تشهد محطة رياح جبل الزيت، الواقعة على ساحل البحر الأحمر في مصر، منافسة حامية بين خمس شركات استثمارية عالمية، حيث بدأت هذه الشركات عمليات فحص ناف للجهالة تمهيداً للاستحواذ على هذا الأصل الاستراتيجي.
يأتي هذا التطور في إطار برنامج الطروحات الحكومية، الذي يهدف إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد ودعم أهداف التنمية المستدامة.
ويستعرض هذا التقرير، من بانكير، تفاصيل المنافسة، أهمية المحطة، والتأثيرات الاقتصادية والبيئية لهذه الصفقة المرتقبة.
محطة جبل الزيت ركيزة الطاقة المتجددة في مصر
وتعد محطة رياح جبل الزيت، الواقعة بين مدينتي رأس غارب والغردقة، من أبرز مشاريع الطاقة المتجددة في العالم، بقدرة إجمالية تبلغ 580 ميجاواط.
وتتكون المحطة من ثلاث وحدات: جبل الزيت 1 (240 ميجاواط)، جبل الزيت 2 (220 ميجاواط)، وجبل الزيت 3 (120 ميجاواط)، وتم تنفيذها بالتعاون مع الحكومة الإسبانية.
وبدأت المحطة عملياتها التجارية بشكل كامل في يوليو 2025، وتغطي احتياجات حوالي 500 ألف أسرة مصرية من الكهرباء، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
وتتميز المنطقة بموقعها الاستراتيجي على ساحل البحر الأحمر، مما يجعلها جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
ووفقاً لبيانات حكومية، بلغت تكلفة إنشاء المحطة حوالي 12 مليار جنيه مصري (672 مليون دولار)، بتمويل من مؤسسات دولية مثل بنك التعمير الألماني.، ومع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية بنسبة 15% في 2025، تُقدر القيمة السوقية للمحطة بحوالي 1.2 مليار دولار، مما يجعلها هدفاً استثمارياً رئيسياً.
تنافس عالمي على أصل استراتيجي
وتشارك خمس شركات عالمية في المنافسة على الاستحواذ على محطة جبل الزيت، وتشمل القائمة:
- أكوا باور (السعودية): شركة رائدة في مجال الطاقة المتجددة، تمتلك خبرة واسعة في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح في المنطقة.
- أكتيس (المملكة المتحدة): صندوق استثماري متخصص في الطاقة المتجددة، سبق له تمويل مشاريع في مصر بقروض من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
- الكازار (الإمارات): شركة استثمارية تركز على مشاريع البنية التحتية في الشرق الأوسط.
- شركة ماليزية: لم يكشف عن هويتها، لكنها تعد لاعباً ناشئاً في قطاع الطاقة المتجددة.
- كيان أوروبي: لم يفصح عن اسمه، لكنه يعتقد أنه من الشركات الرائدة في تصنيع توربينات الرياح مثل سيمنز غيميسا.

وأمام هذه الشركات مهلة حتى نهاية أكتوبر 2025 لتقديم عروضها النهائية، حيث تجري حالياً عمليات فحص مالي وفني مكثفة لتقييم الأصل.
ويأتي هذا التنافس في إطار برنامج الطروحات الحكومية، الذي أعلن عنه وزير المالية أحمد كجوك، والذي يستهدف إتمام 3 إلى 4 صفقات تخارج بحلول يونيو 2026.
برنامج الطروحات الحكومية
ويعد الاستحواذ المرتقب على محطة جبل الزيت جزءاً من استراتيجية مصر لتقليص حصصها في الأصول الحكومية وإتاحة الفرص للقطاع الخاص.
ووفقاً لبيانات حكومية، جمعت مصر 5.8 مليار دولار من برنامج الطروحات منذ يونيو 2022 حتى يونيو 2025، أي حوالي 47.5% من الهدف البالغ 12.2 مليار دولار.
وتشمل الأصول المطروحة أيضاً محطة كهرباء سيمنز في بني سويف، لكن محطة جبل الزيت تظل الأكثر جاذبية بفضل إمكاناتها الإنتاجية وقيمتها السوقية.
وتتزامن هذه التطورات مع انتظار مصر لنتائج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج دعم صندوق النقد الدولي، المدمجتين في مراجعة واحدة مقررة هذا الخريف، حيث يهدف البرنامج إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي، حيث تمتلك مصر حالياً 561 شركة حكومية في 18 قطاعاً اقتصادياً، موزعة عبر 16 محافظة.
الأثر البيئي والاستراتيجي
وبيئيًا تساهم محطة جبل الزيت في خفض انبعاثات الكربون بنحو 1.2 مليون طن سنوياً، مما يدعم هدف مصر للوصول إلى 42% من الطاقة المتجددة بحلول 2030.
واستراتيجيًا، يعزز الاستحواذ المحتمل مكانة مصر كمركز للطاقة الخضراء في المنطقة، خاصة مع تراجع الاستثمارات في النفط والغاز بعد انسحاب شركات مثل شيفرون من امتيازات البحر الأحمر في أبريل 2025.
كما يوفر المشروع آلاف الوظائف، حيث يعمل حاليًا حوالي 5 آلاف موظف، مع توقعات بزيادة هذا العدد بعد الاستحواذ.
ومع اقتراب الموعد النهائي لتقديم العروض في نهاية أكتوبر 2025، تتجه الأنظار نحو محطة جبل الزيت كرمز لتحول مصر نحو الطاقة المستدامة، وهذه الصفقة ليست مجرد عملية استحواذ، بل خطوة استراتيجية لتعزيز الشراكات الدولية ودعم النمو الاقتصادي.
ومع استمرار المنافسة بين الشركات العالمية، ستظل محطة جبل الزيت شاهدة على طموح مصر في بناء مستقبل أخضر يجمع بين الاستدامة والربحية.
0 تعليق