جمعيات تستعجل تحسين الدعم العمومي المخصص لأطفال التوحد بالمغرب - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تواصلت جمعيات ناشطة في مجال رعاية الأطفال ذوي التوحد مع جريدة هسبريس الإلكترونية، معبّرة عن قلقها العميق إزاء ما وصفته بـ”الاختلالات البنيوية” التي تُعيق أداءها الميداني.

وأكدت هذه الجمعيات أن تأخر صرف الدعم العمومي، الذي يُفترض أن يشكل رافعة لبرامج التأطير والمواكبة، بات يتكرر سنويا؛ ما يجعلها تواجه صعوبات كبيرة في توفير الخدمات التربوية والتأهيلية لفائدة الأطفال المستفيدين.

وأضافت الفعاليات الجمعوية ذاتها أن أغلب الموارد البشرية العاملة في المراكز تفتقر إلى تكوين متخصص في التعامل مع التوحد، معتبرة أن غياب رؤية مؤسساتية واضحة وتكوينات مستمرة يعرقل بشكل مباشر دمج هذه الفئة في المنظومة التربوية والاجتماعية.

وطالبت الجمعيات ذاتها، في مراسلات تتوفر هسبريس على نسخ منها، بضرورة إرساء إطار قانوني خاص يُنظّم عمل الجمعيات العاملة في مجال التوحد، ويراعي خصوصية هذا الاضطراب في السياسات العمومية، سواء على مستوى التشخيص المبكر أو التكفل التربوي والصحي.

وشددت الفعاليات الجمعوية على ضرورة تخصيص موارد مالية قارة ومنصفة بدل الاكتفاء بدعم ظرفي لا يفي بحاجيات الأطفال والأسر، إلى جانب توفير تكوين مستمر للمؤطرين والمربين وتمكين الأسر من المواكبة النفسية والاجتماعية، معتبرة أن “أطفال التوحد يجب ألا يظلوا رهائن لنقص التمويل وتشتت المبادرات”.

ويتعلق الأمر بكل من جمعية إشراقة الأمل للتوحد بالحاجب وجمعية نور الحياة للأطفال التوحديين بمكناس، وهما إطاران جمعويان يشتغلان بإمكانيات محدودة ويُواجهان تحديات متصاعدة في تدبير خدمات الرعاية والتأهيل.

الدكتورة نزهة الرامي، وهي أخصائية تشارك في تأطير البرامج التربوية داخل الجمعيتين، أكد أن غياب الدعم العمومي المنتظم وعدم تخصيص منح سنوية كافية يُقوّض الجهود المبذولة ويُثقل كاهل الأسر التي تجد نفسها أمام مصاريف باهظة.

وأضافت الرامي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه الجمعيات لا تطالب بامتيازات؛ بل بحقوق بسيطة لضمان استمرارية رسالتها الإنسانية في مرافقة أطفال التوحد نحو الإدماج الممكن.

وأبرزت الأخصائية المشاركة في تأطير البرامج التربوية داخل الجمعيتين سالفتي الذكر أن واقع الجمعيات العاملة في مجال التوحد بالمغرب لا يزال يرزح تحت ثقل مجموعة من الإكراهات البنيوية التي تجعل الاستمرارية صعبة؛ بل أحيانا شبه مستحيلة.

وأوضحت المتحدثة عينها أن أغلب هذه الجمعيات تُدار بمجهودات تطوعية، وتعاني من ضعف التمويل، وغياب التكوين المتخصص للأطر العاملة، إلى جانب غياب مراكز التكفل المجهزة والملائمة في أغلب المدن، وهو ما يُكبّد الأسر معاناة مضاعفة.

وتابعت الرامي أن المشكلة لا تكمن فقط في الموارد؛ بل أيضا في غياب رؤية واضحة لدى الجهات الوصية بخصوص إدماج أطفال التوحد في النظام التربوي والصحي والاجتماعي، لافتة إلى أن “الأسر تشعر بأنها تُركت لوحدها، وأن أبسط الحقوق ما زالت رهينة بالإحسان أو المبادرات الفردية، بينما من المفروض أن يكون هناك التزام مؤسساتي دائم”.

وأكدت الأخصائية أن الوضع تفاقم أكثر بسبب تراجع قنوات الحوار مع الوزارة، قائلة: “في فترة الوزيرة السابقة عواطف حيار، كان هناك حوار مفتوح مع التحالف الوطني وبعض الجمعيات الوطنية الكبرى العاملة في المجال، وكانت هناك مؤشرات إيجابية على الاعتراف بخصوصية هذا الملف؛ لكن اليوم كل شيء بات معلقا أو غير واضح، والعديد من الجمعيات أصبحت في وضعية شلل جزئي بسبب غياب الدعم والتواصل”.

وختمت الرامي بالقول إن ما يحتاجه الملف اليوم هو “إرادة سياسية حقيقية لوضع استراتيجية شاملة لاضطراب طيف التوحد، تبدأ بالتشخيص المبكر، مرورا بالتكفل والتأطير، وصولا إلى الإدماج الفعلي في المدرسة والمجتمع، وهذا لن يتحقق إلا بإشراك الجمعيات التي تشتغل يوميا في الميدان وتعرف التفاصيل الصغيرة للواقع اليومي”.

تجدر الإشارة إلى أن غياب قنوات الحوار المؤسساتي بين الفاعلين في مجال الإعاقة والوزارة الوصية سبق التنبيه إليه في تصريحات سابقة لجريدة هسبريس الإلكترونية. كما سبق لنعيمة بني يحيى، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، أن حلت ضيفة على ركن “النازل” الذي تخصصه الجريدة، في إشارة إلى غيابها عن جلسات المساءلة البرلمانية وعدم انخراطها في النقاش العمومي المتعلق بقضايا فئات هشة تنتظر تواصلا فعّالا وتدبيرا منفتحا على الشراكة المجتمعية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق