دراسة: "الإكرامية" آلية تضامن وبناء شبكات فعّالة لعمال المقاهي بالمغرب - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

خلصت دراسة علمية حديثة النشر، همّت عشرات النادلين بالإضافة إلى زبائن ومديري مقاه مغربية، إلى أن “ممارسة الإكرامية في المقاهي الشعبية المغربية ليست فعلا اقتصاديا بسيطا، بل هي نظام طقوسي-اجتماعي معقد يعمل كآلية تحويل فاعلة تربط رأس المال النقدي بالرمزي والاجتماعي”.

وأكد التحليل المتكامل للبيانات التي توصلت إليها الدراسة المنشورة في “مجلة تنمية الموارد البشرية للدراسات والأبحاث”، التابعة للمركز الديمقراطي العربي، صحة الفرضية الأساسية من خلال الكشف عن نموذج تحويلي مزدوج يعمل على مستويين: داخليا حيث “تتحول الإكرامية عبر صندوق ‘البورصط’ إلى اقتصاد أخلاقي مصغر يعزز التضامن العضوي بين العمال”، وخارجيا حيث “تتحول الإكرامية إلى استثمار في الروابط الضعيفة” التي تمكن العمال من بناء شبكات خارجية.

واختارت الدراسة عينة مقصودة من المقاهي الشعبية في سياق حضري مغربي، شملت 250 عاملا شاركوا في استبيان مهيكل، و45 مقابلة معمقة همّت 28 عامل مقهى، و12 زبونا دائم، و5 مديرين للمقاهي، فضلا عن “اعتماد ملاحظة إثنوغرافية (ميدانية) لضمان صدق النتائج”.

وعلى المستوى الداخلي (لترابطي)، خلص معد الدارسة، محمد لعويد، دكتور باحث بمختبر التراب البيئة والتنمية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، إلى أن “صندوق البورصط”-المتواجد في 100% من العينة–يُجسّد “نموذجا لـ”اقتصاد أخلاقي مصغر”.

ووفق المصدر نفسه، تعبر الشهادة التالية عن هذا المنطق: “عندما أمرض وأتغيب عن العمل، أعلم أن حصتي من الصندوق ستصل إلي. نحن نحمي بعضنا البعض، لأن لا أحد آخر سيفعل ذلك”؛ إذ اعتبر الباحث أن عبارة “نحن نحمي بعضنا البعض” تختصر عقدا اجتماعيا داخليا يصمد في مواجهة هشاشة علاقات السوق السائدة.

وأضاف: “يعمل هذا الصندوق (البورصط) كطقس جماعي يعزز التضامن العضوي بين العمال، حيث يُدرك 82% منهم عدالة التوزيع، مما يخلق شبكة أمان غير رسمية تتحدى المنطق الفرداني للسوق”.

أما على المستوى الخارجي (التجسيري)، فـ”تتحول الإكرامية إلى استثمار في الروابط الضعيفة”؛ إذ أفاد 67% من العمال ببناء شبكات خارجية، وحصل 45% على فرص عمل عبر هذه القنوات.

واعتبر الباحث أن “هذا يثبت فعالية الشبكات الشخصية فى تعويض قصور المؤسسات الرسمية في سياق الاقتصاد غير المنظم”.

وقد “أفاد 85% من المشاركين بتصنيف الإكرامية في إطار ‘الواجب الأدبي’ أو ‘تعبير عن التقدير'”، مما يؤشر، في نظر الباحث، إلى “تجذر هذه الممارسة في النسق القيمي السائد”.

وأوصت الدراسة بالاستفادة من كفاءة الشبكات غير الرسمية، من خلال تطوير “تطوير منصات رقمية تربط هذه الشبكات بفرص التشغيل الرسمية، وإدماج المقاهي الشعبية كفضاءات معترف بها في برامج الإرشاد المهني”.

ودعت إلى “دعم المؤسسات التضامنية غير الرسمية من دون إخضاعها لبيروقراطية معطلة، وتصميم برامج تأمين صحي تعاوني للعاملين في القطاع غير المنظم مستلهمة من هذه النماذج المحلية (صندوق البورصط)”.

أما على المستوى المؤسسي، فقد نادت الدراسة بـ”تطوير برامج تدريبية في ريادة الأعمال ومحو الأمية الرقمية للعاملين، مستفيدة من شبكاتهم القائمة، وتعزيز البحث الأكاديمي في الاقتصاد غير المنظم عبر برامج متعددة التخصصات”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق