المعاهد التقانية في سوريَة.. رافد مهم لسوق العمل - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في إجراء دوري يحدث سنويًا، أعلنت وزارة التربية والتعليم في سوريَة عن فتح باب التسجيل في المعاهد التقانية للعام الدراسي 2025-2026، بيد أن هذه الخطوة لا تمثل مجرد إجراء روتيني، بل هي محطة حاسمة في مسار آلاف الطلاب الحاصلين على شهادة الثانوية المهنية، حيث سوف تحدد المفاضلة التي تلي التسجيل اتجاهاتهم المهنية والمجالات التقنية التي سيشكلون مستقبلهم من خلالها.

وحسب البيان الرسمي الصادر عن الوزارة، سوف يستمر فتح باب التسجيل للقبول في المعاهد التقانية والتجارية والنسوية (الاقتصاد المنزلي) حتى 30 من أكتوبر الجاري (تشرين الأول)، ليكون القبول مخصص حصريًا لحملة شهادة الثانوية المهنية السورية (صناعية، وتجارية، ونسوية) من دورة عام 2025، دون اشتراط عمر محدد.

ولضمان شفافية وعدالة عملية القبول، أوضحت الوزارة أنه سيتم احتساب المجموع العام للطالب بعد استبعاد علامة مادة التربية الدينية، كما أنه يمكن للطلاب التقدم شخصيًا، أو عبر وكيل قانوني، أو حتى أحد الأقارب بشرط وجود تفويض خطي، مما يسهل العملية على الجميع.

والوثائق المطلوبة تشمل:

  • طلب انتساب رسمي مع الطوابع المقررة.
  • وثيقة النجاح الأصلية في شهادة الثانوية المهنية.
  • صور شخصية حديثة.
  • قيد مدني أو هوية شخصية.
  • إيصال تسديد رسوم التسجيل.

ومن المقرر أن تعلن نتائج المفاضلة في الثاني من نوفمبر القادم (تشرين الثاني)، عبر لوحات الإعلانات في مديريات التربية والتعليم والمعاهد المعنية.

ما المقصود بالمفاضلة؟

تشكل المفاضلة قلب عملية القبول الاختصاصات الجامعية والمهنية بعد الحصول على الشهادة الثانوية بكافة فروعها، وهي آلية تنافسية عادلة يتم من خلالها توزيع الطلاب على الاختصاصات والكليات أو المعاهد المتاحة.

وتعتمد المفاضلة بشكل أساسي على مجموع درجات الطالب في الشهادة الثانوية (بعد احتساب المواد المعتمدة) و رغباته التي يدونها أثناء التسجيل.

وتعمل آلية المفاضلة على تحقيق توازن دقيق بين ثلاثة عوامل:
1. مستوى الطالب الأكاديمي (المجموع).
2. رغباته الشخصية وميوله نحو تخصص معين.
3. الطاقة الاستيعابية لكل اختصاص، والتي تحددها إمكانات المعاهد من حيث البنية التحتية والكوادر التدريسية.

وبهذا، تضمن المفاضلة حصول الطلاب الأعلى مجموعًا على الفرصة الأولى في الالتحاق بالاختصاصات التي يفضلونها، مما يحقق مبدأي الاستحقاق والعدالة في توزيع الفرص التعليمية.

المعاهد التقانية وتخصصاتها:

تمثل المعاهد التقانية الركيزة الأساسية للتعليم التقاني (التقني) في سوريَة، وتهدف إلى إعداد كفاءات مهنية متوسطة مؤهلة للانخراط مباشرة في سوق العمل، لا سيما في المجالات التقنية والهندسية التطبيقية.

وفي العاصمة دمشق، حددت الوزارة مجموعة من المعاهد التقانية التي تستقبل المتقدمين، مع تركيز واضح على التخصصات التكنولوجية الحديثة:

  • المعهد التقاني الصناعي الأول: يتخصص في مجالات التقنيات الكهربائية، والإلكترونيات، والتحكم الآلي ، وهي مجالات حيوية في عصر الأتمتة والصناعة.
  • المعهد التقاني الصناعي الثاني: يقدم تخصصات مثل التصنيع الميكانيكي، وميكانيك المركبات، والتصميم الداخلي ، ملبيًا حاجة السوق للمهندسين الفنيين في القطاعات الإنتاجية.
  • المعهد التقاني الصناعي الثالث: يعد من أكثر المعاهد تنوعًا من الناحية التكنولوجية، حيث يضم اختصاصات التبريد والتكييف، صيانة التجهيزات الطبية، وهندسة الحواسيب .

تخصصات الحوسبة.. نقطة جذب رئيسية:

أشار بيان الوزارة بشكل خاص إلى طلاب مهنة “تقنيات الحاسوب”، حيث خصص لهم آلية واضحة للتسجيل في المعاهد التي تضم اختصاص هندسة الحواسيب أو غيرها من الاختصاصات الحاسوبية الأخرى، وسوف يتم توزيعهم لاحقًا وفقًا لرغباتهم وتسلسل درجاتهم، مما يضمن ملاءمة تخصصاتهم لميولهم وقدراتهم.

وفي هذا الصدد، يرى تربويون وخبراء تقنية أن هذه المفاضلة تتجاوز كونها مجرد إجراء إداري لتصبح خطوة مصيرية تحدد المسار المهني والتقني للطلاب.

 علقت على الأمر المعلمة رشا محمد، قائلة: “في عصر الثورة الصناعية الرابعة، لم يعد التعليم التقاني ترفًا، بل هو ضرورة إستراتيجية، فالمفاضلة اليوم هي الآلية التي تضخ بها البلاد دماءً جديدة في شرايين قطاعاتها التقانية الحيوية”.

وتابعت في حديثها إلى موقع “البوابة التقنية”: “عندما يحصل الطالب المتفوق في الثانوية الصناعية على مقعد في هندسة الحواسيب أو التحكم الآلي ، فإننا لا نضمن مستقبله الشخصي فقط، بل نضمن أيضًا تطوير البنية التحتية التكنولوجية للبلاد. هذه العملية هي خط دفاعنا الأول لبناء جيل من المبرمجين، فنيي الشبكات، وخبراء الأمن السيبراني المحليين”.

ومن جانبه، عدّ الخبير التقني طلال هاشم في حديثه إلى موقع “البوابة التقنية” أن “فعالية المفاضلة لا تقاس فقط بعدالتها، بل بقدرتها على تحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجات السوق، والتحدي الحقيقي هو تطوير مناهج المعاهد التقانية باستمرار لمواكبة التسارع التقني العالمي”.

وأردف هاشم: “يجب أن تكون هذه المعاهد حاضنات للابتكار، وليس فقط ملاذًا للمعرفة التقليدية. نظام التعليم المزدوج المطبق في بعض الاختصاصات، مثل التحكم الآلي، هو نموذج رائد يجب تعميمه، لأنه يربط الطالب بالبيئة العملية الحقيقية منذ اليوم الأول، مما ينتج خريجًا جاهزًا للاندماج الفوري في القطاع الصناعي والتجاري”.

نظام التعليم المزدوج: 

في إطار سعيها لربط التعليم بسوق العمل، أكدت الوزارة على استمرار العمل بنظام التعليم المزدوج في المعهد التقاني الصناعي الثالث بدمشق، وذلك في اختصاصي التحكم الآلي وصناعة القوالب المعدنية ، ويعتمد هذا النظام على شراكة فعالة بين المعهد والشركات المساهمة، حيث يقسم الطالب وقته بين الدراسة النظرية في المعهد والتطبيق العملي في بيئة العمل الحقيقية. ومن المقرر أن تبدأ الدراسة الفعلية لهذا النظام في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) 2025.

وحسب خبراء، تمثل عملية التسجيل و المفاضلة في المعاهد التقانية استثمارًا وطنيًا في أهم رأس مال: العقل البشري، وذلك من خلال توجيه الطاقات الشبابية نحو التخصصات التقنية والمهنية التي تحتاجها خطط التنمية.

ولا تقوم الوزارة بملء مقاعد دراسية فحسب، بل تبني قاعدة عريضة من الكفاءات التي ستتحمل مسؤولية دفع عجلة التقدم التكنولوجي والصناعي في سوريَة في السنوات القادمة.

ويرى الخبير التقني هاشم أن نجاح هذه العملية يعني تخريج أفواج من التقنيين القادرين على قيادة دفة الاقتصاد الوطني نحو آفاق جديدة تقوم على المعرفة والإبداع التقني.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

أخبار ذات صلة

0 تعليق