اقتصاد إسرائيل بعد توقف الحرب.. فاتورة باهظة تُثقل كاهل تل أبيب - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
وكالات

في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى جولة طويلة من التصعيد بين إسرائيل وحركة حماس، بدأت ملامح مرحلة جديدة تتشكل في المنطقة.

هذا التحول لا يقتصر على الصعيدين السياسي والأمني فحسب، بل يمتد بعمق ليطال العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي.

بينما تتجه الأنظار إلى جهود التهدئة وإعادة الإعمار، تُكشف المؤشرات المالية عن فاتورة باهظة دفعتها إسرائيل جراء الحرب. هذه الفاتورة تضمنت تراجعاً حاداً في الاستثمارات وتضرراً مباشراً للقطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا، والسياحة، والتجارة الخارجية.

مما يثير تساؤلات جدية حول قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على التعافي بعد أن مر بواحدة من أطول وأعنف الأزمات في تاريخه الحديث.

أعباء مالية ضخمة.. التكلفة تتجاوز 89 مليار دولار

وفقاً لبيانات رسمية، تجاوزت الأعباء المالية للحرب مئات المليارات من الشواكل، في ظل تراجع مؤشرات النمو والاستثمار، وارتفاع قياسي في النفقات الدفاعية التي ضغطت بشدة على الموازنة العامة، وسوق العمل، والسياسات النقدية لبنك إسرائيل.

وبحسب تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية، بلغت تكلفة الحرب حتى الآن نحو 300 مليار شيكل (89.4 مليار دولار).

ووصل الإنفاق العسكري في عام 2024 إلى 168 مليار شيكل (51.3 مليار دولار)، أي أكثر من ضعف مستواه في عام 2022، وفقاً لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

هذه الأعباء الضخمة انعكست مباشرة على البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية الحيوية، مما دفع بنك إسرائيل إلى خفض توقعاته للنمو من 3.3% إلى 2.5% فقط.

تضرر العمود الفقري.. التكنولوجيا والسياحة والطاقة

قطاع التكنولوجيا والابتكار: تلقى هذا القطاع، الذي يُعد العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي، الضربة الأقوى.

حيث سجل تراجعاً في الاستثمارات الأجنبية وتقلصاً في التمويل الدولي، إلى جانب نقص الكفاءات البشرية نتيجة استدعاء قوات الاحتياط.

وأدت هذه التطورات إلى إضعاف الإنتاجية وتعطيل مشروعات كبرى، فضلاً عن تراجع صادرات التكنولوجيا.

قطاع الطاقة والغاز: لم يسلم قطاع الطاقة والغاز الطبيعي من تداعيات الحرب، إذ توقف الإنتاج في بعض الحقول البحرية وتراجعت الثقة في مشاريع الغاز الإقليمية، مما كبّد تل أبيب خسائر بمليارات الدولارات.

قطاع السياحة: تكبّد خسائر تُقدّر بنحو 12 مليار شيكل (3.4 مليار دولار) نتيجة عزوف الزوار وإلغاء الفعاليات، وهو ما انعكس سلباً على فرص العمل والإيرادات العامة.

إضافة إلى ذلك، انعكس الارتباك الأمني والسياسي على حركة التجارة والاستثمار الخارجي، حيث أُلغيت مؤتمرات وصفقات بمليارات الدولارات، وتكبدت الصناعات العسكرية خسائر بعد فسخ عقود تسليح مع دول أوروبية وآسيوية.

الاقتصاد يعمل بـ"وتيرة أبطأ"

يقول الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الدولي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، إن الاقتصاد الإسرائيلي رغم الضغوط الهائلة "لم ينهَر"، لكنه يعمل بوتيرة أبطأ بكثير مما قبل الحرب.

وأضاف الإدريسي أن "الاقتصاد الإسرائيلي يقوم على قاعدة إنتاجية متنوعة تشمل التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الدفاعية والخدمات المالية، وهي قطاعات مرنة قادرة على التعافي بسرعة نسبية بعد الأزمات".

ويؤكد أن الدعم الخارجي لعب دوراً حاسماً في الحفاظ على التوازن، موضحاً أن "المساعدات الأمريكية والأوروبية منحت إسرائيل غطاءً اقتصادياً واستراتيجياً يمنع الانهيار الكامل".

كما أشار إلى أن "المؤسسات الاقتصادية في إسرائيل تتعامل بانضباط وواقعية؛ فالبنك المركزي والحكومة تدخلا بسياسات نقدية ومالية سريعة لدعم القطاعات المتضررة، وتحفيز الاستثمار، وضبط معدلات التضخم".

نمو "اسمي" وشبكة الأمان الأمريكية

من جانبه، يرى الدكتور عز الدين حسنين، الخبير الاقتصادي المصري، أن "الاقتصاد الإسرائيلي يعيش حالة اقتصاد حرب مزمنة"، لكنه لم يمنع نمو الناتج المحلي الاسمي.

فبينما بلغ الناتج المحلي الإجمالي 515 مليار دولار في عام 2023، ارتفع في 2024 إلى 540 مليار دولار، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل إلى 585 مليار دولار بنهاية 2025.

ويشرح حسنين أن هذا النمو "اسمي وليس حقيقياً"، موضحاً أن ارتفاع الأسعار والتضخم الناتج عن الإنفاق العسكري الضخم هو السبب في هذا الارتفاع. ويضيف أن الدعم المالي والعسكري الأمريكي، البالغ 3.8 مليار دولار سنوياً، إلى جانب شراء الأسواق العالمية للسندات الإسرائيلية، يشكّل شبكة أمان تحافظ على استقرار الشيكل وتدعم الاحتياطات الأجنبية.

كما تكبّدت إسرائيل خسائر بشرية كبيرة، إذ تجاوز عدد القتلى في صفوف القوات المسلحة والأمنية ألف جندي وضابط، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 29935 شخصاً، بينهم نحو 20 ألف عسكري، وفق تقرير رسمي. 

إخلاء مسؤولية إن الموقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق