العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات - بلس 48

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يشكّل حرم جامعة مكسيكو صيدلية مفتوحة لطيور الشرشور التي تجمع بقايا السجائر لاستخدامها في تعقيم أعشاشها.

ويُعدّ هذا السلوك مثالا لافتا على ظاهرة “التطبيب الذاتي” في عالم الحيوان، التي تحظى باهتمام متزايد من العلماء.

بدافع الفضول العلمي أجرى عالما بيئة من جامعة مكسيكو سلسلة طويلة من التجارب على استخدام هذه العصافير الصغيرة ذات الرأس الأحمر بقايا السجائر، وأثبتا أنّ هذه الطيور تجمعها عمدا نظرا للتأثير الطارد للنيكوتين على الطفيليات التي تصيب صغارها.

وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس يقول عالم الأحياء الهولندي ياب دي رود، الذي ينشر الأربعاء كتابا عن هذا الموضوع: “يا له من سلوك مبدع من جانب هذه الطيور”.

ويشير الباحث من جامعة إيمري في أتلانتا الأمريكية إلى أنّ الفرضية القائلة إن الحيوانات قادرة على علاج نفسها لطالما كانت “مثيرة جدا للجدل”، مع أن عالم رئيسيات أمريكي أثبتها علميّا للمرة الأولى في ثمانينيات القرن الفائت، ويورد أنّ “عددا كبيرا من العلماء كانوا يعتقدون أن الحيوانات ليست ذكية بما يكفي، فكيف لها أن تعرف كيف تفعل ذلك؟”.

ويوضح الباحث أنّ الإجابة هي: “لا داعي لأن تعرف”، متطرقا إلى مثال يرقة نمر إيزابيلا الصغيرة؛ فعندما تُصاب هذه اليرقة بيرقات الذباب الطفيلية تبدأ بتناول نباتات تحتوي على القلويدات التي تُعدّ سمّا قاتلا لطفيلياتها؛ فهي لديها ببساطة مستقبلات ذوق تستجيب للقلويدات بشكل أقوى عندما تكون مصابة بالطفيليات: وزاد موضحا: “لا تحتاج لمعرفة أنها مريضة، ولا معرفة ماهية القلويدات، ولا أن تناولها سيشفيها؛ جسمها يعلمها ببساطة أنّ هذا جيد وأنّ عليها تناول المزيد منه. إنه سلوك فطري موجود في جيناتها ويشكل نتيجة لتطوّرها”.

 مفيدة للبشر

تُكتسب بعض السلوكيات الأخرى من خلال التعلم بالتجربة والارتباط؛ فعلى غرار تجنّب طعام تسبب في تسمم غذائي تتذكّر بعض الحيوانات شعورها بالتحسّن بعد تناول نبات معين، فتعاود استهلاكه مجددا عند ظهور أعراض مشابهة.

ولدى الأنواع الاجتماعية، مثل الشمبانزي، قد يكون جزء من هذه السلوكيات ناتجا عن التقليد. ويقول دي رود: “يجد حيوان طريقة ما فتقلّده البقية”.

ويرى عالم الأحياء أن معرفة المزيد عن الطريقة التي تعالج بها الحيوانات نفسها “لها فوائد كثيرة” للبشر، منها مثلا مساعدة قطاع تصنيع الأدوية الحديث على إنتاج أدوية وعلاجات، كما فعل باحثون يابانيون اكتشفوا، من خلال مراقبة القطط وهي تتقلّب في عشبة النعناع البري، أن هذا النبات العطري يحتوي على مركب كيميائي يحميها من البعوض.

ويقول دي رو إنّ “الفوائد واضحة أيضا لمربي المواشي” الذين يواجهون مشكلة تزايد مقاومة المضادات الحيوية، ويضيف: “نُطعم المواشي خلطات غذائية نعتقد أنها تحتوي على كل ما تحتاجه الحيوانات، لكن بفعلنا هذا لا نسمح لها بشفاء نفسها”.

ويقول الباحث الذي يدعو إلى منح هذه الحيوانات خيارات أكثر في نظامها الغذائي: “إنّ استخدام طرق علاج طبيعية أكثر يعزز صحة المواشي، ما ينعكس إيجابا على صحة الإنسان، بالإضافة إلى كونه مفيدا من الناحية الاقتصادية”، ويشير أيضا إلى السماح للكلاب والقطط بأكل التراب أو العشب، شرط أن تكون “نظيفة وخالية من المبيدات الحشرية والأسمدة”.

وسواء كان ذلك “للتخلص من الطفيليات أو لإزالة قطعة ليغو تركها أحد الأطفال مرمية”، عندما “تقترب من النباتات أو تتقلّب فيها من المُرجّح أنها تفعل ذلك لسبب وجيه”، على قول المتحدث ذاته.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق