بودرقة: قطاع الصحة في أكادير يتطور .. والخوصصة أفضل أشكال التدبير - بلس 48

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تفاعل مصطفى بودرقة، النائب الأول لرئيس جماعة أكادير، مع الجدل المرتبط بالقطاع الصحي إثر الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها عاصمة سوس، مُبرزاً أن “الحكومة تواصل إصلاح هذا القطاع، ليس فقط في أكادير، بل في المغرب بكامله”، ومُشدداً على أن المغرب يمضي في تحقيق سيادته عبر “توسيع شبكة المستشفيات الجامعية التي سيفتتح أحدها قريباً في أكادير”.

وردّ بودرقة، في حواره مع جريدة هسبريس، على شبهات “التفويت والخوصصة”، مُعتبراً أن اللجوء إلى شكل التدبير المثير للجدل فرضه “نقص الموارد البشرية في الجماعة، بما أن 400 موظف سيُحالون على التقاعد سنة 2027″، مسجلاً أن “ما يهم الجماعة هو رضا المواطن عن الخدمة، سواء تم تقديمها من طرف الجماعة أو من خلال مؤسسة أخرى، فالمهم أن يستفيد منها بأفضل جودة، سواء تعلق الأمر بالمسابح، أو المتاحف، أو الفضاءات الخضراء، أو غيرها”.

نص الحوار:

• تعرف العديد من دورات المجلس تشنجا كبيرا مع المعارضة التي تقول مراراً إنها “تعاني من التهميش، ويتم تغييب صوتها عمدًا داخل دورات المجلس، بما يخالف أبسط قواعد التدبير الديمقراطي”؟

حين نقول إن تنمية المدينة تسير في الاتجاه الصحيح فهذا يعني بالضرورة وجود معارضة قوية. فالمجلس قوي بكافة مكوّناته من أغلبية ومعارضة. المعارضة تؤدي دورها، وتُسلّط الضوء دائمًا على الجزء الفارغ من الكأس، في حين ننظر نحن إلى الجزء الممتلئ، للبحث عن الخطوات التي سنقوم بها لملء الجزء الفارغ.

المعارضة تأتي للنقد وإبداء الرأي، ونحن كمجلس وكفريق مسيّر نُجيب عن مختلف التساؤلات. الجميع يتابع سير عمل جماعة أكادير. لا حرج لدينا في الإجابة، رغم ما قد تشهده الجلسات أحياناً من مناوشات وصراخ. لا نجد في ذلك مشكلة، فهـذا تمرين ديمقراطي، والنقل المباشر للجلسات يضمن الشفافية والوضوح. ونحن نفتخر بجماعة أكادير وبمجلسها، بأغلبيّته ومعارضته معاً.

• طيب، دعنا نعود إلى مشكلة الصحة بالمدينة، إثر الزيارة الأخيرة لوزير الصحة أمين التهراوي، نتيجة الاحتجاجات التي كانت أمام المركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني. ما تعليقك على احتجاج ساكنة تُصرّح بأنها تعيش “معضلة صحية حقيقية” بعاصمة سوس والنواحي؟

قطاع الصحة في أكادير، وفي المغرب عمومًا، يشهد إصلاحًا واسعًا، وإعادة هيكلة عميقة للمنظومة الصحية، في إطار برنامج الحماية الاجتماعية الملكي الذي تتولى الحكومة تنفيذه، ويضمن الولوج إلى الرعاية الصحية لجميع المواطنين. غير أن تحقيق هذا الولوج يتطلب توافر عدة شروط.

أول هذه الشروط هو توفر الموارد البشرية، وهنا نُقر بأن بلادنا تعاني خصاصًا كبيراً، خاصة في صفوف الأطباء والممرضين. النقص المُسجّل يصل إلى حوالي 25 ألف طبيب. وقد حاولنا الإجابة عبر إنشاء كليات جديدة للطب.

اليوم توجد كليات في جميع الجهات، لكن لا يجب أن ننسى أنه حتى وقت قريب لم تكن في المغرب سوى اثنتين لتكوين الأطباء، في الرباط والدار البيضاء، وكانتا تُخرّجان 400 طبيب فقط سنويًا. نصفهم يبقى، والنصف الآخر يهاجر إلى الخارج.

هذا العام بلغ عدد الأطباء المتخرجين 1500 طبيب، ونطمح إلى رفع هذا الرقم سنويًا. مع العلم أن تكوين الطبيب العام يتطلب مدة، ولذلك عندما نُحدث كليات للطب لا بد أن ننتظر سنوات حتى نرى الفوج الأول من الخريجين. وهذا التحدي يؤرقنا كما يؤرق العالم، لأن الطلب على الأطباء عالمي، وليس محليًا فقط.

النقطة الثانية تتعلق بالمرافق الصحية، وعنها أقول إن المراكز الاستشفائية الجامعية تُنجز حاليًا في مختلف جهات المغرب، والجهات التي لم تكن تتوفر عليها بدأت فيها الأشغال، وأكادير من بينها، إذ تتوفر الآن على مركز استشفائي جامعي ينتظر الافتتاح قريباً. عند بداية تسيير الجماعة قمنا بتشخيص شامل للبنية التحتية الصحية في المدينة. ونشير هنا إلى أن المستشفى الجامعي بأكادير يحتوي على نحو 900 سرير، ويُعد من أكبر المستشفيات الجامعية في المغرب، ويضم أحدث التجهيزات.

مستشفى الحسن الثاني، الذي يعود إلى ستينيات القرن الماضي، أولاه الرئيس اهتماماً خاصاً منذ بداية الولاية، لأنه لا يستقبل فقط سكان أكادير، بل كذلك مرضى من الأقاليم الجنوبية والمناطق المجاورة، ما جعله يعاني ضغطًا هائلاً.

وقلنا حينها إن المستشفى لا يمكن أن يستمر في تلك الحالة، فبادرت الجماعة إلى تعبئة المصالح الخارجية لتوفير التمويلات الضرورية. وساهم مجلس الجهة ووزارة الصحة في تمويل المشروع بمبلغ 140 مليون درهم، لكن اتضح أن المبلغ غير كافٍ، فتدخلت وزارة الصحة لتغطية الفارق بإضافة 60 مليون درهم.

الرئيس أعطى انطلاقة الأشغال في مستشفى الحسن الثاني، لكن هذه الأشغال لن تكون بالحجم المطلوب إلا بعد افتتاح المركز الاستشفائي الجامعي ونقل المرضى إليه، ما يتيح إعادة هيكلة شاملة.

• ولكن احتجاجات الناس لم تأت من فراغ، وقد رأينا صوراً صادمة لطفلة لم تجد العلاج.

الاحتجاجات الأخيرة ليست جديدة. ولا نعلم إن كانت حالة الطفلة التي ظهرت هي الوحيدة، أم إن هناك حالات أخرى. وما إن انتشرت حالتها حتى تدخل وزير الصحة والحماية الاجتماعية فوراً، وتحملت الحكومة مسؤوليتها، لأنه لا يمكن، في إطار النموذج المجتمعي الذي نتولى بناءه، أن تبقى مثل هذه الحالات دون علاج. الأصل أنه يجب أن نتعبّأ جميعاً لتحمّل علاجها.

أؤكد أن الاحتجاج مشروع، ومن حق الناس أن يخرجوا للتعبير عن مطالبهم، لكن، بالنسبة إلينا، فقد تحركت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والمهم أننا استبقنا كل هذه التحديات بتهيئة سابقة للمرافق الصحية.

نحن نعترف بأن مستشفى الحسن الثاني نقطة سوداء، وحاولنا في المجلس أن نقدم إجابة حقيقية، من خلال تعبئة الموارد المالية، وبدء الأشغال. لم تكن هناك أي بارقة أمل قبل ذلك، وكان دائمًا يُنظر إليه كنقطة سوداء. أما نحن فجئنا ببداية الحل، وبتوفير التمويل.

مشكلة الصحة ليست وحدها “القضية المثيرة” في تدبير جماعة أكادير، فأنت تعرف كذلك نقاش “تفويت” العديد من المرافق الجماعية الحيوية لشركات التنمية المحلية وشركات المناولة والتدبير المفوض، كقصبة أكادير أوفلا، المسابح الرياضية، والمرابد… ما الغاية وراء ذلك؟

كما تعرف نحن نتولى تدبير مدينة أكادير منذ أواخر سنة 2021، ونديرها بموارد بشرية تُقدّر بحوالي 1200 موظف، إلى جانب ما بين 1200 و1300 عامل عرضي؛ علمًا أن القطاعات الكبرى في المدينة تُدبّر اليوم بشكل مباشر من طرف جماعة أكادير، مثل قطاع النظافة، والإنارة العمومية، ومرافق حيوية أخرى.

دعني أوضح أكثر: بحلول سنة 2027 سيُحال 400 موظف من الجماعة على التقاعد، وسيتبقى 800 فقط. وهذا يشكّل تحديًا على مستوى التوظيف، خاصة أن المناصب المُحدثة تُمنح في الغالب لمجالات تقنية، وليست إدارية.

وسط هذه المعادلة إذا نظرنا إلى وضعية مدينة أكادير ما بين سنة 2022 واليوم نجد أنها شهدت تحولات كبيرة، من بينها توسعة ملاعب القرب، وتضاعف المساحات الخضراء، إضافة إلى افتتاح المتاحف، والمسابح، والمرافق الثقافية. مضاعفة هذه المرافق تعني الحاجة إلى موارد بشرية جديدة لتدبيرها. لكن كيف يمكن تحقيق ذلك في ظل موارد بشرية تتناقص بفعل التقاعد، في مقابل تزايد عدد المرافق؟

ليس من الصعب إنشاء مسبح أو مساحة خضراء، لكن التحدي الحقيقي يكمن في ضمان استدامتها وجودة خدماتها لأطول مدة ممكنة. وهذا يتطلب موارد بشرية قارة ومتخصصة. لكن هل نتوفر داخل الجماعة على مشرفين رياضيين، أو خبراء لتدبير متحف، أو أطر تقنية للمساحات الخضراء؟.

لهذا السّبب لجأنا إلى شراكات مع مؤسسات عمومية وشركات متخصصة، كما هو الحال بالنسبة للمتحف. أبرمنا اتفاقية مع المؤسسة الوطنية للمتاحف، وهي مؤسسة وطنية ذات خبرة كبيرة. ومن هنا أوجه الدعوة للمواطنين لزيارة هذا المتحف، والاطلاع بأنفسهم على مستوى الخدمات المقدمة فيه.

ما يهمنا هو رضا المواطن عن الخدمة، سواء تم تقديمها من طرف الجماعة أو من خلال مؤسسة أخرى؛ المهم أن يُستفاد منها بأفضل جودة.

وماذا عن المسابح المغطاة التي تم منح تدبيرها مباشرة لشركة “سونارجيس” رغم ما أثاره ذلك من جدل ورفض كبيرين؟.

نعم، هذه المسابح أثارت جدلًا واسعًا عند تفويتها لشركة “سونارجيس”، وهي شركة أحدثتها الدولة في البداية لتدبير الملاعب الرياضية، ثم منحتها لاحقًا صلاحية تدبير المسابح وملاعب القرب. هذه الآلية وفّرتها الدولة لفائدة الجماعات لمساعدتها في تسيير هذه المرافق، وهو ما قمنا به فعليًا.

اليوم لدينا مسابح مغطاة في كل من الهدى والحي المحمدي، وقد بلغ عدد المنخرطين في بعضها 1000 منخرط. هناك إقبال، وهناك ارتياح للخدمات. كما تم إحداث مناصب شغل جديدة.

أما في ما يخص المساحات الخضراء، التي تضاعفت أربع مرات وتحتاج إلى مواكبة دائمة، فقد أطلقنا طلب عروض، ورست الصفقات على شركات، وعند تفقدنا عملها نجد أنها جنّدت أكثر من 700 عامل للاشتغال في هذه المساحات.

وبذلك، عندما نقوم بتشخيص المرافق التي تُدبَّر من طرف مؤسسات أخرى بدلًا من الجماعة نجد أنه تم إحداث حوالي 1000 منصب شغل جديد، في وقت لا تتوفر الجماعة على موارد بشرية كافية.

لكن أليس من حق الجماعة قانونيًا أن تُحدث هذه المناصب؟

بالفعل، من الناحية القانونية لا مانع، لكننا نواجه إشكالًا على مستوى الميزانية؛ فليس بإمكان جماعة أن تدبّر بشكل مباشر كل المرافق: المرائب، الأسواق، المتاحف، المسابح المغطاة، وغيرها. هذا النموذج لم يعد صالحًا.

نحن ملتزمون بأن تظل هذه الخدمات في متناول المواطنين، وأن نضمن استدامتها عبر تسيير مستجد. وعند مقارنة الكلفة الإجمالية لهذا التسيير المفوّض بميزانية الجماعة نجد أنها لا تتجاوز 6 بالمائة. أي إننا تمكّنا من تحسين نمط التدبير دون إثقال كاهل الجماعة بالنفقات.

بعبارة أخرى، استطعنا تحقيق معادلة صعبة: خدمة عمومية ذات جودة، خلق فرص شغل للشباب، والحفاظ على توازن ميزانية المجلس الجماعي.

هناك من يعتبر هذا “خوصصة مقنعة” دائماً، فهل تشترطون أثناء “التفويت” أن تكون الأسعار في متناول المواطن؟

نعم، لدينا لجان إشراف وتتبّع، وتُبرم تعاقدات واضحة. على سبيل المثال مع “سونارجيس” فرضنا أثمانًا معقولة وفي متناول المواطنين. كل هذا مدروس ومراعى ضمن تصورنا. والخدمات الرديئة ستنكشف للجان التتبع.

من يزور المتحف مثلًا ولم يجد مستوى الخدمة الذي يتطلع إليه يمكنه تقديم شكاية، ونحن بدورنا نقوم بزيارات ميدانية. وكل أنماط التدبير التي جرّبناها في هذا التدبير الجديد، باختلاف أشكالها، أثبتت نجاحها إلى حد الآن.

(مقاطعا) لكن المعارضة لا يمكن أن ترفض هذه الصفقات من فراغ

الفيصل بيننا وبينهم هو جودة الخدمة المقدمة للمواطن. ولا ننسى أن التدبير المباشر كان معتمدًا من قبل، ولم يكن يرضي المواطنين، ولم يُحقق النتائج المرجوة.

لا يمكننا الاستمرار في الطرق القديمة نفسها التي لم تُجد نفعًا. أنماط التدبير تتغير مع الزمن، وجماعة أكادير انخرطت في هذا التوجّه الجديد. حتى في السابق كانت شركات التنمية المحلية تقوم بهذا الدور، وهي جزء من هذا التصور، وقد أثبتت التجربة أنها ناجحة بشهادة الجميع.

معظم المدن المغربية تسير في هذا الاتجاه، ونحن في أكادير جزء من هذا التوجه الوطني.

الأصل أن كل ما تقومون به كمدبّرين من المفترض أن يخدم المواطن، فأي أثر يمكن الحديث عنه؟

الأثر يُلمَس من قِبل الزوار، ويلاحظه السكان الذين باتوا يفتخرون بمدينتهم لأنها تغيّرت. هذا يظهر أيضًا من خلال تطوّر المداخيل بالنسبة للجماعة؛ ففي سنوات عادية صرنا نقترب من 85 مليون درهم، أما هذا العام فسنقوم بعمل أكبر.

كل هذا يدلّ على أننا خلقنا رواجًا اقتصاديًا، وأن المدينة أصبحت أكثر جاذبية. مع العلم أن هذه المداخيل تحقّقت دون الرفع من الضرائب أو من القرارات الجبائية؛ بل حافظنا على النظام الجبائي نفسه الذي كانت تُدبّر به جماعة أكادير سابقًا.

كيف نعتبر أن وجه أكادير تغير وأنت ترى العديد من “الظواهر المشينة” كالمختلين عقليًا، والكلاب الضالة، وأطفال الشوارع؟

أولًا نحن كمجتمع أمازيغي، إسلامي، عربي، لا نقبل أن يبقى أطفال الشوارع في مدينتنا دون رعاية، وقلنا إنه لا بد من إيجاد حل لهذه الظاهرة.

وجدنا أن هناك جمعيات تقوم بعمل كبير، لكنه يظل محدودًا بإمكاناتها المالية. بالنسبة للأشخاص بدون مأوى قرّرنا توقيع اتفاقية مع عدد من الشركاء بقيمة 145 مليون درهم، من أجل إنشاء مركز لإيواء هؤلاء الأشخاص على مساحة سبعة هكتارات.

هذا المركز سيضمن لهم أولًا المأوى، ثم الخدمات الأساسية التي يحتاجونها، مثل التمدرس للأطفال، والتكوين المهني للشباب، وغير ذلك.

لكن عند الشروع في التنفيذ واجهنا تحديًا يتعلق بالعقار، وهذا من بين الإشكالات المطروحة بمدينة أكادير. نعتبر مؤخرًا أننا وجدنا حلًا لتجاوز هذا العائق، وسنشرع في الأشغال قريبًا، لكن يجب التذكير بأن هذه الاتفاقية وُقّعت قبل ثلاث سنوات، ولولا أننا واجهنا مشكلة العقار لكان المركز جاهزًا لاستقبال المعنيين.

وفي الفترة نفسها بدأ الحديث عن مشكلة الكلاب الضالة، التي أثارت انتباه الجميع، ووردتنا شكايات من المواطنين. كما أن بعض المنظمات الدولية تهاجم المغرب بادّعاء أنه يُعالج هذه المشكلة بطرق “غير لائقة”، وهذا غير صحيح.

وقّعنا اتفاقية لإنشاء ملجأ للكلاب الضالة في الفترة نفسها، وقد تم إنجازه، لأنه لم يصطدم بمشكل العقار، رغم أن التحضير الأول يشمل المشروعين معًا. هذا الملجأ يحتوي على عيادة بيطرية تسمح بالتقاط الكلاب، معالجتها، تعقيمها، تلقيحها، وتوفير الطعام لها.

وهذا المرفق مفتوح ويشتغل حاليًا. وقد تم أيضًا تجديد الأسطول المخصّص لجمع الكلاب الضالة، من خلال تحديث العربات الخاصة بذلك. نحن نبذل مجهودًا كبيرًا، علمًا أن عملية التقاط الكلاب وإمساكها ونقلها عملية صعبة، ونحن نعمل حاليًا على تحسينها. ومع ذلك من الواضح أن الظاهرة بدأت تنحسر، وتمّت معالجة جزء كبير منها.

ننتقل إلى مشاريع أخرى جاءت في إطار التحضير لتظاهرات كبرى وستستفيد منها أكادير، كتأهيل ملعب أكادير الكبير الذي دخلت أشغاله مرحلتها الأخيرة، ليكون جاهزًا لاحتضان مباريات كأس أمم إفريقيا المرتقبة بعد أسابيع. هل من جديد في الموضوع، خصوصًا أن “الكان” على الأبواب؟

يتعلق الأمر بأشغال في محيط الملعب. ملعب أدرار مثلًا عرف إصلاحات شملت الفضاء الداخلي استعدادًا لكأس إفريقيا للأمم (المغرب 2025)، على أن يُغلق لاحقًا، وتنطلق بعده الأشغال الكبرى لإعادة التهيئة. هذه الأشغال ترتبط بكأس العالم، وستُحدث تغييرًا كبيرًا في المظهر العام، على غرار ما حدث لملعب مولاي عبد الله بالرباط؛ ستتم إزالة الحلبة وتوسيع طاقته الاستيعابية، مع تغطيته بالكامل.

النقطة السوداء في مشروع تهيئة الملعب هي محيطه الخارجي. نحن نتحدث عن مساحة تقارب 250 هكتارًا، وهو ما يطرح تحديًا بشأن الكيفية التي سيتم عبرها التعامل مع هذه المساحة. هذا الفضاء سيتم تحويله إلى غابة حضرية ومساحة متعددة الوظائف، ستضم ملعبًا للقرب ومجموعة من المرافق الرياضية والاجتماعية، بالإضافة إلى قاعة مغطاة والمسبح الأولمبي. الهدف هو إنشاء مركب رياضي متكامل، سيتم ضمنه أيضًا تشييد مركز التكوين التابع لفريق حسنية أكادير، وهو مشروع مهم للغاية.

وفي المرحلة الأولى، أي مرحلة “الكان”، تنصب الأشغال على تشجير المساحة الكبيرة، بغرس أكثر من 30 ألف شجرة، وهو ما يجري العمل عليه حاليًا. كما ستُنجز ملاعب للقرب لفائدة الأحياء المجاورة للاستفادة منها، ما سيوفر فضاءات خضراء ورياضية للسكان.

أيضًا ستُعاد تهيئة مداخل الملعب بطرق حديثة، مع توفير الإنارة وتجهيز الممرات، وإنشاء موقف جديد للسيارات. هذه الأشغال الكبرى المحيطة بالملعب التي ستتم قبل مباريات الموعد القاري.

هل من ضمانات واضحة بأن البنية التحتية الرياضية كلها ستكون جاهزة في المواعيد المناسبة؟

الأشغال مستمرة ليلًا ونهاراً، وهي ليست أشغالًا بسيطة، فنحن نتحدث عن مساحة ضخمة تُقدّر بـ250 هكتاراً. نحن واثقون من احترام الآجال.

الهدف في النهاية هو أن يكون الفضاء أفضل مما كان عليه سابقًا. حين نخلق فضاءً أخضر، فالأشجار، كما هو معلوم، تحتاج إلى وقت لتنمو، لكن الصورة التي نطمح إليها ستُظهر جمالية المشروع في السنوات المقبلة.

من بين الأهداف المعلنة لتنظيم تظاهرات كبرى بالمغرب أن بعض المدن ستستفيد من المشاريع المرتبطة به، كيف طُرح هذا الأمر على مستوى جماعة أكادير مثلًا؟

المدن ستستفيد، والمغرب بأكمله سينتفع من هذا المشروع. ولنأخذ مدينة أكادير كمثال واضح على ذلك. فالمشاريع المبرمجة فيها، مثل مشروع المطار، لا تقتصر على المجال الحضري فقط، بل تمتد إلى جماعات بعيدة عن المدينة. الطريق القادم من المطار، سواء المدارية أو الرئيسية، يمر عبر جماعات تقع على بُعد عشرات الكيلومترات من أكادير. الأمر ذاته ينطبق على أسطول الحافلات الذي يتم تجديده، إذ يصل إلى نقاط بعيدة عن المركز الحضري، وهو ما يعكس استفادة شاملة لمختلف مناطق الجهة.

وحين يصل القطار فائق السرعة مستقبلًا فإن الأثر الإيجابي لن يقتصر على المدينة وحدها، بل ستشعر به المنطقة بأسرها. هذه المشاريع الكبرى تُنجز لفائدة المواطن أولًا وأخيرًا، لأن كأس العالم، رغم أهميته، لا تتجاوز مدته شهرًا واحدًا في أقصى الحالات.

الرؤية الملكية واضحة في هذا الإطار، وتتمثل في تقليص الفوارق المجالية، وتجاوز منطق “مغرب يسير بسرعتين”. هذا المنطق، في جوهره، يعني وجود سرعة تنموية عالية تشمل مشاريع كبرى كقطار البُراق، والبنية التحتية المتطورة، والمدن الكبرى التي تخضع لتهيئة شاملة، في مقابل مناطق أخرى مازالت بحاجة إلى تسريع وتيرة التنمية، خاصة في العالم القروي والأحياء الهامشية.

ومن هنا تأتي أهمية هذه التظاهرات الدولية، فهي تمنحُ إمكانية توظيفها كرافعة لتحقيق التوازن المجالي والاجتماعي.

" frameborder="0">

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق