شهدت مصر حدثا وطنيًا بارزًا تمثل في إطلاق وثيقة الاستراتيجية الوطنية للعمران الأخضر والمستدام، التي أعلنها المهندس شريف الشربيني وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، خلال احتفالية كبرى حضرها عدد من الوزراء والمحافظين وكبار المسؤولين.
جاء هذا الحدث ليؤكد توجه الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو تبني سياسات عمرانية متكاملة، تحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، وتدعم بناء الجمهورية الجديدة على أسس من الاستدامة والكفاءة.

وشارك في الفعالية كل من الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، وعلاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والدكتورة منال عوض وزير التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، والمستشار عدنان فنجري وزير العدل، والدكتور أحمد هنو وزير الثقافة، والمهندس محمد الشيمي وزير قطاع الأعمال العام، والدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، والمهندس عادل النجار محافظ الجيزة، إلى جانب ممثلي المؤسسات المعنية بالتنمية المستدامة وعدد من الخبراء والقيادات التنفيذية.

محور أول: العمران الأخضر.. رؤية مصرية لبناء المستقبل

أكد المهندس شريف الشربيني في كلمته أن الاستراتيجية الوطنية للعمران الأخضر والمستدام تمثل إحدى الركائز الأساسية في مسار الدولة نحو التحول الأخضر، وهي ليست مجرد وثيقة توجيهية بل خارطة طريق عملية لإعادة صياغة منظومة التخطيط والبناء في مصر على أسس أكثر كفاءة واستدامة.

وأوضح أن هذه الخطوة تأتي تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية، مشيرًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان قد أطلق خارطة الطريق الخاصة بالاستراتيجية خلال فعاليات المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر، الذي استضافته القاهرة في نوفمبر 2024، لتكون بداية تحول حضري شامل يعزز من قدرة المدن المصرية على مواجهة التحديات البيئية والمناخية.

محور ثان: مدن ذكية لتحقيق كفاءة استخدام الموارد

قال وزير الإسكان إن الاستراتيجية تستهدف بناء مدن ذكية مستدامة تحقق كفاءة استخدام الموارد، من طاقة ومياه وأراضٍ، وتضمن في الوقت نفسه تحسين جودة حياة المواطنين.
وأشار إلى أن العالم يواجه تحديات متشابكة تتعلق بالتوسع العمراني، وارتفاع الطلب على الخدمات، والتغيرات المناخية، مما يفرض تبني نماذج تخطيط جديدة تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا النظيفة.

وأضاف أن تطبيق معايير البناء الأخضر لا يمثل عبئًا اقتصاديًا كما يتصور البعض، بل يحقق عوائد اقتصادية واجتماعية طويلة المدى، من خلال خفض استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 40% والمياه بنسبة تصل إلى 33%، فضلًا عن تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين الصحة العامة وجودة المعيشة.

محور ثالث: دعم رئاسي وحكومي للتحول العمراني المستدام

شدد الوزير على أن ما وصلت إليه الاستراتيجية ما كان ليحدث دون الدعم الكامل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي جعل من قضية الاستدامة والتحول الأخضر أحد المحاور الأساسية في بناء الجمهورية الجديدة، إضافة إلى رعاية ومتابعة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الذي يضع ملف التحول العمراني على رأس أولويات الحكومة.

وأكد الشربيني أن هذا الدعم يعكس إيمان الدولة بأن التنمية المستدامة وحماية البيئة ليستا ترفًا، بل ضرورة وطنية لتحقيق اقتصاد قوي منخفض الكربون يعزز القدرة التنافسية لمصر على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

محور رابع: منهج تشاركي يجمع الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني

أوضح وزير الإسكان أن إعداد الاستراتيجية الوطنية للعمران الأخضر جاء من خلال منهج تشاركي ضم مؤسسات الدولة المعنية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والهيئات المهنية، ومراكز البحوث والخبراء، لضمان تحقيق تكامل حقيقي بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وأكد أن هذه الشراكة تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون الوطني الذي يجسد روح الجمهورية الجديدة، حيث تسعى الدولة إلى تهيئة بيئة تشريعية واستثمارية جاذبة، تتيح للمطورين والمستثمرين والمواطنين المشاركة في تحقيق التحول العمراني المستدام.

محور خامس: أهداف الاستراتيجية الوطنية للعمران الأخضر

تستند الاستراتيجية إلى مجموعة من الأهداف والمحاور الاستراتيجية الرئيسية، من أبرزها:

تحسين كفاءة استخدام الطاقة والمياه والموارد في المدن المصرية من خلال اعتماد معايير التصميم المستدام.

تعزيز منظومة التمويل الأخضر وتوفير حوافز مالية وتشريعية تشجع على تبني الحلول البيئية في البناء والتشييد.

تنمية مدن خضراء مستدامة قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية والاعتماد على الطاقة المتجددة.

تحفيز الابتكار في مواد وتقنيات البناء وتشجيع البحث العلمي في مجال العمارة المستدامة.

تعزيز الاستثمارات الخضراء وتصدير العقار المستدام كأحد مصادر الدخل القومي ودعم الاقتصاد الوطني.

محور سادس: خطوات تنفيذية ومؤسسات داعمة للتحول العمراني

أعلن الوزير أن وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية اتخذت سلسلة من الخطوات التنفيذية لضمان تفعيل الاستراتيجية على أرض الواقع، من أبرزها:

إعادة تشكيل المجلس المصري للبناء الأخضر والمدن المستدامة ليكون منصة وطنية لتنسيق الجهود.

إنشاء وحدة خاصة للتقييم والمتابعة لرصد مؤشرات الأداء ونتائج المشروعات.

تأسيس وحدة المدن المستدامة والطاقة المتجددة داخل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لتكون الذراع التنفيذية للتحول العمراني الأخضر.

كما أشار إلى أن الاستراتيجية تتضمن حزمة من الحوافز والآليات التنظيمية لدعم المطورين والمستثمرين، تشمل تسهيلات مالية وضريبية وبرامج اعتماد وتصنيف للمباني الخضراء، بجانب تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.