التقط حقوقيون مغاربة ما عبّر عنه المغرب رسميا بخصوص “الالتزام الثابت بالحفاظ على كرامة الإنسان وحماية الحياة البشرية، مع المضي قُدُما في الإصلاحات القانونية المتماشية مع المبادئ العالمية لحقوق الإنسان”، لإطلاق توقعات راهنية بخصوص ما اعتبروه “اقترابا واضحا من المملكة لإلغاء عقوبة الإعدام من خلال تصريحها رسميا بضمان المقتضيات الأممية والدولية المتعلقة بتعزيز حقوق الإنسان”.
المغرب كشف ذلك على هامش المؤتمر الدولي الرابع عشر لوزراء العدل، الأسبوع الماضي، في روما حيث نظمت مؤسسة سانت إيجيديو الفعالية تحت شعار “عالم بلا عقوبة الإعدام”؛ غير أن الحقوقيين المنتمين إلى الائتلاف المغربي المناهض لهذه العقوبة عدّوا ذلك “مؤشرا من الممكن أن يسيرَ بالمملكة نحو المصادقة في دجنبر الجاري على القرار الأممي المتعلق بوقف التنفيذ”.
وعد بارز
مصطفى العراقي، عضو الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام، ثمّن هذا التصريح، وأشار إلى أن عبد اللطيف وهبي، الوزير الحالي للعدل، “تعهد أمام أعضاء الائتلاف حين كان أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة ببذل جهده كي نتخلص من عقوبة الإعدام من النصوص القانونية الوطنية”، مضيفا أن “المغرب، الذي يرأس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لسنة 2024، لا بد أن تخلو قوانينه من هذه العقوبة التي تمسّ أسمى الحقوق: الحق في الحياة”.
وذكر العراقي، ضمن حديثه لهسبريس، أن “مقاربة إشكالية عقوبة الإعدام يتعيّن أن تجد صدى مغايرا ضمن هذا القانون، وعلى رأسها الإلغاء التام”، معتبرا أن “تطبيق هذه العقوبة متوقف منذ أواخر القرن الماضي، ونحتاج فقط خطوة واحدة من أجل تغييب العقوبة من التشريع الوطني”، وقال: “نأمل الإلغاء ونتوقعه، ونتمنى أن يصوّت المغرب لصالح القرار الأممي المتعلق بوقف العمل بعقوبة الإعدام؛ فهذه الخطوة المفصلية في مسار الإلغاء”.
وطالب الفاعل الحقوقي في الدفاع عن الحق في الحياة وإنهاء عقوبة الإعدام بأن “يتقدم المغرب خطوة بدل التردد الذي يطبع تصويته؛ وذلك انسجاما مع سيرورة حقوق الإنسان، التي جرى تكريسها بمقتضى نص الدستور لسنة 2011″، خالصا إلى أن “تصريح وزارة العدل بمثابة مؤشر لا يقبل النقاش على وجود طرح رسمي جديد سيستدمج ربما النقاش العمومي والمجتمعي الذي امتد حول الموضوع وللتوصيات التي تمخضت عن هيئة الإنصاف والمصالحة”.
مبررات قوية
عبد الله مسداد، الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون العضو في الائتلاف ذاته، قال إنه “يتمنى انطلاقا من هذا التصريح الرسمي لوزير العدل أن يكون هناك إلغاء نهائي لهذه العقوبة السالبة للحياة التي توقفت العديد من الدول الديمقراطية عن تنفيذها أو حتى الحكم بها”، مسجلا أن “ما يبدو ممكنا في الوقت الحالي هو تنصيصُ القانون الجنائي المقبل على التقليص من الحكم بهذه العقوبة بشكل تدريجي”.
ولفت مسداد الانتباه، في تصريحه لهسبربس، إلى “توقعه القوي بأن يبادر المغرب بالمصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي والتصويت لصالح القرار الدولي لوقف التنفيذ خلال اجتماع اللجنة الثالثة”، معززا توقعه بكون البلد كفّ عن تنفيذ الإعدام منذ 1993؛ وبالتالي فليسَ هناك ما يمنع المغرب من اتخاذ هذه الخطوة التي اتخذتها دول مجاورة”، وزاد: “تصريحات كثيرة مطمئنة على المستوى الرسمي بالمملكة”.
وذكر المتحدث عينه موقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان بوصفه مؤسسة دستورية رسمية “لديها تصور واضح بخصوص الاتجاه نحو إلغاء هذه العقوبة”، معتبرا هذا الرأي “متجذرا ضمن متركزات الترافع المدني والحقوقي المغربي لأجل وقف القتل باسم القانون”، خالصا إلى “ضرورة العمل من أجل أن تغادر هذه العقوبة القانون الجنائي المغرب انسجاما مع السعي الدولي المنتصر لحقوق الإنسان، على رأسها الحق في الحياة”.
0 تعليق