في اكتشاف علمي مذهل، كشف فريق من الباحثين عن أول دليل مباشر يشير إلى وجود بقايا من "أرض بدائية" - النسخة الأولى من كوكبنا التي وُجدت قبل أكثر من 4.5 مليار سنة، قبل أن يُعيد اصطدام هائل تشكيل سطح الأرض والقمر.

 وقد نُشرت هذه النتائج المهمة في مجلة Nature Geoscience، مؤكدةً أن آثارًا كيميائية دقيقة بقيت مدفونة في أعماق وشاح الأرض دون أن تتغير منذ مليارات السنين.

نافذة على التاريخ الكوني القديم

 تتيح هذه النتائج للعلماء فرصة نادرة لاستكشاف اللبنات الأساسية الأولى التي شكلت الأرض، وتمنحهم رؤية أوضح لتاريخ الكواكب في بدايات النظام الشمسي. 

وأوضحت نيكول ني، الأستاذة المساعدة في علوم الأرض والكواكب بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، التي شاركت في قيادة الدراسة: "ربما يكون هذا أول دليل مباشر على أننا احتفظنا بمواد من أرض بدائية نفسها."

من الغبار إلى الكواكب: كيف وُلدت الأرض؟

قبل نحو 4.5 مليار عام، كان النظام الشمسي مجرد سحابة ضخمة من الغاز والغبار الكوني، بدأت تتكاثف لتكوّن الكويكبات والكواكب.

ومع مرور الوقت، تحولت الأرض إلى كرة منصهرة ضخمة تهيمن عليها محيطات من الحمم البركانية، قبل أن تواجه اصطدامًا عنيفًا مع جرمٍ سماوي بحجم كوكب المريخ.

هذا الاصطدام الكوني العملاق أدى إلى صهر معظم كتلة الأرض وأعاد تشكيلها بالكامل تقريبًا، مما أسفر عن نشوء القمر كما نعرفه اليوم. 

ويُعتقد أن هذا الحدث كان آخر ذوبان شامل لوشاح الأرض، ما جعل العلماء يفترضون أن كل أثر أرض بدائية قد اختفى تمامًا.

البوتاسيوم يكشف سر الماضي السحيق

لكن الفريق البحثي بقيادة ني تمكن من اكتشاف خللٍ دقيق في نظائر عنصر البوتاسيوم داخل الصخور القديمة، حيث لاحظوا نقصًا طفيفًا في نظير البوتاسيوم-40. ووفقًا لتحليلهم، فإن هذا النقص لا يمكن تفسيره إلا بوجود بصمة كيميائية باقية من الأرض البدائية التي نجت من عملية الانصهار الكبرى بعد الاصطدام.

أرض من الماضي تعود للحياة العلمية

تصف ني هذا الاكتشاف بأنه "مذهل"، قائلة: "نرى قطعة من أرض بدائية جدًا، حتى قبل الاصطدام العملاق. لم نتوقع أن تبقى هذه العلامة المبكرة طوال هذا الزمن الجيولوجي الطويل."

ويفتح هذا الاكتشاف بابًا جديدًا أمام العلماء لفهم أصول الأرض وتاريخ تكوينها، وربما يعيد رسم تصورنا عن كيفية ولادة الكواكب في الكون.