يُعدّ غاز أحادي أكسيد الكربون، الناتج عن احتراق غير كامل لغاز البوتان، من أخطر الغازات السامة التي تهدد سلامة الإنسان في محيطه المنزلي والمهني على حدّ سواء؛ إذ لا يكاد يمر أسبوع دون تسجيل حالات اختناق مميتة بسبب سخانات الماء أثناء الاستحمام داخل المنازل.
وشهدت مدينة مرتيل، مؤخرا، فاجعة جديدة تمثلت في وفاة طالبة جامعية ونقل زميلتها في السكن إلى المستشفى في وضعية حرجة، في حادث أعاد إلى الواجهة النقاش حول مخاطر التركيب العشوائي للسخانات وغياب التهوية اللازمة، إلى جانب استمرار انتشار معتقدات خاطئة ما تزال تحصد أرواح الأبرياء.
معتقدات شائعة
قال الدكتور أنس البوقداوي، طبيب المستعجلات بالفنيدق، إن السبب الحقيقي وراء حالات الوفاة والاختناق يعود إلى غاز أحادي أكسيد الكربون، وليس إلى تسرب غاز البوتان مع الماء كما يعتقد بعض الناس.
وأوضح الدكتور البوقداوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن غاز البوتان يتميز برائحة نفاذة تسهِّل اكتشاف أي تسرب محتمل، في حين إن غاز أحادي أكسيد الكربون عديم اللون والرائحة، وينتج عن عملية الأكسدة الجزئية للمركبات العضوية مثل الفحم، خصوصا في حالات نقص الأوكسجين أو عند الاحتراق بدرجات حرارة مرتفعة جدا.
وأورد الطبيب ذاته أن خطورة هذا الغاز (CO) تكمن في قدرته على الارتباط السريع بالهيموغلوبين في الدم، مانعا بذلك انتقال الأوكسجين إلى الخلايا والأنسجة الحيوية، وهو ما يؤدي إلى الدوار وفقدان الوعي ثم الوفاة في حال التعرض له لفترة وجيزة داخل أماكن مغلقة تفتقر إلى التهوية، مشددا على أن الخطورة تزداد عند استعمال السخانات في الحمامات أو المطابخ الصغيرة بدون منافذ هواء كافية، حيث يتراكم الغاز تدريجيا.
وأكد المتحدث أن غاز أحادي أكسيد الكربون يعد من أكثر الغازات سمّية، ما يستدعي تصحيح المفهوم الخاطئ القائل بأن الغاز يتسرب مع الماء ويتسبب في الوفاة أو الاختناق، مع تعزيز الوعي بأهمية التركيب المهني الجيد للسخانات وضمان التهوية الدائمة داخل المنازل.
وشدد البوقداوي على أن الخطر الحقيقي الذي قد يؤدي إلى خسائر في الأرواح جراء استعمال سخانات الماء الغازية لا يكمن في الجهاز ذاته، بل في طريقة تركيبه داخل المنازل، موردا أنه غالبا ما يتم العمد إلى تثبيت السخان داخل أماكن مغلقة، مما يرفع من احتمال الاختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون الناتج عن الاحتراق غير الكامل.
وأوضح المصدر ذاته أن هذا الخطر يتفاقم أكثر بسبب غياب التقنيين المختصين في عمليات التركيب؛ إذ غالبا ما تُركّب هذه الأجهزة بطريقة عشوائية لا تحترم المعايير التقنية المطلوبة لضمان التهوية الكافية وتثبيت أنابيب تصريف الغازات بشكل سليم، وهو ما يجعل أبسط خلل في التشغيل سببا مباشرا في وقوع حوادث مأساوية.
0 تعليق