10 أسباب وراء اندفاع واشنطن لإنجاح «صفقة غزة» - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في تحول جديد يعكس تصاعد الرهانات السياسية والاقتصادية في المنطقة، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة من 20 نقطة وُضعت في 29 سبتمبر 2025، مطالبة حركة حماس بقبولها قبل 5 أكتوبر تحت تهديد بمواجهة ما وصفه ترامب بـ“الجحيم”.
الصفقة دخلت حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، لتصبح حجر الزاوية في السياسة الخارجية لترامب في ولايته الثانية، وسط تساؤلات عميقة: لماذا تضغط واشنطن بكل هذا الإصرار لإنجاح “صفقة غزة”؟

1. رهان مبكر على الإرث السياسي لترامب

يعتبر ترامب أن نجاح صفقة غزة ليس مجرد إنجاز دبلوماسي، بل اختبار شخصي لنهجه القائم على “فن الصفقات”.
مصادر أميركية أكدت أن الملف بات أولوية قصوى داخل البيت الأبيض، مع تكليف كبار المسؤولين بمتابعته، على رأسهم نائب الرئيس جي. دي. فانس، المتواجد حالياً في إسرائيل.
ومن جهتة أعرب  فانس عن “تفاؤل حذر” رغم تصاعد العنف، فيما ترى أوساط سياسية أن ترامب يربط مستقبله السياسي المبكر بهذه الصفقة، كونها تمثل أول اختبار حقيقي لقدرة إدارته على فرض استقرار دائم في الشرق الأوسط.

2. إعادة رسم النظام الإقليمي بصفقة سعودية – إسرائيلية

جوهر الصفقة لا يقتصر على غزة فقط، بل يمتد إلى اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل يتضمن ميثاق دفاع أميركي – سعودي.

كما تعهدت السعودية  باستثمار 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي خلال أربع سنوات، ما يجعل الصفقة أداة لإعادة رسم التوازنات الإقليمية والاقتصادية

إنها دبلوماسية الصفقات في أوضح صورها، حيث تمتزج السياسة بالأموال لتشكيل تحالفات جديدة تتجاوز حدود الجغرافيا التقليدية

3. معضلة الرهائن.. قلب الضغط الإنساني والسياسي

جدير  بالذكر  تشكل قضية الرهائن الإسرائيليين  أكثر نقاط الضغط حساسية في المشهد.
بعد الإفراج عن بعض الرهائن، اتهمت إسرائيل حماس بتأخير تسليم رفات القتلى، بينما أكدت الحركة أن “الدمار يعقد العملية”.
النتيجة: غضب داخلي متصاعد في إسرائيل، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن 70% من الإسرائيليين يفضلون إنقاذ الرهائن على استمرار الحرب، ما يجعل الملف أداة ضغط مباشر تدفع بها واشنطن نحو تسريع تنفيذ الصفقة.

4. هشاشة الاتفاق.. توازن على حافة الانفجار

قُتل جنديان إسرائيليان في غزة الأحد الماضي، وردّت إسرائيل بغارات جوية محدودة. ورغم الخسائر، أكدت الأطراف التزامها بوقف إطلاق النار
تدرك واشنطن أن أي خطأ صغير قد ينسف الاتفاق برمته، خصوصاً مع سجل إسرائيل في خرق اتفاقات وقف إطلاق النار، كما أشار الباحث مايكل شيفر عمر-مان من منظمة DAWN.
ومع ذلك، تراهن الإدارة الأميركية على أن الضغط الدولي والتعب الشعبي سيحولان دون انهيار الصفقة هذه المرة.

5. وجود عسكري أميركي مباشر.. “جلد في اللعبة”

وفي مؤشر على الجدية، أعلنت القيادة المركزية الأميركية عن إنشاء مركز تنسيق مدني – عسكري في إسرائيل يضم 200 خبير أميركي في مجالات اللوجستيات والأمن والهندسة.
هذه ليست مجرد وعود دبلوماسية، بل تدخل ميداني جزئي يمنح واشنطن نفوذاً فعلياً في متابعة تنفيذ الصفقة، ويجعل فشلها وصمة سياسية محتملة لترامب.

6. التناقضات الجوهرية.. مقامرة عالية المخاطر

الصفقة تطالب حماس بنزع سلاحها والتخلي عن أي دور سياسي في غزة، وهو ما لم توافق عليه الحركة حتى الآن.
في 3 أكتوبر 2025، أعلنت حماس قبولها تسليم إدارة القطاع لهيئة تكنوقراط فلسطينية مستقلة وإطلاق سراح ما تبقى من الرهائن، دون التعهد بنزع السلاح.
كما تراهن واشنطن على الضغط العربي والاحتياجات الإنسانية كأوراق لإجبار الحركة على القبول بشروطها النهائية، في مقامرة قد تكون الأخطر في تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

7. إعادة إعمار غزة.. من يملك المال يملك المستقبل

غزة، المدمرة بالكامل تقريباً، أصبحت مركز تنافس دولي حول من سيقود إعادة الإعمار.
الخطة الأميركية تنص على إدارة مؤقتة من لجنة تكنوقراط فلسطينية بإشراف دولي، بينما ستمول دول الخليج والغرب عمليات البناء.
من يضخ المال سيتحكم في المستقبل السياسي والاقتصادي للقطاع لعقود قادمة، وهو ما تسعى واشنطن لاحتكاره عبر أدوات التمويل.

8. مأزق نتنياهو.. بين الولاء لترامب والضغط الداخلي

يذكر ان  رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعاني  من أزمة سياسية خانقة.


اليمين المتطرف بقيادة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش يهددان بإسقاط حكومته إذا مضت الصفقة قدماً.
رحيل أحدهما يعني انهيار الائتلاف، لكن نتنياهو يدرك أن بقاءه السياسي مرتبط بولاء ترامب له أكثر من اعتماده على حلفائه المحليين.
واشنطن تستغل هذا الضعف بذكاء لتحقيق أكبر قدر من النفوذ.

9. نافذة ضيقة.. الآن أو لا شيء

قبل أسابيع، رفض نتنياهو فكرة إنهاء الحرب باتفاق سياسي، متمسكاً بـ“النصر الكامل”.
لكن مع تصاعد الضغط الأميركي والدمار الذي أودى بحياة أكثر من 67 ألف فلسطيني، تتغير الحسابات بسرعة.
ترامب يدرك أن الوقت هو العدو الأكبر: إن لم يحقق اختراقاً دبلوماسياً سريعاً، فقد تتبخر الفرصة السياسية ويُستنزف الدعم الداخلي في إسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء.

10. الهدف الأوسع.. تجنب حرب إقليمية كبرى

بعد التوترات الأخيرة بين إسرائيل ولبنان وإيران وقطر، تخشى واشنطن من اشتعال إقليمي شامل.
إنجاح صفقة غزة لا يعني فقط إنهاء الحرب، بل منع تمددها إلى جبهات أخرى.
كما تمثل الصفقة السعودية ومشروع الغاز القطري ركيزتين اقتصاديتين تحتاجان إلى استقرار طويل الأمد لتحقيقهما، وهو ما يدفع الإدارة الأميركية إلى اعتبار الصفقة ضرورة إستراتيجية لا يمكن الفشل فيها.

مقامرة واشنطن الكبرى

في جوهرها، ليست “صفقة غزة” مجرد تسوية سياسية، بل رهان جيوسياسي هائل تسعى من خلاله واشنطن لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق منطق “الصفقات لا الحروب”.
ترامب يطارد إرثه، ونتنياهو يقاتل للبقاء، وحماس تحاول تجنب العزلة، بينما يعيش سكان غزة بين الركام في انتظار مستقبل تحدده طاولات التفاوض.
إنها لعبة توازن خطيرة، تراهن فيها الولايات المتحدة على أن الضغط والإنهاك يمكن أن يصنعا سلاماً حيث فشلت عقود من الدماء.
لكن النتيجة النهائية ستجيب عن سؤال واحد:هل ستكتب “صفقة غزة” نهاية الحرب... أم بداية فصل جديد من صراع لا ينتهي؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق