كما هو الحال كل سنة مازال الأساتذة الملتحقون حديثا بقطاع التعليم ينتظرون صرف الأجر الخاص بالأشهر الأولى من عمهلم المرتبط بنموذج “الرابيل”، الذي عادة ما يتم صرفه بعد استيفاء مدة معينة تزيد في بعض الأحيان عن ثلاثة أشهر؛ الأمر الذي ينطبق على موظفين عموميين بقطاعات أخرى.
ورغم عدم تفرّدهم بهذا المعطى إلا أن الفاعلين في قطاع التربية والتعليم يعتبرون أنه “لا بد من إعمال نوع من المرونة في هذا الصدد من أجل دعم الأساتذة الجدد الملتحقين بالعمل حديثا بعد اجتيازهم مرحلة التكوين بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين، على اعتبار أن خصوصية المهنة ترتبط عادة بالاشتغال بمناطق جغرافية بعيدة، إلى جانب وجود مسلتزمات خاصة بالعمل المهني؛ ما يستوجب ميزانيات مهمة وتقاضي الأجر بعد أداء المهام”.
ويبلغ عدد الأساتذة الجدد الملتحقين بعملهم داخل المؤسسات التعليمية خلال هذا الموسم الدراسي 18 ألفا من بين حوالي 288 ألف أستاذ وأستاذة يسهرون بمؤسسات التعليم العمومي على تربية وتعليم أزيد من 8 ملايين و112 ألف تلميذ وتلميذة، وذلك وفقا لما سبق أن كشفت عنه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
في هذا الصدد قال عبد الإله الجابري، فاعل نقابي عضو اللجنة الإدارية للجامعة الوطنية للتعليم ـ التوجه الديمقراطي، إن “الإدارة عادة ما تتحجج بمسألة معالجة الملفات وبأن ذلك يحتاج إلى وقت معين بالنسبة للأساتذة الجدد، ما ينتج هذا الوضع الذي مازال يشكل نقطة يجب أن تحظى بمزيد من النقاش”.
الجابري أوضح لهسبريس أنه “من المعروف جدا أن قضاء هذه المدة في انتظار صرف الراتب الأول لا يعفي من وجود نفقات خاصة بالسكن والتنقل وأمور أخرى، منها ما هو مهني وما هو شخصي كذلك، بما يعني أن الأساتذة الملتحقين حديثا بالقطاع يعيشون الإشكالية نفسها كل سنة”، متسائلا عن “المانع من أن تسوى وضعيتهم المالية بشكل مباشر خلال أشهرهم الأولى في العمل بالمؤسسات التعليمية”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “المسألة تتعلق أساسا بانتظار الأساتذة الجدد لما يزيد عن ثلاثة أشهر أو أكثر من أجل التوصل بأول أجر لهم، بينما تكون لديهم التزامات مهنية وشخصية لا تحتمل الانتظار أو التأجيل من أجل تسويتها”، مردفا: “ما دام الأساتذة حاليا يخضعون للتدبير الجهوي من طرف الأكاديميات فإن ذلك يعطي فرصا من أجل حل هذه النقطة بتنسيق مع مصالح المالية”.
من جهته قال فيصل العرباوي، فاعل تربوي، إن “مدة انتظار الأساتذة الجدد صرف الراتب الأول تبقى دائما طويلة، وهو ما لا يساهم في اندماج هؤلاء مهنيا بشكل سلس، إذ يجدون أن تسوية وضعيتهم الأجرية رهينة بصرف الراتب الأول الذي يضم تقريبا ما يصل إلى أربعة أشهر”.
وأضاف العرباوي، في تصريح لهسبريس، أن “راتب الأشهر الأولى يمكن تشبيهه بمنحة يتم صرفها من أجل أداء الديون التي تحصّل عليها الأستاذ الجديد من الأبناك أو من زملاء له”، وزاد: “مدةُ الانتظار هذه تقلصت بشكل كبير بعدما كانت تزيد عن السنة في أوقات سابقة، لكن ذلك لا يعني أن المنهجية المعتمدة حاليا تساعد الأساتذة حديثي العمل على الاندماج بشكل سريع”.
وتابع المتحدث ذاته: “نتحدث في نهاية المطاف عن كتلة بشرية مهمة نعول عليها لتحقيق المردودية، وتكون مطالبة بأن تنضبط بشكل دقيق خلال هذه الفترة كلها من سنتها الأولى بالميدان”، مؤكدا في الأخير أن “تقليص مدة الانتظار سيكون ذا قيمة إيجابية لفائدة هذه الفئة، رغم أن هذه المدة أو أقل منها معمول بها حتى في قطاعات أخرى”.