انقطاع " تطلب مساعدة لم نعد نحتمل أكثر من ذلك ..... وتلقت مصفحة موسي قائد القوة إصابة بازوكا مباشرة وخرج القائد وجرح الرجال الذين كانوا معه أيضاً أو قتلوا.

و روي أحد جنود القوة : " في تلك اللحظة بينما كان إطلاق النار غي ذروته توقفنا بالقرب من مبني بدا وكأنه محصن وقررنا القفز إلي داخل ساحة هذا المبني لكي نحاول تحديد مصدر النار وازداد إطلاق النار وشاهدنا عدداً من الجنود المصريين خارجين من المبني فأطلقنا النار عليهم وأصبناهم وتمكن بعضهم من الفرار " ودخل ثلاثة جنود وهم روني حاخم وأباليبل الذي قدم من كندا ليشترك في الحرب ودافيد زوهر إلي المنزل لتطهيره من الجنود المصريين الذين تحصنوا فيه . 

قال دافيد زوهر: ((بدانا الانقضاض واذ بالذخيرة تنفذ وبقي المصريون في الطابق الثاني واستولينا نحنوا علي الطابق الاول ثم دخلت مفرزة اخري لمواصلة المهمة .اكتشفت المظليون دشمة في الساحة والقوا الي داخلها قنبلة فوسفورية فخنقهم دخانها وتم تطهير الدشمة وعلي الفور واصل المظليون الاندفاع الي داخل غرف المنزل واضاف :(خرج من احد الغرف ثمانية من رجال الشرطة المصريين رافعين ايديهم ,واخرجناهم من المبني انهت المفرزة مهمتنا في تطهير الطابق الثاني خلال عشر دقائق بعد ان اصطدمت بجندييان مصريين واصابتهما).

2.jpg

والان بعد ان اصبح المظليون داخل المبني لاحظ المصريون ما يجري وبدلوا يطلقون النار من البازوكا علي "الغالب " صوب المبني الذي اتضح للمظليين بانه مركز شرطة وروي دافيد(تطايرت علينا اجزاء من الجدران ))ولكن المصريين لم ييأسوا فحاولوا تنظيم هجوم مضاد لاحتلال مبني الشرطة من جديد وخلال الهجوم استطاع جندي مصري التسلل الي داخل المبني والقاء قنبله فراه داني عوزي واطلق النار عليه من مدي قريب فأصابه.

وتمركز المظليون في المبني وكان الهاتف يدق دون ان يرد احد فدخل شرطي مصري لم يكن يعرف بان المبني قد احتل لكي يحذر رفاقه  من اقتراب الاسرائيلين فلاحظه رفيق له  شرطي مصري جريح ممد علي المدخل وهو يدخل فلم يعذره من الخطر بل شجعه فدخل ووقع في الأسر.

كان الجرحي ممددين في الشارع ويستغيثون وحاول الجنود الإسرائيليون ضرب المصريين المختبئين وراء اكياس الرمل المثبته في النوافذ وانفذ اطلاق النار بعربد بكل شده  انتشل شلومو عامرد جريحا وأراد ادخاله الي احد المنازل لمعالجته فوقف بالقرب من الباب وانقض مظلي اخر لتطهير المنزل وما ان اقترب من الباب حتي اصيب فوذته وسقطت عن راسه ثم راي تحتها قبعه والقوا قنبله يدوية الي داخل المبني ثم دخلوا وبعد مرور دقيقه او دقيقتين حيث كان الجرحي عند المصعد دحرج جندي مصري قنبلة يدويه علي السلالم الداخلية وتم داخل المبني نفسه تصفيه سبعه جنود مصريين خلال وقت  قصير طلب الجنود "الاسرائيليون" المحجوزين المساعده , وطالبوا باخلائهم وتصاعدت من الطريق صرخات الجرحي (اماه اريد ان اعيش )) وقد ضاعت تلك الصرخات وسط ازير الرصاص وصوت الانفجارات وبحث المظليون عن منفذ في مبني الشرطه للتخلص من الحصار وحاولت دبابتان الحضور لمساعدتهم ولكن نظرا الي عدم وجود  اجهزة لاسلكي معهم مر رجال  المدرعات بهم بسرعة ووصلوا الي احد المفارق ثم عادوا كما جاءوا تحت النيران الشديدة وحاول المصريون احتلال المبني مره اخري ولكنهم صدوا ثم بدأت معركة قنص حيث اخذ المظليون يصلون بين اشياء اخري مقهي اختبأ فيه ثمانية جنود مصريين.

كان الوضع حرجا فقد تكبدت القوة الاسرائيلية عشرات الجرحي ولم يستطع احد انقاذهم  ولم يكن بالامكان تأمين مساعدة لهم من قيادة المنطقة الجنوبية :خيم الليل وفي الظلام شوهد اللهب يتصاعد من المصفحات الاسرائيلية وفجاة سمع انفجار شديد لخزانات الوقود وانطلقت صرخه قوية من جندي داخل المصفحه التي تلتهما النيران واستطاع هذا الجندي القفز في اللحظة الاخيرة من المصفحة المشتعله وانطلق نحوه مضمدان وادخلاء الي المبني واخذت الذخيرة تنفد وكان المصريون يطلقون النار من فوق سطوح المنازل المجاورة ولم يكن للمظليين مايردون به عليهم فجمعوا ذخيرة من الرفاق الجرحي وردوا باطلاق النار صوب اهداف محددة ولما كان المصريون قريبين منهم القوا عليهم قنابل يدوية وفي مرحلة معينة خفت النيران المصرية وشاهد المظليون في منزل مقابل مركز الشرطة جنودا مصريين يتجولون بحرية ونادوا عليهم بالعربية للاقتراب اقترب احدهم حقا حتي دخل مبني الشرطة وكان رافي غنيش ينتظره هناك فأمره برفع يديه فهرب المصري بينما يطاق رافي النار وراءه دون ان يصيبه.

اما المظليون الذين نمركزوا داخل المنازل فاتصرفوا طوال الوقت تقريبا الي انقاذ الجرحي ومعالجتهم واطلاق النار صوب الجنود المصريين واطلقوا النار ايضا صوب قوات كبيرة كانت تسير بعيدا داخل المدينة.

وفي اسفل اشتعلت المصفحات وانفجرت الذخيرة التي كانت داخلها وبذلت محاولات لحصر مصادر اطلاق النار . وركضه ايلي سفارتس قائد الفصيله علي الطريق وهو جريح محاولا اكتشاف مكان وجود المصريين بدقه وكان يتمركز داخل احد المنازل عشرة جنود إسرائيليين من بينهم اربعة جرحي ولم يعرفوا مكان القوات الاخري وصدرت اليهم تعليمات مفصله باللاسلكي تحدد المكان الذي عليهم الوصول اليه فحملوا الجرحي علي ظهورهم والتحقوا بقوة اخري كانت علي مقربة منهم وفي النهاية التحقت القوة باسرها بالجنود المحاصرين في مبني الشرطة.

بدا الخلاص يلوح في الافق واستعدت القوة للنوم والحراسة وفي الليل وتحت جنح الظلام تسلل بعض الجنود الإسرائيليين الي المجنزرات لكي يحضروا منها ما تبقي من ذخيرة ومؤن ووجدوا داخل احد المجنزرات يغنال وهو مضمد ميداني حظي بوسام خلال حرب الايام السته مصبا في راسه  فانتشلوه من داخل المجنزرة ونقلوه الي مبني الشرطة التقطوا في غرفة عمليات القيادة الجنوبية في سيناء الرسائل اللاسلكية التي بعثت بها القوة الاسرائيلية المحاصرة وكان من الواضح انه اذا لم يتم انقاذ القوة من داخل  المدينة خلال ساعات الليل فسيتقرر مصيرها في الصباح وحاول دوديك قائد السرية وهو احد الذين احتلوا تلة الذخيرة خلال حرب الايام الستة ان يحدد للقيادة مكان وجوده وامره الجنرال غونين بالصعود الي السطح وان يصف له باللاسلكي ما تشاهده عيناه وفي غرفه العمليات تناول الجنرال صورة جوية لمدينة السويس وتابع اوصاف دوديك وفي نهاية جهد استمر وقتا طويلا استطاع الجنرال تحديد موقع المنزل حيث كانت الوحدة الإسرائيلية محجوزة  فيه داجل المدينة ومنذ تلك اللحظة الذي اخذ يوجه دوديك وجنوده العشرة بكيفيه الخروج من المصيده وهو برشدهم باللاسلكي بموجب الصورة الجوية .
وفي الساعة الثانية ليلا , انطلقوا في الطريق وروري دويك : (( صدر الامر بالسير علي الطريق  الرئيس حتي الخروج من المدنية مسافة اربعة كيلو مترات ولكن كان من المستحيل السير علي الطريق الرئيس فقد كان مليئا بالقوات  المصرية بدانا السير ومررنا بالقرب منها سرنا بهدوء وبينما كنا نسير علي الطريق وطانا علي صفائح وقطع من الحديد وحدتث ضجة هائلة واخذنا نرتجف من الخوف)).

عبرت القوة الازقة وسمعت اصوات الجنود المصريين امامها ووراءها وفي حالة واحدة علي الاقل مرت علي بعد مترين فقط من الجنود المصريين وروي رفائيل غنيش : (( اعتقد المصريون اننا منهم ولم يسألوا اسئلة )).

-اصطدمت ايضا بعض المفارز بجنود مصريين واشتبكوا معهم واصابوا بعضهم تم واصلوا  السير  وسار بعض الجرحي مشيا علي الاقدام وفجاة اضي مصباح فتوقفت القوة الاسرائيلية لحظة واعتقدوا انه هولاء هم مصريون فاقتربوا  بحذر واكتشفوا حاملة جنود اسرائيلية  وكان رجال المدرعات الذين كانوا في الموقف الذي وصل اليه المظليون متوترين فقد كانوا يتابعون طوال الليل جهود الانقاذ اليقظة وامام قائد السرية المدرعه فلم يسيطر علي افعاله : ((بارفاق خذوا سجاير خذوا سجاير )) وقال اخر ((قلقنا عليكم ))توهج من بعيد مصباح اخر وقال احد رجال المدرعات (( عندما تصلون  الي هذا المصباح تستطيعون ان تغنوا وترقصوا )) وواصلت القوة السير حتي وصلت الي مكان امين.

كانت عقارب الساعه تشير انذاك الي الساعه 4.30 فجرا .كبدت المعركة التي دارت في مدينة السويس قوة المظليين الاسرائيلية خسائر جسيمه ولكن رغم الخسائر وقفت القوة علي مشارف المدينة ويبنما كانت المعركة في مدينة السويس مستمرة مرت القوة المدرعه التابعة لفرقة ماجين علي المحور الذي يلتف حول مدينة السويس وانطلقت فيه حتي ميناء الادبية ولكن لم يتم احراز هدف الهجوم  الاسرائيلي غربي القناة بأكمله – لم يستطع الجيش الاسرائيلي محاصرة الجيش الثاني في القطاع الشمالي شرقي القناة.

وبعد ستظل شهادة الاعداء واعترافاتهم بالاضافة لشعادات الواقع فى شوارع السويس حيث الدبابات والمجنزرات الاسرائيلية الامريكية الصنع مدمرة وساماً لابناء السويس الوطنية المصرية .

د. عبد الحميد كمال
برلماني – كاتب صحفي 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق