من المرتقب أن يستفيد منتجو الخضراوات الأساسية بالمملكة من الدعم الاستثنائي الحكومي للسنة الثانية على التوالي خلال الموسم الفلاحي الحالي، ويهم أساسا منتجات البطاطس والطماطم والبصل، بغرض ضمان احتياجات السوق الوطنية من هذه الخضراوات التي عرفت أسعارها ارتفاعا صاروخيا في وقت سابق قبل أن تستقر اليوم.
وبحسب ما كشفه مؤخرا أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بمجلس النواب، فإن “الوزارة ستواصل، للسنة الثانية تواليا، تشجيع زراعة البطاطس والطماطم والبصل على مساحة متوقعة تصل إلى 110 آلاف هكتار خلال الموسم الفلاحي الجديد”، الأمر الذي يعرف نقاشا في صفوف المهنيين أنفسهم.
ولا يختلف هؤلاء المهنيون في كون هذا الدعم “يساهم في توفير إنتاجية مهمة من هذه الخضراوات الأساسية لفائدة المواطنين المغاربة”، غير أنهم يشيرون إلى أن “أصحاب الرساميل يستغلون فرص وجود هذه المواد بالسوق بأسعار بخسة من أجل إعادة تسويقها بأسعار أعلى، في حين إن هامش ربح المنتج يبقى دائما غير محفز على إعادة الإنتاج”.
في هذا الصدد، قال أيوب هرشمين، فلاح بجماعة عين تمكناي بإقليم صفرو، إن “الإبقاء على الدعم بالطريقة والقيمة نفسيهما لا يعتبر حلا نهائيا، بل إن الحل الناجع يجب أن يكون شاملا لعملية التسويق كذلك، ذلك أن الفلاحين لا يستفيدون شيئا على العموم، بالنظر إلى الإشكاليات التي يعرفها السوق، بما فيها تدني أسعار البيع بالجملة”.
وأضاف هرشمين في تصريح لهسبريس: “استفدنا فعليا كفلّاحين خلال السنة الماضية من دعم البصل بأربعة آلاف درهم عن كل هكتار ودعم البطاطس كذلك بحوالي 7 آلاف درهم. وعلى الرغم من أن ذلك ليس حلا نهائيا، إلا أننا نأمل أن يتم الرفع من قيمة دعم البصل ليصل إلى مستوى نظيره الخاص بالبطاطس”.
وذكر أن “إنتاج البصل صار مكلّفا بفعل ارتفاع تكاليف الغاز المستعمل من قبل الفلاحين الصغار أساسا ممن لا يستخدمون الطاقة الشمسية. فعلى العموم، هناك تريث من الفلاحين في خوض مغامرة الإنتاج من جديد على مساحات كبرى، على اعتبار أن السوق غير متوازن وغير مربح”، موردا أنه “إذا ظهر لفصيل منهم أن هذا الأمر لم يعد ينفع، فمن المنتظر أن يتحولوا إلى أصناف أخرى من الخضر أو حتى الفواكه”، مع تأكيده أن “معالجة إشكالية التسويق يجب أن تكون جزءا من الحل”.
من إقليم صفرو إلى إقليم بنسليمان حيث أوضح سعيد، وهو من المزارعين المحليين المتخصصين في إنتاج الخضراوات الأساسية، على رأسها البصل، أنه يتمسّك بمسألة “دعم الفلاحين لإنتاج هذه الخضراوات، ذلك أن هذه العملية أحسن من لا شيء بالنسبة للفلاحين في نهاية المطاف؛ فالدعم يساعد في الأساس على الإنتاج”، وفق تعبيره.
وأضاف سعيد، مصرحا لهسبريس، أن “تمسّكنا بالدعم لا يعني أن الأمور كلها جيدة، بل إن إشكالية التسويق تبقى معقدة نظرا لوجود السماسرة الذين يسيطرون على قنوات تصريف الإنتاج، في حين يبقى المنتج غير معني بأي مردودية إيجابية يمكن أن يكشف عنها الموسم الحالي”.
وأشار المتحدث إلى أن “اعتماد المرونة فيما يتعلق بالتصدير إلى الخارج، من بين عوامل ضمان الرواج لدى المهنيين، إذ إن السوق يكون وقتها متحركا نوعا ما ومربحا كذلك بالنسبة لنا كمهنيين”، متشبثا في الأخير بـ”أهمية توفير هذا الدعم بالنسبة للفلاحين المنتجين للخضراوات الأساسية”.
في سياق متصل، تمسّك الحسين أضرضور، رئيس الفيدرالية البيمهنية لمنتجي ومصدّري الخضر والفواكه بالمغرب، بدوره بـ”أهمية هذا الدعم الذي تقدمه الدولة للمنتجين من أجل ضمان إنتاج الخضراوات الأساسية كالبصل والطماطم والبطاطس، بالنظر إلى أن ذلك أدى إلى انخفاض الأثمنة بشكل كبير على مستوى أسواق الجملة”.
وأكد أضرور، في تصريح لهسبريس، أن “الفلاح فعلا لا يستفيد كثيرا من وضعية السوق، إذ إن إشكاليات قنوات التوزيع والوسطاء لم يتم إلى حدود الساعة ابتكار تدابير لحلحلتها، كما أن السماسرة هم الذين يستفيدون بدرجة أولى في هذا الصدد”، مستبعدا في السياق ذاته أن تكون مسألة التصدير إلى الخارج باعتماد نظام “الكوطا” بمثابة إشكالية كبرى بالنسبة للفلاحين.