في ظل التحولات الاقتصادية السريعة التي تشهدها المنطقة، أصبحت مصر وجهة استثمارية رئيسية لأثرياء الخليج، الذين يخططون لضخ نحو 1.1 مليار دولار في سوق العقارات المصرية خلال عام 2025.

وهذا الاستثمار، الذي يأتي بشكل أساسي من الإمارات والسعودية، يعكس ثقة متزايدة في الاستقرار الاقتصادي المصري وفرص النمو في قطاع العقارات، الذي يعد ثالث أكبر سوق إنشائي في المنطقة بعد السعودية والإمارات.

ووفقاً لتقرير "الوجهة مصر 2025" الصادر عن شركة نايت فرانك الاستشارية، فإن هذا التدفق يأتي في سياق جذب رؤوس أموال خاصة عالمية تصل إلى 1.4 مليار دولار، مع تركيز خاص على الاستثمارات السكنية كمساكن ثانية أو للعطلات.

ويأتي هذا الزخم وسط جهود حكومية مصرية لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث حققت مصر تدفقات استثمارية بلغت 46.6 مليار دولار في العام المالي 2024-2025، مع هدف الوصول إلى 12-15 مليار دولار إضافية بنهاية 2025.

والاستثمارات الخليجية، التي تجاوزت 115 مليار دولار منذ 2021، تشمل صفقات عملاقة مثل مشروع رأس الحكمة بـ35 مليار دولار مع صندوق أبوظبي للتنمية (ADQ)، واتفاقيات قطرية بقيمة 4 مليارات دولار في علم الروم، وهذه التطورات لا تقتصر على التمويل، بل تعزز من جاذبية السوق العقاري كوسيلة للحفاظ على القيمة النقدية في ظل تقلبات العملات.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض كيف أصبحت مصر من الوجهات الأكثر طلبًا للخليجين حول العالم.

الإمارات والسعودية في الصدارة

ويتصدر أثرياء الإمارات قائمة المستثمرين، حيث يخصصون 709 ملايين دولار لشراء عقارات في مصر، بمتوسط ميزانية فردية تصل إلى 1.6 مليون دولار، ويليهما السعوديون بـ403 ملايين دولار، مع اهتمام متزايد من الألمان (263 مليون دولار).

واستطلاع نايت فرانك، الذي شمل 264 مليارديراً من دول الخليج وأوروبا وأمريكا بثروة متوسطة 9.7 ملايين دولار للفرد، أظهر أن 51% من المستثمرين يستهدفون المساكن الثانية أو العطلات، بينما 45% يفضلون المنازل الماركة.

وهذا التوجه يعكس رغبة في التنويع الاستثماري، حيث يرى 94% من مستثمري الخليج مصر كوجهة آمنة للاستثمار، مع توقعات بنمو السوق السكني إلى 30 مليار دولار بحلول 2028.

ومن الملاحظ أن 23.7% من المستثمرين يخططون لإنفاق أقل من مليون دولار، بينما 18.6% يستهدفون صفقات كبيرة تتراوح بين 30-50 مليون دولار، خاصة في المشاريع الفاخرة، وهذا التنوع في الميزانيات يعزز من ديناميكية السوق، حيث ارتفعت مبيعات الشركات العقارية الكبرى مثل مجموعة طلعت مصطفى إلى 454 مليار جنيه في الأشهر التسعة الأولى من 2025، بنمو 434%.

كما تسعى مصر لتصدير عقارات بقيمة 1.5 مليار دولار هذا العام، مما يفتح أبواباً للمزيد من الشراكات الخليجية.

الساحل الشمالي يتصدر الوجهات الأكثر طلبًا

ومع تركيز الاستثمارات على الوجهات الساحلية والحضرية، يبرز الساحل الشمالي كالوجهة الأولى لمستثمري الخليج، حيث يفضل 99% منهم المشاريع العملاقة هناك.

ومشروع رأس الحكمة، الذي يغطي 170 مليون متر مربع، يعد نموذجاً للجاذبية، مع توقعات بارتفاع أسعار العقارات بنسبة 11.5% في 2025، ويليه العاصمة الإدارية الجديدة، التي تجذب الاستثمارات التجارية والسكنية بفضل بنيتها التحتية المتطورة، حيث من المتوقع إضافة 30,830 وحدة سكنية جديدة هذا العام، بنمو 29%.

وفي شرق القاهرة، خاصة الخامس الجديدة ومدينة المستقبل، تشهد أسعار الشقق ارتفاعاً بنسبة 10%، مدعومة بمشاريع مثل iCity وPalm Hills، التي توفر خيارات فاخرة للعائلات والمستثمرين.

أما على البحر الأحمر، فيكتسب العين السخنة وهورغادا شعبية متزايدة بفضل المنتجعات الفاخرة، حيث يتوقع نمو سوق الإيجارات السياحية إلى 1.25 مليار دولار في 2025.

والمدينة العالمية الجديدة (العلمين الجديدة) تبرز كوجهة سياحية طوال العام، مع مشاريع تطويرية بمليار دولار.
ووفقاً للبيانات الاستثمارية الأحدث، يحتل الساحل الشمالي المرتبة الأولى بنسبة طلب تصل إلى 60% من إجمالي الاستثمارات الخليجية، مدعوماً بعوائد سنوية متوقعة تتراوح بين 8% و12%، خاصة في مشاريع مثل رأس الحكمة ومراسي، التي تجمع بين الرفاهية والإطلالات الساحلية الخلابة.

أما العاصمة الإدارية الجديدة، فتأتي في المرتبة الثانية بنسبة 25%، حيث يتجاوز العائد المتوقع 10% إلى 15%، مع التركيز على المناطق السكنية الجديدة التي توفر بنية تحتية حديثة وفرص عمل قريبة.

وفي الوقت نفسه، يمثل شرق القاهرة 10% من الطلب، مع عوائد تتراوح بين 9% و11%، حيث تبرز الخامس الجديدة وiCity كخيارات مثالية للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار الحضري والقرب من مراكز الأعمال.

أما المناطق الساحلية الجنوبية مثل العين السخنة وهورغادا على البحر الأحمر، فتشكل 4% من الاهتمام، مع عوائد أقل نسبياً بين 7% و10%، لكنها تعوض ذلك بجاذبيتها السياحية ومشاريع المنتجعات الفاخرة التي تضمن إشغالاً عالياً طوال العام.

وأخيراً، تأتي العلمين الجديدة بنسبة 1%، لكنها تعد الجوهرة الناشئة بعوائد 8% إلى 12%، مدعومة بتطوير المدينة السياحية كمركز عالمي للترفيه والاستثمار.

التأثيرات الاقتصادية

ويساهم هذا الاستثمار في نمو الناتج المحلي الإجمالي، حيث يشكل قطاع العقارات 7% منه، مع توقعات بارتفاع الأسعار بنسبة 15-20% في 2025.

كما يدعم التوظيف، مع عقود إنشائية بقيمة 120 مليار دولار حالياً و565 مليار دولار مخططة، ومع ذلك، تواجه السوق تحديات مثل الفقاعة العقارية المحتملة، والتي نفتها غرفة التطوير العقاري، مشيرة إلى توازن السوق.

ومع استمرار التدفقات الخليجية، تعد مصر سوقاً ديناميكية للعقارات في 2025، حيث يجمع بين العوائد المرتفعة والاستقرار، وينصح المستثمرون بالتركيز على الوجهات الساحلية والحضرية، مع الاستفادة من الإصلاحات الحكومية مثل تسهيل الملكية الأجنبية.