بالبلدي: د.خالد محسن يكتب: بين التفكير الإيجابي..وقناعات الهروب من الواقع ! - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

✍️ من اول السطر

يوما بعد يوم تتبدل أحوال الدنيا ،مع استمرار الصراعات وتداعيات الأحداث والمتغيرات الإقليمية والأممية وتطوراتها..
ويتوق كثيرون لفكرة الحنين إلى الماضي والحياة مع الذكريا ،وآخرو يفضلون الهروب من الواقع إلي حيث المستقبل الافتراضي بعوالمه المجهولة المخدرة للقلوب وللعقول وللأفهام ،الهادفة لتغيير نسق القيم والمبادئ!.

وكما هو حال أهل المعمورة في اختلاف رؤاهم وقناعاتهم ،فبين أولئك وهؤلاء يقف صنف من الناس يبحثون عن التكيف المتوازن مع الواقع والتعايش الإيجابي حتي الرمق الأخير ،والتعاطي مع الحياة بحلوها ومرها ،وهم علي يقين بأنهم يحيون مرة واحدة ويعيشيون أقدراهم..ويأملون أن يؤدوا ما عليهم من مسؤوليات وتبعات وفقا لاختلاف رسالاتهم وأدوراهم في دنيا الناس.

ومن قراءة أولية لهذه الفئة سنجدها تؤمن بحتمية التفكير المنطقي الإيجابي،ويثقون بمردوده وقوة تأثيره في مواجهة كافة التحديات.
وفي دنيا الأسباب والمتغيرات المتلاحقة تبدو أهمية تجديد الأحلام وغرس الآمال بالأفعال وليس بالأقوال،كما يبدو أهمية أن تكون إيجابيا مبادرا منتجا فاعلا واعيا..
وهكذا تغني أبو القاسم الشابي في ديوانه أغاني الحياة :
(ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبَـدَ الدهـر بيــن الحفرْ..
فعجَّتْ بقلبـي دمـاءُ الشباب وضجَّـت بصدري رياحٌ أخَرْ…
وأطرقتُ أصغي لقصـف الرعودِ وعـزفِ الرياحِ ووقـعِ المطـرْ. )

ولذا قيل “غير من تفكيرك تتغير حياتك”، وينطلق أنصار فريق المثابرة والإرادة اللامحدودة من قناعاتهم بالتفكير الإيجابي كضرورة عصرية لا تقبل المراء والجدل.
ووفقا لرؤي المختصين وخلاصة التجارب الحياتية فإن التفكير الايجابي هو المرتكز الأساس لأنماط التفكير الناقد المبدع حيث يسهم في تطوير حلول جديدة ومبتكرة، ويساعد على اتخاذ القرارات السليمة وهو السبيل الأمثل للتكيف مع المستجدات والتفوق والنجاح علي المستوي الشخصي والمهني.
وهي مهارة يفتقدها الكثير من أجيال الشباب ،لكن من السهل اكتسابها وتنميتها وتطويرها وفقا لإرادة الشخص ورغبته بأن يكون إنسانا إيجابيا له دور فعال.

وللتفكير الإيجابي النقدي مهارات ومراحل من أهمها: المعرفة ـ الاستيعاب ـ التطبيق -التحليل ـ التركيب – التنفيذ.
وأتصور أنه من المهم الحرص علي التقويم الدوري المستمر لضمان تصحيح المسار وتحقيق المزيد من الفاعلية،ومواجهة العوائق والتحصن من كافة العثرات.

وفي هذا السياق تحدث كثير من الفلاسفة والمفكرين قديما وحديثا عن مدي أهمية هذا التفكير لتحقيق النجاح في الحياه والاشتباك مع مشكلاتها وتحدياتها.
ومن أهم الكتب في هذا الشأن كتاب “قوة التفكير الإيجابي” وهو دليل عملي لفهم تحديات الحياة اليومية، صدر في عام 1952م لمؤلفه “نورمان فنسنت” بيل ككتاب للمساعدة الذاتية، يعطينا تاريخ مشكلة التفكير الإيجابي، بالإضافة إلى بعض التعليمات الديناميكية المصممة لمساعدة القارئ على تحديد موقفه من بعض الأشياء وحثه على التفاؤل ومواجهة الحياة بحلوها ومرها.
ومن ثمرات هذا الكتاب :
— أولاً: الثقة بالنفس : حيث تحدّث الكاتب في هذا الفصل عن أهميّة الثقة بالنفس بالنسبة لكل إنسانِ، واعتبرها المفتاح الأساسي للوصول إلى النجاح والسعادة في الحياة، وأنّ أي شعور بالنقص أو الضعف يحول دون تحقيق الإنسان لأي هدف من أهدافهِ.
كما ذكر أنّ هناك عدة أسباب تدفع الفرد إلى فقدان ثقتهِ بنفسهِ وأغلب هذهِ الأسباب تكون ذات منشأ طفولي وناتجة عن التربية الخاطئة، وشجّع كذلك الإنسان على القيام بالعبادات التي فرضها الله سبحانه وتعالى عليه كي ينجح في استعادة ثقته بنفسه للمضي إلى الأمام.
ــ ثانيّاً: العقل المليء بالسلام يُولدّ القوة: فلكي تنجح بالوصول إلى القوة في الحياة عليك أن تسعى بكل جهد لتفريغ عقلك من كل الأفكار السلبيّة والأفكار السيئة، وأن تستبدلها بأفكارٍ خلاقة وصحيحة،فمثلاً إذا كنت تجلس مع أشخاص يتحدثون عن نواحي وأمور مزعجة عليك أن تحاول قدر المستطاع أن تتحدّث عن أفكارٍ سليمة لتُخفف من الثورات العصبية التي تملئُ المكان.
كما ينصحُ الكاتب في هذا الفصل من الكتاب بأن يقوم الإنسان بممارسة الصمت لمدة ربع ساعة أو أكثر كل يوم، وأن يجلس في مكانٍ هادئ بعيداً عن الضوضاء كي يُحافظ على استقرار عقلهِ وإمداده بكميّةٍ من السلام والهدوء والطاقة الإيجابية.

ـ ثالثاً: جرّب قوة الصلاة: يؤكك الكاتب على أهميّة الإيمان والعقيدة وقوة الصلاة في حياة الإنسان، وعلى دورها في الملائمة بين الجسد والروح، أي أنّ سلامة الجسد لا تكتملُ إلّا بسلامة الروح ونقائها التي لا يُمكن الوصول إليها إلّا عن طريق الصلاة،
كما شدد علي أنّ الصلاة هي القوة العظمة التي ستجعل الإنسان ينجح في حل كل المّعضلات والمشاكل التي قد يتعرضُ لها، كما أنّها تساعد على إنعاش النفس وشحنها بالطاقة اللازمة مع بداية كل نهار.
— رابعاً: كيف تخلق لنفسك السعادة” لكي تنجح في خلق السعاة لنفسك عليك أن تتعلّم ممارسة الأفكار المبهجة عن طريق تجهيز قائمة من الأفكار السعيدة في ذهنك وتمريرها من خلال عقلك لعدة مرات في اليوم،وعن طريق طرد كل الأفكار التي تدعو إلى اليأس والإحباط، وأن تعمل كذلك على تنظيف قلبكَ من كل مشاعر الحقد، الكراهية، والقلق، وأن تسعى للعيش ببساطة وبمحبة مع الآخرين ومع نفسك.

وتنبع أهمية النقاط الإيجابيّة التي جاءت في هذا الكتاب، من قدرتها علي تحرير العقل من الأفكار السلبيّة التي تؤثر على نمط حياة الشخص وعلى نجاحه المستقبلي.
وأتصور أنه من فضائل هذا النمط من التفكير أنه يدفع دائما للعمل الجاد وتجربة كافة البدائل والخيارات المتاحة،ومن ثم تحصيل المزيد من الخبرات والتجارب والتميز والإبداع والانطلاق دائما للأمام.

ووفقا لهذا النهج الإيجابي فالقطارات لا ترجع للوراء.. فعندما يفوتك القطار لا تُطِل النظر فيه بحسرة وهو يبتعد عنك ؛أنظر إلى الاتجاه الآخر .. حيث الأمل بقدوم قطار جديد.
والخلاصة وإن اختلفت السبل والطرائق فاختر لنفسك أفضل الوسائل وأنماط الحياة الإيجابية لتحقيق النجاح فاحذر من مثالب الإنطواء والحنين السلبي إلى الماضي ، أو الانطلاق لعوالم خيالية لا مردود لها ، ولا طائل منها سواء التخدير العام والانفصال التام عن الواقع.
فمن مثالب هذا النمط أن صاحبه لا يحظي بمتعة التحدي وخوض التجربة وقد يدعوه أحيانا للإتكالية والكسل ،انتظار لتداعيات الأحداث وردود أفعال الآخرين ،والحصاد المر بطبيعة الحال البطء في اتخاذ القرارات والتحرك علي رد الفعل وأحيانا بعد فوات الأوان..
وتستمر الحياة..ويبقي الإختيار لك وحدك.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" almessa "

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق