أكدت شبكة "دويتش فيله" الألمانية، أنه بعد التوصل إلى اتفاق لوقف القتال بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة، تحول الاهتمام الدولي نحو الأزمة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع، خاصة في ظل النقص الحاد في المساعدات وازدياد معدلات الجوع والمعاناة التي تفاقمت على مدى أكثر من عامين منذ اندلاع الحرب، وهو ما برز خلال القمة الأوروبية المصرية الأولى التي عقدت في بروكسل بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وتابعت أن إدخال المساعدات عبر معبر رفح المصري يعتبر أولوية عاجلة للدول والمنظمات الساعية لإنقاذ الأرواح، في وقت لا تزال فيه السيطرة الإسرائيلية على معبر كرم شالوم تشكل العائق الأكبر أمام تدفق المساعدات إلى غزة.
وتابعت الشبكة الألمانية، أن الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا، تطلع إلى إحياء دور الاتحاد الأوروبي في مراقبة الحدود والمنافذ مع قطاع غزة عبر إعادة تفعيل بعثة المساعدة الحدودية الأوروبية المعروفة باسم EUBAM Rafah، التي تأسست عام 2005 قبل أن تتوقف أعمالها بفعل التوترات السياسية والأمنية.
وأوضحت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن استئناف عمل البعثة يتطلب موافقة كل من مصر وإسرائيل، مشيرة إلى أن بروكسل على استعداد تام للتعاون مع الجانبين لاستئناف نشاط البعثة وضمان انسياب المساعدات الإنسانية.
وأضافت الشبكة الأوروبية، أن مصر لديها موقع محور كبير في التحركات الأوروبية والدولية الهادفة إلى تثبيت الهدنة وإعادة الإعمار، خاصة بعد نجاحها في استضافة القمة الدولية التي شهدت التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.
وأشار إلى أن دوائر الاتحاد الأوروبي ترى أن التنسيق مع القاهرة يمثل شرطًا أساسيًا لنجاح أي مبادرة مستقبلية تتعلق بإدارة الأوضاع في غزة أو مراقبة الحدود.
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي بات أكثر ميلًا للاعتماد على القاهرة كشريك استراتيجي في المنطقة، بالنظر إلى دورها الفاعل في الوساطة، وضبط تدفقات الهجرة غير النظامية، وحفظ الاستقرار الإقليمي.
وبحسب محللين أوروبيين، فإن دعم مصر في هذا التوقيت قد يتيح للاتحاد الأوروبي فرصة للجلوس على طاولة المفاوضات الدولية التي يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضمن ما يعرف بـ "مجلس السلام" الذي يسعى إلى رسم مستقبل إدارة قطاع غزة بعد وقف النار.
ويأمل الاتحاد أن يسهم هذا التعاون في ضمان استمرارية الهدنة، ودفع الجهود نحو إعادة الإعمار بشكل منسق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
وأفادت الشبكة الألمانية بأن التعاون الحالي بين الاتحاد الأوروبي ومصر يستند إلى الاتفاق الشامل الذي وُقّع في مارس 2024، ويعد هذا الاتفاق، بحسب مراقبين، نموذجًا للتوازن بين المصالح الأوروبية في حماية حدودها الجنوبية ومصالح مصر الاقتصادية والتنموية، وهو ما يجعل القاهرة شريكًا لا غنى عنه في السياسات الأوروبية تجاه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
0 تعليق