أزمة الدواء في مصر.. انخفاض ... - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في ظل التحديات الاقتصادية المتسارعة التي تواجه مصر، يظل قطاع الدواء من أكثر القطاعات حساسية، حيث يرتبط توافر الأدوية وأسعارها مباشرة بتقلبات سعر الصرف، حيث أكد رئيس شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية، علي عوف، أن خفض أسعار الدواء في مصر مرهون بشكل أساسي بتراجع سعر الدولار إلى مستوى 40 جنيهًا للدولار الواحد، وهو ما يعد حالة واحدة حاسمة لتحقيق التوازن بين تكاليف الإنتاج والقدرة الشرائية للمواطن.

وهذا التصريح، يعكس الضغوط المتزايدة على السوق الدوائي المصري، الذي يعتمد بنسبة كبيرة على الواردات، وسط توقعات باستمرار انخفاض الدولار في الأشهر المقبلة.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الآليات والتحديات المرتبطة بهذه الحالة الشرطية، وهل يمكن أن تتراجع أسعار الدواء في مصر.

تراجع سعر الدولار

ويشهد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري موجة تراجع مستمرة منذ أبريل الماضي، حيث انخفض من مستوى 51.60 جنيهًا إلى نطاق 47.60 جنيهًا بنهاية تعاملات الاثنين 13 أكتوبر 2025، بنسبة انخفاض تصل إلى 8.5%.

ووفقًا لآخر تحديثات البنك المركزي المصري، استقر السعر اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 عند 47.48 جنيهًا للشراء و47.62 جنيهًا للبيع في البنك المركزي، مع تباين طفيف في البنوك الحكومية مثل بنك مصر الذي سجل 47.67 جنيهًا للشراء و47.77 جنيهًا للبيع.

وهذا الاستقرار النسبي يأتي مدعومًا بانخفاض التضخم وتراجع أسعار الفائدة، بالإضافة إلى تدفقات دولارية إيجابية من إيرادات قناة السويس وتعافي السياحة.

أما التوقعات، فيشير الخبير الاقتصادي هاني جنينة إلى استقرار الدولار عند 47 جنيهًا في السيناريو الأساسي، مع إمكانية تراجع إلى أقل من 45 جنيهًا في حال استمرار التدفقات الدولارية وحل أزمة الغاز.

أما رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، فخري الفقي، توقع تراجع تدريجي خلال العام المالي الحالي، ليقترب من قيمته "الحقيقية" دون الوصول إلى 40 جنيهًا.

ومع ذلك، تشير توقعات "The Dollar Today" إلى انخفاض محتمل إلى 46.99 جنيهًا بنهاية أكتوبر 2025، مع متوسط 47.25 جنيهًا خلال الشهر.

وهذه التوقعات تعزز الأمل في إمكانية خفض أسعار الدواء، لكنها تظل مرهونة بعوامل خارجية مثل السياسات النقدية الأمريكية.ت

وأكد علي عوف أن "خفض أسعار الدواء مرهون بتراجع الدولار إلى 40 جنيهًا"، مشيرًا إلى أن الحكومة قامت بخطوة مشابهة قبل 15 عامًا بعد انخفاض تكاليف الإنتاج، لكنها رفعت أسعار بعض الأدوية لضبط التسعير.

وأوضح عوف أن الظروف الاقتصادية الحالية، بما فيها انخفاض سعر الصرف وتراجع التضخم، تدرس بدقة قبل أي قرار، مع الحرص على التوازن بين دعم الصناعة وضمان سعر عادل للمواطن.

400.jpg
أسعار الدواء في مصر

دور الحكومة في خفض أسعار الدواء

من جانبه، أكد رئيس هيئة الدواء المصرية، علي الغمراوي، في مؤتمر صحفي قبل أسابيع، أن الهيئة ستقوم بمراجعة وخفض أسعار الأدوية فور حدوث انخفاض في سعر الدولار، مشددًا على أن "لا زيادات تلقائية، وإذا انخفض الدولار سنخفض الأسعار".

وهذه التصريحات تعكس التزام الحكومة بتحقيق التوازن، خاصة مع نمو سوق الدواء بنسبة 56% في النصف الأول من 2025، مدعومًا بزيادات أسعار بنسبة 43%.

التشوهات السعرية في سوق الدواء

ويعاني سوق الدواء المصري من تشوهات سعرية واضحة، حيث يسعر بعض الأدوية بقيم أعلى من قيمتها الحقيقية، بينما تباع أخرى بأقل من تكلفتها، مما يؤدي إلى فجوات سعرية كبيرة.

ويقدر عوف أن "لا يمكن بيع دواء بـ 100 جنيه ودواء بديل بـ 40 جنيهًا"، مقترحًا خفض الأول ورفع الثاني إلى 80 جنيهًا لتحقيق عدالة.

ومع ذلك، أكد عوف أن التسعير العادل لا يرتبط بالدولار فقط، بل بعناصر أخرى مثل أسعار الكهرباء، البنزين، الغاز، الأجور، والمواد الخام، حيث قد يؤدي انخفاض الدولار إلى توازن مع ارتفاع هذه التكاليف، مما يتطلب تثبيت الأسعار.

وهذه التشوهات أدت إلى اختفاء نحو 200-300 دواء، بما في ذلك 40 دواءً منقذًا للحياة، بسبب رفض الهيئة طلبات رفع الأسعار مؤخرًا.

كما يخشى عوف من زيادة أسعار الوقود المعلنة منتصف الشهر الماضي، التي قد ترفع تكاليف التوزيع بنسبة 20% وإنتاج الدواء بنسبة 5%.

وعلى الجانب الإيجابي، أدى قرار أمريكي بخفض أسعار الأدوية بنسبة 30-80% إلى انخفاض فاتورة واردات مصر بنسبة 25%، مما يوفر نحو نصف مليار دولار سنويًا.

التغييرات المرتقبة في آليات تسعير الأدوية 2025

وتترقب مصر إصدار قرار جديد لتنظيم تسعير الدواء، كما أفاد رئيس غرفة صناعة الأدوية، جمال الليثي، وهذا القرار، الذي يعد تحديثًا لقرار 499 الحالي، سيعطي الهيئة مرونة أكبر لتحريك الأسعار بناءً على تغيرات التكاليف أو سعر الصرف، بشرط استمرار الزيادة لفترة زمنية محددة بنسبة مئوية معينة، دون الحاجة إلى انتظار طويل.

وقال مساعد رئيس الهيئة، ياسين رجائي، في أبريل الماضي، إن التحديث جار للاعتماد قبل نهاية 2025، مما يجعل النظام أكثر مرونة مقارنة بالحالي.

وهيئة الدواء نفت أي زيادات تلقائية، مؤكدة أن أكثر من 95% من الأدوية متوفرة، وأن أي تغيير يخضع لعوامل اقتصادية واضحة.

كما أقرت زيادات تدريجية بنحو 100 صنف شهريًا حتى نهاية 2025، لكنها أقل من الزيادات السابقة بنسبة 20-25% للأمراض المزمنة و50% للفيتامينات.

حجم السوق الدوائي وتأثير الخفض المحتمل على الاقتصاد

وتضم السوق المصرية 180 مصنعًا ومئات الشركات، تنتج 3 مليارات عبوة من 17 ألف دواء مسجل، بمبيعات بلغت 215 مليار جنيهًا في 2024، مع توقعات بـ260-270 مليار جنيهًا بنهاية 2025، ويمثل الدواء 91% إنتاجًا محليًا و9% واردات، بفاتورة 1.79 مليار دولار.

وخفض الأسعار عند 40 جنيهًا للدولار سيخفف العبء على 150 مليار جنيه إنفاق سنوي للمصريين، ويعزز المنافسة، مما يدعم الاقتصاد بنمو 15% سنويًا.

ومع تراجع الدولار نحو 47 جنيهًا اليوم، تشكل الحالة الواحدة – الوصول إلى 40 جنيهًا – مفتاحًا لخفض أسعار الدواء، لكنها تتطلب دراسة شاملة للتكاليف. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق