جرى تكريم المحاربين المغاربة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل حرية فرنسا خلال حفل أقيم نهاية الأسبوع في بلدية فريلان، بالقرب من كولمار في إقليم الألزاس، لإحياء الذكرى الثمانين لتحرير الإقليم من الاحتلال النازي.
وأظهر هؤلاء المحاربون المغاربة، الذين تم تجنديهم لتنفيذ عمليات محفوفة بالمخاطر غالبا ما كانت في الخطوط الأمامية وفي ظروف قاسية، شجاعة وبسالة استثنائية في الدفاع عن قيم الحرية والإخاء، وقد لعبوا دورا رئيسيا في تحرير فرنسا وتركوا بصماتهم في التاريخ من خلال التزامهم وأعمالهم البطولية.
وشهد الحفل التأبيني حضور دبلوماسيين، ونواب، ومنتخبين محليين، إلى جانب شخصيات مدنية وعسكرية؛ إضافة إلى قدماء المحاربين وعائلاتهم وممثلين عن المجتمع المدني.
وبهذه المناسبة أعرب نائب القنصل العام للمغرب في ستراسبورغ، عبد العزيز العلمي، عن امتنان المملكة وتقديرها لهؤلاء الأبطال، مشيرا إلى أنه يتعين العمل على مواصلة “واجب الذاكرة” لدى الأجيال الجديدة، وتكريمهم، وموردا أن مساهمتهم في تحرير فرنسا تظل شهادة على الشجاعة والإنسانية.
وقال العلمي في هذا الصدد: “لقد دفع هؤلاء الرجال، هؤلاء المحاربون المغاربة، ثمنا باهظا من أجل حرية فرنسا؛ لقد ضحوا بأرواحهم تاركين وراءهم عائلاتهم ووطنهم ليقاتلوا إلى جانب الفرنسيين من أجل السلام وكرامة البشرية”، مشددا على أهمية نقل هذا التراث إلى الأجيال القادمة.
من جهته أبرز عمدة فريلان، جان لوي بارلييه، عزيمة وبطولة المحاربين المغاربة الذين قاتلوا في غابات الألزاس، مؤكدا أن “هؤلاء الرجال البواسل تميزوا بعمليات التمويه الواسعة التي قاموا بها، حيث ساهموا بشكل كبير في القضاء على العدو واستعادة أراضينا”.
وسلط بارلييه الضوء على انتصارات وشجاعة هؤلاء المحاربين المغاربة الذين شاركوا في المعارك الممتدة من كورسيكا إلى جزيرة إلبا، مرورا بصقلية ثم بروفانس، مضيفا أنه عندما اندلعت حرب الهند الصينية تم إرسالهم مرة أخرى إلى مسرح العمليات بين 1948 و1954، حيث دفعوا ثمنا باهظا في خدمة فرنسا.
كما قال جان ماري سكوتون، رئيس “لا كوميا”، جمعية المحاربين المغاربة القدامى وشؤون الأجانب في فرنسا: “علينا أن نتذكر أننا مدينون بحريتنا لهؤلاء المحاربين المغاربة الذين أذهلت شجاعتهم الحلفاء وأرعبت العدو”.
وأضاف: “لقد كتبوا صفحة مشرقة في التاريخ المشترك للمغرب وفرنسا. إن أخوة السلاح التي جمعت آباءنا في ذلك الوقت هي جزء من الصداقة الفرنسية المغربية اليوم”، مشددا على أهمية أن “تحرص الأجيال الشابة على إحياء هذه الذكرى وتكريم هؤلاء الرجال الذين ضحوا بأرواحهم دفاعا عن قيم العدالة والحرية والتضامن والتسامح”.
وتميز الحفل بترديد نشيد “Chant des Tabors”، الذي كان الجنود المغاربة يرددون فيه العبارة الشهيرة “زيدو لقدام” لتحفيزهم أثناء العمليات العسكرية.
ومازالت هذه الأنشودة رمزا لشجاعة المحاربين المغاربة، تؤدى في المراسيم التأبينية والاحتفالات العسكرية تكريما لبطولاتهم.
وكان المحاربون المغاربة مثالا يحتذى به في الشجاعة والإخلاص، حيث خاضوا معارك شرسة في مناطق وعرة وغالبا ما كانوا في الصفوف الأمامية؛ وقد ساهموا بشكل حاسم في تحقيق انتصارات مفصلية، مقدمين أرواحهم قربانا للدفاع عن حرية فرنسا.