في قلب جبال الأطلس المتوسط تتألق بحيرة أكلمام أزكزا، المعروفة بـ “البحيرة الخضراء”، كواحدة من أجمل وأكثر المواقع الطبيعية سحرا في المغرب. تقع البحيرة بإقليم خنيفرة، وهي محاطة بغابات الأرز الشامخة، التي ترسم إطارا طبيعيا ساحرا يجذب عشاق الطبيعة والمغامرة.
تم تصنيف البحيرة كموقع ذي أهمية بيولوجية واستثنائية، حيث تتميز بتنوع بيئي فريد بفضل الغابات الكثيفة المحيطة بها، والمكونة أساسا من أشجار الأرز. وهي توفر موطنا لأنواع نادرة من الطيور والحيوانات، مما يجعلها ملاذا مثاليا لمحبي الحياة البرية والمصورين البيئيين.
يقول أحمد مرنيسي، الفاعل الجمعوي الناشط بإقليم خنيفرة، إن “البحيرة ليست مجرد مكان طبيعي فقط، بل جزء من تراثنا البيئي، ونريد أن يتعرف عليها العالم كواحدة من أجمل البحيرات في المغرب”. وهذا ما يؤكده الاهتمام المتزايد بالموقع، خاصة مع اقتراب المغرب من استضافة كأس العالم 2030، يضيف المتحدث ذاته.
الفرصة السياحية تبدو واعدة، حيث ترى فاطمة تماسوت، الناشطة البيئية، أن “البحيرة تحمل إمكانيات كبيرة للسياحة البيئية المستدامة”، مشيرة إلى أن الموقع يوفر للزوار تجربة فريدة من نوعها، حيث يمكنهم المشي في الغابات المحيطة، ومراقبة الحياة البرية، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة.
ويسعى الفاعلون المحليون جاهدين إلى التعريف بأهمية البحيرة بيئيا، وتطوير بنيتها التحتية السياحية، وجذب السياحة الخارجية، مع الحفاظ على التوازن البيئي. والهدف بالنسبة لهم ليس مجرد جذب السياح، بل خلق نموذج مستدام للسياحة البيئية يحترم الطبيعة ويحافظ على خصوصيتها.
ورغم التحديات تبقى بحيرة أكلمام أزكزا فضاء سياحيا واعدا، فهي تنتظر زوارها لتقدم تجربة فريدة تجمع بين الجمال الطبيعي والهدوء الساحر وسط غابات الأرز الخضراء وأحضان جبال الأطلس المتوسط. إنها أكثر من مجرد بحيرة، بل قصة طبيعة حية تنبض بالجمال والتنوع، حيث يمكن للزائر أن يستمتع بهدوء المكان، الذي تتناغم فيه أصوات الطيور مع خشخشة أوراق الأشجار، وتلتقط عدسات المصورين لحظات نادرة من الحياة البرية.
الموقع يمثل نموذجا متكاملا للسياحة البيئية المستدامة، يقول أحمد، أحد أصحاب المقاهي المحدثة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مضيفا أنه يمكن للزوار الاستمتاع بالطبيعة دون الإضرار بها، حيث إن المنطقة تحتضن تنوعا بيولوجيا مذهلا، مع أنواع نادرة من النباتات والحيوانات التي تجعل من كل زيارة تجربة فريدة وممتعة.
ومع اقتراب استضافة المغرب لكأس العالم 2030 تزداد الآمال في تسليط الضوء على هذه الجوهرة الطبيعية، التي تمتلك من المقومات السياحية ما يجعلها وجهة عالمية تجمع بين الجمال الطبيعي والتراث الثقافي الغني للمنطقة.
ويرى عدد من المستفيدين من أوراش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ببحيرة أكلمام أزكزا أن التحدي الأكبر أمام المسؤولين والفاعلين المحليين هو خلق توازن دقيق بين التنمية السياحية والحفاظ على التوازن البيئي، مبرزين أن بحيرة أكلمام أزكزا ليست مجرد موقع سياحي، بل إرثا طبيعي يستحق الحماية والاهتمام.
ويعود تاريخ تأهيل بحيرة أكلمام أزكزا إلى أواخر التسعينيات حين بدأت السلطات الإقليمية بالاهتمام بالموقع كمحمية طبيعية، وفي عام 2003 صدر أول قرار رسمي لحماية المنطقة البيئية، وتم تخصيص ميزانيات أولية لدراسة التنوع البيولوجي للبحيرة.
وخلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2010 نفذت وزارة البيئة برامج مسح شاملة للمنطقة، وصنفتها موقعا ذا أهمية إيكولوجية استثنائية، وفي عام 2015 تم إطلاق مشروع تطوير شامل (ممول من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وشركاء آخرين) يهدف إلى حماية البحيرة وتهيئتها كموقع سياحي بيئي مستدام، شمل ترميم المسارات الطبيعية، وإنشاء مراصد للحياة البرية، وتركيب لوحات تعريفية للزوار. هذه الجهود المتواصلة جعلت البحيرة اليوم نموذجا متقدما للسياحة البيئية في المغرب.