اصطفاف طويل أمام متاجر الذهب في سيدني

شهدت أسواق الذهب إقبالاً كبيرًا من المستثمرين، حيث اصطف عدد كبير من الأشخاص خارج محلات بيع الذهب في مدينة سيدني الإسبانية لشراء المعدن النفيس، في مؤشر على الاهتمام المتزايد بالذهب كملاذ آمن وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي المتصاعدة، وفقًا لموقع Australian Financial Review.

اصطفاف طويل أمام متاجر الذهب في سيدني

ارتفع سعر الذهب إلى أكثر من 4100 دولار أمريكي للأوقية يوم الأربعاء 15 أكتوبر الجاري، مسجلاً ارتفاعًا استثنائيًا لم يشهده العام الحالي، حيث تجاوزت مكاسبه الإجمالية 50% منذ بداية 2025، وكان هذا الارتفاع أسرع بكثير مما توقعه المحللون، ليصل إجمالي المكاسب منذ بداية 2024 إلى ما يقرب من 100%.

وقال فيفيك دار، رئيس قسم السلع في بنك الكومنولث الأسترالي: "الارتفاع في أسعار المعادن الثمينة منذ بداية هذا العام لم يكن أقل من مذهل"، مشيرًا إلى أن الطلب العالمي يعكس الثقة المتجددة في الذهب كأصل آمن.

وكانت ناتاشا كوزنتينو، 49 عامًا، قد وصلت يوم الاثنين إلى متجر ABC Bullion في منطقة مارتن بليس، بعد انتظار دام أكثر من ساعة لشراء الفضة، التي سجلت أسعارها مستويات قياسية إلى جانب الذهب، قائلة: "اشترينا كيلوجرامًا من الفضة لجوليان كاستثمار، وأعتقد أن سعره ارتفع بنحو 200 دولار منذ ذلك الحين".

اصطفاف طويل أمام متاجر الذهب في سيدني

أسعار الذهب والفضة

سجل كل من الذهب والفضة مستويات قياسية، حيث تجاوز الذهب 4150 دولارًا للأوقية، في حين تخطت الفضة 52.50 دولارًا للأوقية للمرة الأولى، كما تستفيد عملة البيتكوين من تدفقات المستثمرين الباحثين عن تحوط ضد التضخم والاضطرابات الجيوسياسية.

وأشار كبار المستثمرين مثل راي داليو وكين جريفين إلى أن الذهب قد يكون أكثر أمانًا من الدولار الأمريكي، بينما صرح جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان تشيس: "هذه واحدة من المرات القليلة في حياتي التي يكون فيها من المنطقي الاحتفاظ ببعض الذهب في محفظتي الاستثمارية"، مضيفًا أنه من الممكن أن يصل سعر الذهب إلى 5000 أو 10000 دولار في بيئات معينة.

ويشهد يوميًا عشرات الأستراليين اصطفافًا أمام متاجر مثل ABC Bullion وThe Perth Mint لشراء الذهب والفضة، ويقدر المدير العام لشركة ABC Bullion، جوردان إليسيو، أن نحو ألف شخص يزورون متاجر الشركة في سيدني وملبورن وبريسبان وبيرث يوميًا.

هل هذه فقاعة في أسعار الذهب؟

يؤكد الخبراء أن بعض الاتجاهات العالمية، بما في ذلك حالة عدم اليقين الجيوسياسي، قد تدعم أسعار الذهب في الارتفاع، فيما رفع بنك UBS توقعاته لسعر الذهب على المدى الطويل إلى 3250 دولارًا للأوقية.

وقال كريس بريكي، مؤسس منصة Stockspot: "زيادة تخصيص الذهب في المحافظ الاستثمارية جاء نتيجة تشابه أداء الأسهم والسندات، ما يفقد مزيج الاستثمار التقليدي أهميته كأداة تحوط".

ومنذ عام 2021، ارتفع سعر الذهب بنسبة 144%، منها 52% خلال العام الماضي.

ويشير بريكي إلى أن المستثمرين الأفراد غالبًا ما يتأخرون عن موعد الاستثمار ويبيعون في الوقت الخطأ، مما يفسر الطوابير الطويلة أمام متاجر الذهب بعد ارتفاع الأسعار بنسبة 60%.

أما بالنسبة للمستثمرين الجدد، فقد نصح المستشار المالي جيمس جيرارد بالانتظار حتى تهدأ الأسعار قبل الشراء، مؤكدًا أن الذهب لا يدر أرباحًا مثل الودائع أو السندات، وأن الأسعار قد تشهد تراجعًا مؤقتًا.

اصطفاف طويل أمام متاجر الذهب في سيدني

صناديق الاستثمار المتداولة والذهب

يشير الخبراء إلى أن الطلب المتزايد على الذهب لا يقتصر على السبائك، بل يشمل صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)، التي تسمح بتداول الذهب مثل أي أصل مالي آخر. واستقطبت صناديق الاستثمار المتداولة المدرجة في بورصة أستراليا 307 ملايين دولار في الشهر الماضي، ليصل إجمالي تدفقات المستثمرين منذ بداية العام إلى 1.47 مليار دولار، ووصلت الأصول المدارة في منتجات السبائك الذهبية إلى أكثر من 6 مليارات دولار.

أسباب ارتفاع أسعار الذهب

تمثل عدة عوامل سببًا للارتفاع القياسي، منها التحديات الاقتصادية العالمية، وارتفاع الدين الحكومي الأمريكي، ومخاوف استقلال البنك المركزي، إذ يُنظر إلى الذهب كتحوط ضد التضخم، ومع ذلك، فإن العامل الأبرز هو الطلب المتزايد من صناديق الاستثمار المتداولة وسهولة الوصول للذهب، بالإضافة إلى تحولات اقتصادات الأسواق الناشئة مثل الصين وروسيا التي تزيد من مشترياتها لتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي.

توقعات استمرار الارتفاع

يُتوقع أن يواصل الذهب ارتفاعه نتيجة الطلب المستمر من روسيا والصين وصناديق الاستثمار، إلى جانب الطلب التقليدي على المجوهرات والإلكترونيات.

وأعلن مجلس الذهب العالمي أن تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب سجلت أرقامًا قياسية، حيث تجاوزت 26 مليار دولار في الربع المنتهي سبتمبر، وبلغت 64 مليار دولار منذ بداية العام.

وأكد محللو جولدمان ساكس أن الذهب قد يرتفع أكثر، وقد رفعوا توقعاتهم لسعره إلى 4900 دولار للأوقية بحلول نهاية 2026.

اصطفاف طويل أمام متاجر الذهب في سيدني

أهمية الذهب لأستراليا

يمثل ارتفاع الذهب فرصة كبيرة لأستراليا باعتبارها ثالث أكبر منتج عالمي، وتمتلك نحو 19% من الودائع المعروفة، ومن المتوقع أن تتجاوز قيمة صادرات الذهب الأسترالية العام المقبل صادرات الغاز الطبيعي المسال، ليصبح الذهب ثاني أهم صادرات البلاد بعد خام الحديد، ما يعكس أهميته الاقتصادية والاستراتيجية.