تشهد مصر اليوم تحولا استراتيجيا بارزا في مسيرتها الصناعية، بعد توقيع عقد استثماري ضخم مع مجموعة "سايلون" الصينية لإنشاء مصنع متكامل لإطارات السيارات داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات تصل إلى مليار دولار.

مشروع صناعة إطارات السيارات في مصرلا يقتصر على كونه استثمارا صناعيا كبيرا فحسب، بل يمثل نقطة انطلاق نحو إعادة رسم خريطة صناعة الإطارات إقليميا، ويضع مصر في موقع متقدم على خارطة المنافسة العالمية في هذا القطاع الحيوي.

تفاصيل مشروع "سايلون" الصينية لتصنيع إطارات السيارات

مصنع "سايلون" الصينية لصناعة إطارات السيارات داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس سيقام على ثلاث مراحل متتابعة ضمن نطاق المطور الصناعي "تيدا مصر" في منطقة السخنة المتكاملة، على مساحة هائلة تبلغ 350 ألف متر مربع.

وتشير المخططات إلى أن المرحلة الأولى، المنتظر الانتهاء منها عام 2026، ستنتج نحو 3 ملايين إطار للسيارات و600 ألف إطار للشاحنات والحافلات، وومع اكتمال المراحل كافة، ستتجاوز الطاقة الإنتاجية السنوية حاجز 10 ملايين إطار، ما يجعل المشروع أحد أكبر القواعد الصناعية من نوعها في المنطقة.

تغطية السوق المحلي وفائض للتصدير

من المقرر أن يلبي الإنتاج المحلي لمصنع "سايلون" الصينية لصناعة إطارات السيارات، كامل احتياجات السوق المصرية من الإطارات، وهو ما يقلل الاعتماد على الواردات التي طالما استنزفت العملة الأجنبية، ويعزز من توازن الميزان التجاري.

ومع وجود فائض إنتاجي، ستفتح أبواب التصدير إلى الأسواق الإقليمية والعالمية، بما يعزز مكانة مصر كقاعدة تصنيعية تصديرية ذات قيمة مضافة، ويدعم طموحاتها للتحول إلى محور لوجستي وصناعي متكامل.

ولا يقتصر أثر المشروع على تلبية الطلب المحلي فحسب، بل يمتد إلى خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، ودعم سلاسل التوريد المرتبطة بصناعة الإطارات، بدءًا من المواد الخام وحتى الخدمات اللوجستية، وبذلك، يتحول المصنع إلى رافعة اقتصادية جديدة تساهم في تقليص البطالة وتعزيز النمو الصناعي

تعزيز جاذبية المنطقة كوجهة استثمارية عالمية

إن وجود مصنع بهذا الحجم تحت مظلة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يعزز من جاذبية المنطقة كوجهة استثمارية عالمية، ويثبت أن البنية التحتية المصرية قادرة على استيعاب مشروعات صناعية معقدة وذات طابع استراتيجي. 

كما يوجه رسالة واضحة إلى الأسواق الدولية بأن مصر تتحول تدريجيًا إلى مركز صناعي قادر على المنافسة في صناعات متقدمة، وليس فقط الصناعات التقليدية.

"سايلون".. قوة صناعية عالمية

المجموعة الصينية "سايلون" تعد من أبرز الشركات العالمية في صناعة إطارات المركبات بأنواعها، إذ تمتلك مصانع ضخمة في الصين وفيتنام بطاقة إنتاجية تصل إلى 26.6 مليون إطار للشاحنات والحافلات (TBR)، و88 مليون إطار للسيارات (PCR)، إضافة إلى 310 آلاف طن من إطارات المعدات الثقيلة (OTR) سنويا. 

وتغطي شبكة مبيعاتها وخدماتها اللوجستية أكثر من 180 دولة ومنطقة حول العالم، ومن ثم، فإن اختيارها لمصر ليكون مقرا لمصنع إقليمي يعكس ثقتها في السوق المصرية ومكانتها كمركز واعد لتصنيع وتوزيع الإطارات في الشرق الأوسط وأفريقيا.

مصنع "سايلون".. خطوة نحو العالمية

المشروع يمثل أكثر من مجرد استثمار صيني في مصر؛ إنه بوابة لنقل الخبرات الصناعية والتكنولوجية إلى الداخل المصري، وإشارة إلى أن البلاد تمتلك المقومات اللازمة لتصبح لاعبا عالميا في صناعة الإطارات. 

ومع اكتمال المشروع، يمكن لمصر أن تتحول بالفعل إلى محور رئيسي لهذه الصناعة عالميا، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي، وشبكة موانئها المتطورة، والبنية التحتية التي عززتها خلال السنوات الأخيرة.

هكذا، لا يقتصر الحديث على مصنع جديد بقيمة مليار دولار، بل عن بداية حقبة صناعية جديدة قد تجعل من مصر عاصمة لصناعة الإطارات، وقوة إنتاجية تصديرية تضعها في قلب المنافسة العالمية.