خلافا لمشاهد التوتر التي عاشتها مناطق متفرقة من المملكة خلال الأيام الأخيرة، مرّت الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها حركة “جيل زيد 212” بمدينة تطوان في أجواء سلمية هادئة.
احتشد المئات من الشباب، مساء الأربعاء، بشارع محمد الخامس بالحمامة البيضاء، حيث امتدت الوقفة لساعات طويلة دون أي توتر أو تدخل مباشر من السلطات، في خطوة وُصفت بـ”المثالية”، بينما غابت السلمية عن عمالة المضيق الفنيدق، وطغى التخريب والفوضى بمدينة مرتيل التي شهدت اندلاع أعمال شغب على مستوى حي احريق، بعدما أقدم عدد من القاصرين على رشق الممتلكات بالحجارة وإضرام النار في حاويات للأزبال، في سلوك عنيف أربك الساكنة وأثار استياء واسعا.
ووفق مصادر محلية، فإن هذه الأحداث جاءت نتيجة دعوات غير مسؤولة أطلقها مجهولون، استغلها بعض المنحرفين لتأجيج الأوضاع وتخريب ممتلكات عمومية.
كما عاشت مدينة الفنيدق ليلة مماثلة من الفوضى، بعد أن تعرض كورنيش المدينة لأعمال تخريب طالت مرافق عمومية وحافلة لنقل مستخدمي الميناء المتوسطي، من طرف مجموعات من القاصرين المحرضين من قبل مراهقين أكبر سنا، وفق ما وثقته منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشملت أعمال الشغب أيضا إضرام النار في حاويات النفايات ورشق الممتلكات العامة بالحجارة، وهو ما تسبب في حالة من الهلع وسط الساكنة وإثارة الفوضى في الشارع العام في مشهد غير مألوف.
في هذا الصدد، قال رشيد بلزعر، أستاذ محاضر في مجال التواصل، في تصريح لهسبريس، إن ما ظهر من مظاهر الفوضى والتخريب لا يمكن اعتبارها وسيلة للتعبير عن المطالب الاجتماعية العادلة التي نتفق جميعا على مشروعيتها، مؤكدا أن العنف يبقى سلوكا مرفوضا ومدانا من قِبل كل الأطراف.
وأوضح المتحدث أن مدينة تطوان عرفت تعبيرا سلميا وحضاريا عن هذه المطالب، وذلك بفضل ضبط النفس الذي تحلت به السلطات الأمنية، مقابل وعي ومسؤولية الشباب المشاركين.
واستحضر المصدر ذاته ما شهدته مدينتا مرتيل والفنيدق من خروج بعض القاصرين والمراهقين عن الإطار السلمي للاحتجاجات، الذين تسببوا في أضرار للملك العام، واصفا هذه الوقائع بغير المبررة وغير المقبولة.
وناشد الأستاذ بلزعر الآباء والأمهات تحمل مسؤولياتهم في مراقبة أبنائهم، وعدم تركهم عرضة لانزلاقات قد تكلفهم السجن لسنوات، مشددا على أن الشباب المحتجين سلميا يحتاجون إلى من ينصت إليهم ويفتح أمامهم قنوات للحوار وتبادل الأفكار خدمة لمصلحة الوطن.
واختتم الخبير في التواصل تصريحه بدعوة الجميع إلى الحفاظ على الأمن والسلم العام، حتى لا يصبح مطلب الأمن نفسه ضمن قائمة المطالب التي خرج من أجلها الشباب.
من جهتها، قالت جمعية الرحمة بمرتيل إنها تابعت ببالغ القلق والانشغال ما وقع ليلة أمس في حي أحريق من أعمال تخريبية وشغب قام بها بعض المراهقين، أسفرت عن إحداث حالة من الفوضى والهلع وسط الساكنة، وتضرر بعض الممتلكات العامة.
وأدانت الجمعية المذكورة، في بلاغ لها، هذه التصرفات غير المسؤولة، مؤكدة رفضها القاطع لكل مظاهر التخريب والعنف، أيّا كان مصدرها أو دوافعها، داعية السلطات المحلية والأمنية إلى التدخل الحازم من أجل حماية الأمن العام وطمأنة الساكنة، مع الحرص على التعامل التربوي مع المراهقين المتورطين، في إطار القانون وحقوق الطفل.
وحمّل الإطار الجمعوي ذاته المسؤولية للأسر والمؤسسات التعليمية والمجتمع المدني في تربية النشء على قيم المواطنة والحوار واحترام الممتلكات العامة، معبرا عن استعداده للمساهمة الفعلية في حملات تحسيسية وتربوية لفائدة الشباب والمراهقين في المنطقة، من خلال برامج وأنشطة توعوية هادفة.
واختتمت الجمعية بلاغها بدعوة كافة الفاعلين المحليين إلى رصّ الصفوف والتعاون من أجل التصدي لمثل هذه الظواهر السلبية، والعمل بشكل جماعي لحماية حي أحريق وسائر أحياء مرتيل من الانزلاقات السلوكية التي تهدد التماسك المجتمعي.
0 تعليق